مهرجان دبي لمسرح الشباب يستثمر في المواهب الواعدة

شكل فوز مسرحية “ألف ليلة وديك” التي ألفها طلال محمود، وأخرجها مروان عبدالله بأفضل إخراج في الدورة 22 من أيام الشارقة المسرحية 2012 أحد النتائج المباشرة

 

لمهرجان دبي لمسرح الشباب، حيث كان مروان عبدالله أبرز الوجوه المسرحية الصاعدة التي عبرت عن نفسها من خلال الفرصة التي وفرها لها المهرجان، وتمثلت في إطلاق مواهب الشباب لكي يأخذوا زمام المباردة ويقدموا أفضل ما عندهم من إبداعات، فعلى مدى دورات المهرجان الذي انطلق في عام 2006 كان مروان عبدالله حاضراً بقوة في التمثيل والإخراج وحصل على جوائز عدة، ومن ثم عدّ دخوله مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وهو حلبة المسرحيين “الكبار” كما يقال، نجاحا لأهداف مهرجان الشباب الذي أراد تحرير تلك الطاقات والوصول بها إلى مستوى الاحتراف، وكسر احتكار الكبار للساحة .


ليس مروان عبدالله وحده هو الذي برز في أيام الشارقة المسرحية قادماً من مهرجان دبي لمسرح الشباب، فهناك زميله الكاتب الطموح طلال محمود أيضاً، والذي عرضت بعض مسرحياته في مهرجان الشباب، وقد فازت مسرحية “عمبر” بجائزة أفضل عمل متكامل في الدورة الثانية من مهرجان دبي لمسرح الشباب، وحصل هو عنها على جائزة أفضل نص مسرحي في الدورة نفسها، كما حصل في الدورة الثالثة من المهرجان على جائزة أفضل عمل متكامل عن نصه “المسرحية”، ما شجعه على مواصلة المغامرة، وحفزه على تكثيف حضوره في مناسبات أخرى كمهرجان الشارقة للمسرح المدرسي ويبدو باب التطوير والعطاء مفتوحا أمامه .


وتشتمل لائحة الشباب الذين برزوا في مهرجان دبي لمسرح الشباب الأسماء اللامعة في السنوات الأخيرة، ففي مجال الإخراج والديكور هناك مرتضى جمعة وحسن يوسف وحميد المهري وحمد عبدالرزاق وعبدالله الرشدي وعبدالله بن حيدر وعبدالله مسعود وعامر سالمين وإبراهيم حيدر وجاسم الخراز، وفي مجال التمثيل هناك بدور محمد وأيمن الخديم ومحمد إبراهيم وصوغة وإبراهيم أستادي ونواف المطروشي وعليا المناعي، إضافة إلى أسماء أخرى كثيرة، تترسخ وتزداد تألقاً مع كل دورة جديدة من دورات هذه التظاهرة الشبابية، مما يعني أن الساحة أصبحت تتوفر على مواهب جديدة وطاقات في طور التطوير والإعداد لاستلام زمام المبادرة، ومواصلة طريق العطاء في هذا الميدان، وهذا يطمئن إلى مستقبل هذا الحقل الثقافي الذي يحتاجه المجتمع حيوياً ومؤثراً .


إن الخطوة الأولى في طريق احتراف هؤلاء قد أنجزت لأن مهرجان دبي للشباب وفر لهم الظروف للتعبير عن مواهبهم وإبراز إمكانياتهم، لكن الخطوة الثانية التي ينبغي إنجازها هي متابعة هذه الطاقات وتنميتها عبر برامج تدريبية خاصة تستهدف أولئك الموهوبين الذين حصلوا على جوائز في المهرجان، ومسؤولية المؤسسات الرسمية والأهلية أن توفر برامج التدريب والدعم، فلا يكفي الفوز ولا دخول مهرجان أيام الشارقة لكي يكون الشاب أو الشابة قد بلغ درجة الاحتراف، بل ما زال هناك الكثير الذي يمكن من خلاله مساعدتهم على رفع مستويات أدائهم، وتوسيع مداركهم وفهمهم للظاهرة المسرحية، وذلك لا يتأتى إلا بتدريب مكثف ودراسة معمقة للمسرح .


قد يكون الممثل المسرحي أقدر على مواصلة المشوار من دون كثير عناء، بحكم أن عامل الموهبة والتدرب ميدانياً في بروفات العروض، وتلقينه الدور من قبل المخرج كل ذلك يساعده على أداء دوره عند وقوفه على الخشبة، لكنّ المشكلة تبقى متعلقة بالشاب الذي يتصدى للإخراج أو للكتابة المسرحية، فهذان لن تكفيهما الموهبة ولا الإشراف في الوصول إلى الاحتراف أو الإبداع، لأن جزءاً كبيراً من عملهما يرتكز على الثقافة المسرحية المعمقة، حيث يحتاج المخرج إلى إلمام معمق بتاريخ المسرح وإنجازاته، وطرائق التفكير التي يتبعها المخرجون، والمدارس البارزة في هذا المجال، وهو إن لم يلم بذلك فلن يصل إلى درجة الإبداع، كما أنه يحتاج إلى معرفة عميقة بالأدب المسرحي وبأساليب اللغة لكي يستطيع أن يفهم النص ويقف على قيمته، والأمر نفسه يقال عن الكاتب المسرحي الذي يحتاج بدوره إلى معرفة أدبية معمقة، وخبرة بالكتابة، وقد أظهرت التجربة الميدانية النقص الكبير الذي يعانيه معظم هؤلاء الشباب في تلك الجوانب، وحاجتهم إلى التأسيس الأكاديمي، وكثيرة هي الوسائل التي يمكن عبرها تلبية تلك الجوانب، سواء بالابتعاث أو بتنظيم ورش أكاديمية مصممة بشكل خاص لهذه الفئة، أو بافتتاح مركز تدريب وتأهيل مسرحي كما توصي بذلك المهرجانات بشكل دائم .

 

الشارقة – محمد ولد محمد سالم:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *