مسرحية «في الانتظار» ترسم عالم ما بعد «الربيع العربي»

عادة عندما يتم تقديم عرض مسرحي، للمرة الثانية، يظهر سؤال ما الجديد فيه.إن لم يكن السؤال: لماذا يتم تكرار العرض أصلا؟. هذا ما دار بخلد الجمهور الذي ذهب الى المركز الثقافي الملكي لمشاهدة مسرحية «في الانتظار» للمخرج محمد الضمور ضمن امسيات مهرجان جرش الرمضانية.

المخرج الذكي وهو ما يتمتع به الفنان والمخرج محمد الضمور قدم في «في انتظار..ه» رؤية عن الواقع العربي في مرحلة ما يسمّى «الربيع العربي». وان كانت المسرحية التي كتبها هزاع البراري تجاوزت ذلك الى مرحلة «ما بعد الربيع العربي» الى الخلافات التي نشأت وتنشأ عادة بين الثائرين، كل حسب اهدافه ومراده من هذه «الثورة». وما بين الفنتازيا والسخرية وواقعية الحوار جاءت مسرحية» الضمور/ البراري»، مجسدة واقعا مريرا تشابكت خطوطه جعل ابطال المسرحية يبحثون وراء «حلمهم» بشتى السيل والطرق.

دهشة النص

ورغم ان بعض الذين حضروا المسرحية، سبق وان شاهدوها اكثر من مرة ومنهم من شاهدها للمرة «الثامنة»، الا ان براعة التمثيل والحوار، مع دهشة السينوغرافيا أسهمت في عدم الشعور بالتكرار والملل. اما الذين شاهدوا لأول مرة فقد استحوذت الافكار التي طرحها المؤلف والتي جسده المخرج في مشهدية بصرية مع المؤثرات الموسيقية والاضاءة التي جاءت معبرة عن حلم الابطال. وتنافس ابطال العمل:رانيا الفهد و زيد خليل مصطفى و حنين العوالي و عبدالله كيوان و خليل ابو حلتم و: عمر الضمور والطفلة المبدعة : بتول الضمور. في ابراز مواهبهم كل حسب دوره، وهو ما جعل العمل أكثر عذوبة مما يتوقع من يقرأ العنوان لأول مرة. وحتى دون ان يعقد مقاربة او مقارنة بين المسرحية التي حملت عنوانا مشابها واعني « بانتظار غودو» للايرلندي صمئيل بيكيت الشهيرة التي تختلف وتلتقي انسانيا مع مسرحية» محمد الضمور». الذي قدم الجديد في عرضه» الثامن» إذْ سبق للمسرحية وشاركت في مهرجان المسرح وعرضت بضع مرات ربما في ذات المكان، إذْ ظهرت على يسار المسرح «مترجمة لغة الاشارات» كما نرى في بعض نشرات الاخبار وهي موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة من الصم. وجاءت مثيرة للضحك وتحمل دهشة التعبير عن الجدال بين اصحاب الاراء المختلفة. وقدم العمل للجمهور الزميل رسمي محاسنة .

رأي المؤلف

وهنا نسترجع بعضا مما قاله المؤلف هزاع البراري عن عمله إذْ قال: «ان نص في الانتظار جاء مختلفاً شكلاً ومضموناً ولغة عن مسرحياتي الاخرى، فهو نص مكتوب بالمحكية الرشيقة، ويمتاز ببنية لغوية تعتمد المفردة العامية السهلة والقريبة من التصوير الشعري، ما يسهم في زيادة فاعلية الممثل على الخشبة، ويقرب المسرح الجاد من الناس بمختلف مستوياتهم الفكرية والثقافية، وهذا أول نص أكتبه باللهجة الأردنية.

ولفت البراري الحائز على جائزة أبو القاسم الشابي للنص المسرحي، إلى أن نص مسرحية في الانتظار يستلهم الربيع العربي بمعالجة فنية وفكرية بعيدة عن المباشرة والخطابية، والخطابات الموجهة، وهي فكرة جاءت ثمار حوار بيني وبين المخرج المسرحي الصديق خليل نصيرات، الذي اسهم كثيراً في فكرة النص.

واضاف: وبما أن الكتابة والفن هما في الأساس موقف اتجاه أحداث الواقع، فقد حمل العمل إضاءات مراجعة وتقييم وجردة محاسبة فنية/ فكرية خاصة بعد مرور أكثر من عامين على هذا الربيع، الذي أنتج أسئلة أكثر من تقديمه إجابات عن ماضٍ قريب متهرئ، وعن واقع حالي غامض وملبد بالمخاوف، لذا جاءت مفاصل النص لتغوص في هذه المفاصل المهمة والحساسة، دون محاولة إصدار أحكام قيمة، إنما محاولة تقديم حالة مسرحية حية، تتماس مع واقع الناس وحالتهم الآنية.

وعن بيئة النص المكانية والزمانية قال الكاتب البراري: «تجري أحداث المسرحية في محطة ما، قد تكون محطة قطار أو موقف حافلات أو صالة مطار، أي في مكان متغير وقلق، تغيب عنه صفة الاستقرار، فالأشخاص عابرون متنقلون، والأحداث غريبة وغير متوقعة، والزمن يبدو مسطحاً وعلى عجلة من أمره.

 

 

الدستور ـ طلعت شناعة

http://www.addustour.com

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *