الجميلة والوحش فقد اهتمام المسئولين ففقد حماس المشاهدين

إلي متي النظر إلي مسرح الأطفال علي أنه مجرد لعب عيال وليس مجالا للتعبير الفني الراقي؟‏!..‏ هذا السؤال خطر علي بالي وأنا أشاهد عرض الجميلة والوحش المقام حاليا علي مسرح متروبول للمؤلف ناصر محمود والمخرج محمود حسن‏

فعلي الرغم من الجهد المبذول إلا أنه جاء من وجهة نظري أقل من المرجو وقد تكون الأسباب راجعة إلي بيروقراطية إدارية وضغط في الإنفاق أدي إلي ظهور العرض بهذا المستوي الذي لم يحظ بالقبول من المشاهدين كبارا وصغارا.

قصة عالمية تحمل نفس الاسم سبق طرحها سينمائيا بطريقة الكارتون المبهر, وهو طرح يضع العرض المسرحي في مقارنة ظالمة مع العرض السينمائيالذي يتناول قصة فتاة جميلة تدعي بيل( مروة عبد المنعم) تكشف حالة التناقض في شخصية أمير تحول بفعل ساحرة شريرة إلي وحش يخيف كل من حوله بسبب سيطرة الشر داخله علي قيمة الحب النبيل, وهو تحد وقع فيه الأمير ورجاله بالقصر, بعد أن تحولوا هم أيضا إلي مجرد أشياء فمنهم من أصبح ساعة ومنهم من أصبح كرسي مثلا, فبات عليهم البحث عن فتاة تقع في حب الأمير بعد أن صار دميما تنفيذا لنبوءة الساحرة حتي يعود لكل منهم شكله الأصلي.
والحقيقة أن المسرح الموجه للطفل لا يحتمل استخدام عدة مستويات درامية وأحداث متشابكة مثلما حدث في هذا العرض, فصناع العرض وضعوا المتلقي الصغير أمام فكرتي السحر والمجهول, بالإضافة إلي قصتي حب, الأولي تدور أحداثها في مستوي درامي واقعي من قبل شاب يدعي جاستون يحاول أن يفرض هذا الحب فرضا علي الجميلة بيل, والثانية هي حب الأمير للفتاة في مستوي درامي سحري أو خيالي, عاشته بيل في أحلامها, وفي ذات الوقت نعرف أن تحول الأمير إلي وحش دميم كان بسبب ساحرة شريرة( زينب وهبي) رأيناها هي ذاتها تتحول بين آن وآخر إلي فتاة جميلة تارة وساحرة دميمة تارة أخري, وهكذا تتوالي الأحداث وتتبدل بين العوالم المختلفة بشكل أفقد الطفل اتصاله مع الأحداث واستمتاعه بها, بالإضافة إلي استخدام المخرج لأساليب فنية متعددة زادت من تسرب الملل للمتلقي, منها مثلا الاستعراضات التي صممها أشرف فؤاد ولحنها هشام طه, والتي جاءت تعليقا علي الأحداث بدلا من توظيفها في سرد القصة استغلالا للوقت وجذبا للجمهور في آن واحد, وكذلك فكرة خيال الظل التي عرض من خلالها أحداثا كان يمكن اختزالها لعدم مناسبتها لعرض أطفال, مثل مشهد تعذيب الطبيب النفسي لوالد بيل بالحقن كي يعترف بمكان ابنته لجاستون, ناهيك عن ضعف الحرفية في استخدام شاشة خيال الظل ورداءة الصوت وتقطعه, بالإضافة لظهور شخصية من شباك مقام علي يسار خشبة المسرح لإلقاء إفيه مرة في أول العرض ومرة في آخره دون أي مبرر درامي لوجوده سوي انتزاع الضحك رغم أنف المشاهدين.. كل هذا اصاب العرض بترهل درامي شديد أفقد الطفل فكرة توحده مع الأحداث أو حتي تفاعله معها فكان طبيعيا أن تعلو أصوات الصغار في الصالة همسا ولعبا, وقد زاد الأمور سوءا الأداء المبتذل المبالغ فيه من بعض الممثلين, مثل دور الطبيب النفسي الذي لعبه( محمد الشربيني) مستخدما الصراخ والعويل المستمر والحركة العشوائية علي المسرح لتأكيد فكرة التناقض بين احتياجه للعلاج النفسي رغم كونه طبيبا نفسيا, ولكنه لم يتمكن من السيطرة علي ملامح تلك الشخصية, في حين جاء أداء مروة عبد المنعم ناعما رقيقا مناسبا جدا لتلك الفتاة الجميلة وقد ساعدها في ذلك ملامحها الطفولية البريئة, بينما حرص سيد جبر( الأب) كعادته علي استخدام صوته( الجهوري) في رسم شخصية الأب الطيب خفيف الظل, أما هشام المليجي فقد أدي دور الأمير دون تكلف أو مبالغة ونجح في التنقل بين الغرور ثم الوحشية ثم الرومانسية الحالمة في النهاية, ولا أخفي اندهاشي من مستوي الديكور الضعيف ذي الألوان الباهتة لمصمم الديكور شادي فرحات, وإن كنت أتوقع أنه ديكور سبق استخدامه في عروض أخري بسبب ضعف الميزانيات.
والواقع أنني أشفق كثيرا علي الفنانة عزة لبيب مديرة مسرح الطفل لما تعانيه من معوقات عند إنتاج أي عرض, ويكفي ما أعلنته في مؤتمر المسرح الأخير حول تعمد المسئولين منح عروض الأطفال أنصاف ميزانيات باعتبارها( لعب عيال), بالإضافة لتحويل مسرح الطفل إلي مكان لمعاقبة المغضوب عليهم, وغيرها من الأزمات التي تقتل أي إبداع في المهد, ورغم هذا فهي تستغل كل صغيرة وكبيرة في المسرح من ماسكات وديكورات وأزياء لإعادة تصنيعها في عروض جديدة تحايلا علي نقص الميزانيات, بل وتستقدم المتطوعين لعمل ورش عمل فنية ودورات تدريبية في التمثيل للهواة من الأطفال, لذلك أتصور أن اختزال نصف الوقت من عرض الجميلة والوحش سيفيد التجربة كثيرا خاصة وأن عقلية الصغار لا تتحمل3 ساعات من الترهل الدرامي.

 

باسـم صـادق

http://www.ahram.org.eg

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *