مسرحيو مصر: المسرح ضرورة .. لكن أي مستقبل ينتظره؟

“المسرح ضرورة” كان عنوان الندوة التي عُقدت بالمجلس الأعلى للثقافة في إطار المؤتمر القومي للمسرح والذي نظمته لجنة المسرح بالمجلس. وقد حضر الندوة وجلساتها التي دارت حول أهمية المسرح ومشاكله وقضاياه عدد كبير من الفنانين والمخرجين والكتاب والنقاد والأكاديميين، وتم تقديم بعض المقترحات والأفكار والرؤى للنهوض بالمسرح.

 

 

المخرج المسرحي عبدالرحمن الشافعي قال: لعلي أتساءل.. ما الصعوبات التي تعوق قيام المسرح بدوره الحضاري المنوط به؟ ما دور المؤسسات الحكومية والمدنية وارتباطها بالمسرح كضرورة؟ نحن مدعوون أن نستلهم من جديد معالم مسرحنا المصري، ونتدارس مراحل تطوره وعثراته واحتياجاته وكيفية النهوض به وملاحقة روح التقدم وسر الصورة. نحن في حاجة إلى غرس المسرح في تقاليد وعادات الإنسان المصري لخلق مشاهدين دائمين للمسرح وكسر حالة العزلة بينه وبين الناس، حيث حالة المسرح غائبة في حياته ومغيبة في اهتمامات الدولة. وعلينا أن نعيدها للوجود بدءًا من المدرسة إلى الجامعة واعتباره جزءًا من العملية التعليمية والتربوية والتثقيفية وتنمية التذوق الفني لدى الناس.

وتساءلت الناقدة فريدة النقاش: ماذا يريد المسرح لكي يحقق رسالته عبر الفكر والفُرجة؟ إنه يريد الحرية لا فحسب لينشئ مسرحًا سياسيًا عاصفًا، وإنما لتنفجر كل البنى القديمة في المجتمع ويجري نسفها لينشأ العالم الجديد عفيًا حرًا وجديرًا بأحلام الثورة. غيرت الثورة أفق التوقعات وأخذ المسرح الذي يعمل في ظل القبضة الأمنية والظلامية يعافر ليشق لنفسه طريقًا، ويستلهم المسرحيون الجدد هذه الأشكال العفوية للمسرح التي ولدت من رحم الثورة ووضعت القيم البالية موضع النقد لتخلي الساحة لقيم جديدة.. العدالة والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية.. وهو ما حدث بعد ثورة الشباب في ستينيات القرن الماضي وبعد ثورة الشباب في 25 يناير في مصر.

وأضافت النقاش أن الاستبداد يخشى من الثقافة ويموت رعبًا من المسرح؛ لأن المسرح هو أقدر الفنون على زلزلة عروش الاستبداد، وتاريخه الفني شاهد على ذلك بدون المسرح تصبح الحياة فقيرة أحادية البعد، وتنفتح بذلك على كل أشكال التعصب والتطرف والكراهية ورفض الآخر، أما المسرح فهو علامة على غنى الحياة.. يسقي أشجار التواصل والتعايش لتنمو وتخضر أوراقها.

 

 

 

 

 

 

 

• حل جذري

وتحدث المخرج المسرحي جلال الشرقاوي قائلا: هناك مقترح تقدمتُ به عشرات المرات أنا وكثير من زملائي، التلميذ أو الطالب في المدرسة أو الجامعة يدفع من عشرين إلى ثلاثين جنيهًا سنويًا للنشاط الطلابي، اقترحت أن يدفع بالإضافة إلى هذا عشرة جنيهات سنويًا رسوم نشاط فني وتُعطى له تذكرة مسرح، عشرة جنيهات في السنة لملايين من التلاميذ والطلاب في مراحل التعليم المختلفة، وفي هذا الحالة المشكلة ليست في الجمهور، ولكن تصبح في العروض المسرحية ذاتها .. أعتقد أن هذا هو الحل الجذري لمشكلة الجمهور.

• مسرح الأزمة

وفي رأي الناقد المسرحي إبراهيم الحسيني: إن أزمة المسرح طول الوقت نتيجة لعدم وجود خطة فكرية وفنية واضحة المعالم، والمطلوب اتحاد الجميع على قلب رجل واحد وهدف واحد، ووجود آلية ممنهجة لإدارة المسرح لعدد معين من السنوات، ثلاث أو خمس سنوات، نقدم عروضًا – توقيتات زمنية، نقدم خطة فكرية وفنية فيها تنوع وفيها أجيال مختلفة، وبالتالي يمكن أن ننهض.

وأعتقد أن آليات إنتاج الموجود عقيمة جدًا وخاصة بإنتاج المسرح في الدولة، الاقتراح الأساسي كان بإنتاج 100 عرض مسرحي من خلال تكليف مائة مخرج من الشباب بمتوسط من عشرين إلى ثلاثين ألف جنيه في مائة مكان مختلف بالخروج بالمسرح من الأبنية المغلقة والطاردة لجمهور المسرح، والذهاب به إلى الأماكن المفتوحة “الشوارع، الميادين، النوادي، المصانع، القرى، النجوع، الكفور…”، بالإضافة إلى دعم رجال الأعمال ومساهمة وزارة الثقافة، وأن يكون الناس الفاعلين المشاركين في هذه الأعمال في الأماكن التي لم يقم فيها مسرح من قبل، في كافة المحافظات والقرى والنجوع وتهتم بقضايا لم يهتم بها المسرح من قبل مثل قضايا العمال، الصيادين، قضايا المجتمعات المحلية، وأن يكون لكل مجتمع المسرح الخاص به والذي يهتم بمشاكله وقضاياه.

وطرح الناقد المسرحي د. محمد سمير الخطيب عدة أسئلة تتمحور حول وجود المسرح ودوره: هل نحن في حاجة للمسرح؟ هل كان المسرح ما قبل 25 يناير ينطلق من سياسة مسرحية تجعل المسرح جزءًا مهمًا من الصناعة الثقافية في المجتمع المصري؟ وهل استطاعت مؤسسة المسرح قبل ثورة 25 يناير تشكيل رأي عام وكانت مؤسسة معرفية حقيقية؟ وكيف نبني مؤسسة مسرحية حقيقية؟ هل نحن في حاجة إلى المسرح في الوقت الحالي؟

هذه الأسئلة المختلفة تجعلنا ننظر إلى مؤسسة المسرح وجهة نظر معرفية وهدفها الأساسي هو: خلق قيم ثقافية جديدة تقوم على التعدد والاختلاف وخلق أسئلة ثقافية جديدة وخلق التجاوب مع الجمهور خاصة بعد أن اتسع مفهوم الجمهور ولم يعد متجانسًا، بل أضحى جماهير متنوعة.

 

 

 

 

 

 

 

إن الغرض من هذا العرض السريع هو التأكيد على ضرورة المسرح ومراجعة السياسة المسرحية، والمساهمة في بناء مؤسسة مسرحية حقيقية، ليصبح المسرح وليد سياقه المعرفي والاجتماعي، ولا تصبح المؤسسة المسرحية على هامش المجتمع.

• مسرح الطفل

وعن إشكاليات مسرح الطفل قالت الفنانة عزة لبيب مدير عام مسرح الطفل: إن من أهم المشكلات التي تواجه مسرح الطفل، أن الميزانيات المقدمة لا تكفي لإنتاج عروض مبهرة وجاذبة للطفل، عدم وجود دورات تدريبية للفنانين والفنيين على أحدث ما توصل له الفن المسرحي فنيًا وتقنيًا؛ مما أدى إلى هروب بعض الفنانين من الاشتراك معنا، وتقديم البعض شروطًا تعجيزية للمشاركة في بعض الأعمال، وقد سبق أن عُرضت بدفع جنيه واحد فقط في السنة مع الرسوم الدراسية، يسمح للطالب مشاهدة جميع العروض مسرح الطفل مجانًا، وممكن للأسرة تشاهد العروض بـ 50% وكان الرد مخيبًا للآمال.

• مشاكل المسرح

الفنان أشرف عبدالغفور قال: يمكن لبعض الأشخاص وخاصة الإعلاميين وهم يتساءلون، لماذا نعقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت؟ وكل الأقاويل تدور حول “الفنانون المسرحيون متوترون وخائفون” ويعقدون مؤتمرًا في هذه الظروف الدقيقة والشائكة والتي يدور حولها وحول الفن والفنانين كثير من الإشكاليات وكثير من وجهات النظر والتي عاصرناها على مدى الشهور الماضية، لكن الحق أزعم بأن هذا المؤتمر ليس له علاقة من قريب أو بعيد بكل ما يقال عن هذه التخوفات التي ترصد الفنانين، هذا المؤتمر ليس منبثقًا على الإطلاق من تخوفات أو قلق، ولكن عُقد المؤتمر لمناقشة مشاكل وقضايا المسرح المصري، وهي ليست وليدة هذا العام أو العام الماضي، فهي ممتدة لسنوات وسنوات طويلة من أشياء عديدة نحن جميعًا مسئولون عنها. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

القاهرة ـ من محمود محجوب

http://www.middle-east-online.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *