«سيكا برازق» لـ لينا أبيض.. للصغار على خشبة (LAU)

هذه أول مرة نشاهد عملاً لا ننسجم معه على خشبة غولبنكيان في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) منذ سجل الفنان رفيق علي أحمد شهادة ميلاده نجماً في

 

قاعتها مع: الجرس، ونحن تابعنا العروض الجامعية – المحترفة التي قادها بمهارة وحداثة ووعي وإبداع المخرج الشاب ناجي صوراتي، ولاحقاً في تجارب مختلفة مع المخرجين لينا أبيض، ولينا خوري.
«سيكا برازق» المخرجة أبيض أسمتها: مسرحية عائلية، وهي مادة فنية للصغار، وضع نصها رأفت مجذوب (رواية: نقطة إرتكاز العالم) وعنوانها الأصلي فرنسي (L`origine du monde) قدمت في ستة عروض على غولبنكيان، وكان أن شاهدناها في الإفتتاح ولم ننسجم أو ننجذب أو نجد مبرراً للتعامل الإيجابي معها، أولاً من منطلق أسلوب المخاطبة للصغار الذي ما زال يصر على غباء الصغار بينما ظهر الطفل هاني الهندي (في دور جمال) كتلة ذكاء متقدة، يفهم أكثر من أمه في المسرحية، ويتصرف بعقلانية ووعي أعلى وتيرة من الذي نعرفه مع مناخ الصغار في الأعمال المختلفة.
ثانياً توظيف المجاميع من صبايا وشباب في عمر المراهقة على أنهم صغار، وأعمارهم ظاهرة على هاماتهم، مع ملابس فولكلورية أكثر منها للايحاء بمناخ طفولي، ومحاولة إظهار العفوية في التمثيل لتبدو بالصورة أقرب إلى إستظهار الحوارات، منها إلى تجسيد الأدوار والشخصيات، إضافة إلى ديكور فارغ من المحتوى باستثناء بعض الكتب المفتوحة على ستاندات لصيقة بحائط المسرح، فيما الدخول من طرفي واجهة المسرح للمشاركين الذين يقارب عددهم الأربعة عشر كان أشبه بصورة الطلبة الذاهبين في عطلة، في رحلة إلى أحد المعالم الأثرية، بفوضى أو بلا مبالاة، مع ضخ كمٍ من النصائح لا يطاق، وهو من النوع الرتيب الذي لا يثري، ولا يسد فراغاً.
المخرجة لينا جربت.
هذا من حقها أن تجرب وتبتكر طالما هي على قيد العطاء، في وقت ندرك أنها من أنشط المخرجات، في تحضير مسرحيات جديدة على أكثر من خشبة ما بين المدينة (الدكتاتور) بابل (حبيبتي إرجعي عالتخت) (عائد إلى حيفا) وغولبنكيان (الأخيرة… وما قبلها). مسرح الأطفال هو الأصعب.
كل العاملين في الميدان يدركون أن معادلته دقيقة، مختلفة، ويحتاج إلي روح شفافة، معطاءة تحب البساطة ولا تستكين لبعض الثوابت المسرحية المعتمدة بل هناك طموح إلى خصوصية باتت نادرة في معادلة الإبداع للخشبة.
ببساطة: «سيكابرازق»، الزائدة، قربتها من السطحية. وكأنما لا تكفي الرتابة فيها حتى أضيف إليها ذاك الإيقاع الذي فيه كثرة كلام وقلة صور متخيلة ومفيدة في لعبة التواصل من خلال الخشبة لاعطاء مجال رحب لخيال الصغار، كي يذهب خارج الصالة بعيداً ويحلقوا قدر إستطاعة النص على ذلك.
فيروز أبو حسن، كارول أبي غانم، طارق بكداش، نايلة الحارس، حسن ديب، هبة سليمان، أليسا الشمالي، آية صالح، رمزي عواد، دينا قبرصلي، ناتالي كتورة، ليال كريدية، يمنى مروة، جولي مرعبي، عزام مصطفى، جوني مهنا، وهالي الهندي. إنهم لاعبو الشخصيات كلها في «سيكابرازق»، وللأسف فإن واحداً فقط ملأ الحضور من كل هؤلاء هو هاني الهندي. وهذا لا يكفي فالأعمال التي تتعلق في أذهان الجمهور يجب أن تتضمن إختراقات من خلال عدد من الممثلين، الموسيقى، النص، الديكور، إدارة اللعبة بالكامل من الإخراج. وهي عناصر لم تستنفر فينا ما إعتدناه من إجماع. وتحديداً على النماذج التي وقعتها المخرجة لينا أبيض التي كنا أشدنا دائماً برؤيتها، وخصوصيتها، ومهارتها في إستلهام النصوص وترجمتها عبر أدوات العمل كأفضل ما يكون.
لكن هذه المرة كانت غير كل المرات السابقة. نحن نعتبرها كبوة فارسة. ومع هذه الواقعة نتذكر أننا سألنا الفنان نور الشريف كيف تقبل بدورك في فيلم كذا، فرد: أحياناً يحتاج الفنان إلي أعمال عادية راحة له من أعمال كبيرة تكون قد أتعبته. هذا ما حصل معي. هردلك. نحن بإنتظار ما زخرت به دائماً جعبة المخرجة أبيض، وتحديداً على الخشبات الجادة والمحترمة وليس التجارية. لذا فالرهان حاضر، ولم يتزحزح، أما الرأي السلبي في «سيكا برازق» فهو جزء من المكاشفة الشفافة في علاقتنا بالمبدعين الذين نعلق عليهم آمالاً كبيرة في مسيرة الفن عموماً والمسرح خصوصاً.

 

بقلم محمد حجازي

http://www.aliwaa.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *