صلاح منسي يبتكر فياغرا مسرحية لكي (ينتصب) العراق!

 

في تصور جريء وطريف، يعمل المخرج المسرحي العراقي الشاب صلاح منسي على استخدام نوع من الفياغرا ابتكره من اجل المساعدة في ان (ينتصب) العراق ويؤدي دوره الانساني، والا فسوف يظل خاملا نائما بدون انتصاب.

 

 

يتواصل صلاح منسي في تدريباته على مسرحية تحمل عنوان (فياغرا) تأليفه واخراجه، وتمثيل فلاح ابراهيم، ياس خضير، علاء الشرقاوي، امير ابو الهيل، غسان اسماعيل، محمد عطشان، عباس فاضل، مجد حميد، احمد مونيكا، ومن المؤمل مشاركة الفنان مقداد عبد الرضا حيث اكد المخرج على انه اكد موافقة مبدئية بنسبة 50 %، موضحا ان الاسابيع القليلة المقبلة ستشهد جاهزيتها للعرض على المسرح الوطني، معربا عن قلقه اليومي العظيم الذي يصل به حد الموت يوميا.

* ما الذي تتحدث عنه المسرحية؟
– المسرحية تتحدث عن فكرة تقول (الانسان لو دخل الى مخزن الازياء وارتدى زيا، فمن الممكن حين يخرج من المخزن ان يقتل او يصبح شخصية مهمة او يصبح قائدا للجماهير)، يعني ان المظهر يلعب دورا رئيسيا بهذه المسرحية، اي ان لحظة دخول المخزن والخروج منه الى عالم اخر، من خلال الازياء انت تقرر ماهية شخصيتك، فيها لعب بالشكل، لا اريد ان اكشفها، لان الدهشة في الشكل، فأنا اشتغلت على شخصيات تاريخية وبالتحديد من القرن الثامن عشر، والمسرحية باللهجة الشعبية الدارجة، ليس فيها التعقيد في الديكور ولا التعقيد في الاضاءة، ويمكن استخدام قطع موسيقية بسيطة لتبرير معين، اما عناصر المسرح الكلاسيكية فهي هنا شبه مفقودة، العمل تجريبي جدا، لم يدخل في التعقيد في الافكار، فيه بساطة الى حد غريب، اي ليس فيها منطقة التأويل، هذا بيئة وهذا مناخ ابدا.

* هل تنحى المسرحية منحى جادا ام كوميديا؟
– انا مهتم جدا بمتعة الجمهور، المتعة التي لا تتجاوز قوانين الاكاديمية ولا قوانين الشغل المسرحي، يعني لا ادفع الممثل لكي يهرج، لا.. ولكن فيها كوميديا عالية من البداية الى النهاية، هي فكرتها مبنية على الكوميديا ولكن وفق اسس اكاديمية، ثم ان الذي يسعفني بهذا امر ان الممثلين كلهم اكاديميون ويعرفون حدودهم بالكوميديا، يعني.. هناك شعرة فاصلة ما بين المسرح التجاري وما بين الكوميديا الحقيقية الاكاديمية المقننة، انا قننت المسرحية من خلال هذا الخط، انه اكاديمي واذا ما تحرك قيد شعرة فهو تجاري، هذه هي اللعبة، انا خائف على هذه الشعرة، وشغلي انني لا افقدها.

* اين يكمن الخوف بوضوح؟ 
– يكمن في انني اذا ما فقدت هذه الشعرة سيكون العمل تجاريا، لذلك انا العب في منطقة خطرة جدا.

* الخطر من عندك تتجاوز هذه الشعرة كمخرج ام من الممثلين؟
– الخطر من عندي انا، لانني اذا ما تجاوزتها فأول كلمة ستقال ان صلاح منسي فتح باب المسرح التجاري، ثم ان هذه هي اول تجربة لي على مستوى الاخراج، فأخاف جدا منها، فلابد ان تكون الخطوة صحيحة، على ضوئها من الممكن ان اؤسس، شوف.. هي بالتالي تجربة ان تكللت بالخطأ فنحن جئنا حتى نخطأ، يعني بيتر بروث يقول انا ادخل النمرين لكي اخطأ وليس لكي اعمل الصح، ومن خلال هذا الخطأ يمكن ان تقوّم نفسك من الممكن ان تنجح، ولكن ان تريد ان تتكامل معناها ان لا تصل الى اي شيء في بالك، المسرحية واقعية جدا بطريقة غريبة، لان واقعنا فيه فنطازيا اكثر من الخيال.

* لماذا العنوان (فياغرا)؟
– فياغرا.. علميا تشبه (الباراسيتول)، يعني انها توضع في الصيدلية بجانب الباراسيتول،يعني ليس (عيبا) ان قلت للصيدلي اعطني فياغرا، فهي بالتالي عقار علميا، وفنيا استخدمت المصطلح لان وطننا العراق يحتاج الى فياغرا من نوع اخر كي ينتصب فكره !!، فأنا اشتغلت على مشهدين هما : اي فياغرا نتناول حتى تنتصب عقولنا، وكي يكون هناك حل لهذا البلد، ونحن نعرف ان كل تغيير صار في العالم بدأ من الشباب، فأنا اشتغل مع ممثلين شباب وتناولت قضية شباب، وان لم يقرر الشباب ان يأخذوا عقار يجعل عقولهم تنتصب فهذا البلد لن تقوم له قائمة، لان من غير الممكن ان نعتمد على اناس كبار في السن ينتظرون الموت على الاطلاق، اما ام ننتصب نحن او لا يكون هناك انتصاب ويبقى العراق خاملا ونائما.

* تقول ان هذه المسرحية تجربتك الاولى في الاخراج، ما مرجعيتك التي اعتمدت عليها لتجازف؟
– احيانا.. التأليف يقودك الى الاخراج، هناك مؤلف يكتب النص المسرحي على شكل حبر على ورق، ولم يتخيل اي مشهد، انا عندما كتبت النص كتبته اشبه بالفرضية الاخراجية الكاملة، فلو انني اشتغلت النص بالحركات مثلما كتبتها انا فسوف يظهر نصا، وحين اشتغلت عليه في التمرين وفي الارتجال واستخدمت موضوعية الحذف والمونتاج والاضافة، صار عندي نص متكامل، لذلك ربما من خلال هذا النص سأقول للناس انا مخرج جيد، وربما سأقول انا لست مخرجا، بل ممثل فقط واسكت !!، فعلى الاقل انا ارى خطوتي الاولى اين ستكون.

* لماذا لم تمثل في المسرحية؟
– لا امثل لان المخرج يجب ان ينظر بعين الطير على عمله والا فسوف يفقد كل خواصه المسرحية، فأنا حين اقول (كيو) للممثلين ام لنفسي؟، اعتقد ان مفاهيمي كمخرج تضيع، وجمالية العرض تضيع،هذه وجهة نظري ولا اعرفها عند الاخرين، ولكن هذه التجربة الاولى لي ولا يمكن ان اقحم نفسي فيها وبالتالي افشل.

* هل تعتقد انك استعجلت على الاخراج؟
– لا.. على العكس، انا ارى انني متأخر على الاخراج بحكم عمري، اي شخص في العالم يحب المسرح ويحب ان يخرج عملا، العمل الاول هو باب لشخصيته، اما ام يكون موهوبا او لا ينفع ليكون مخرجا،فأنا على الاقل هناك نخبة ناس اعرفهم اذا اخذوني جانبا بعد العرض وقالوا لي انت موهوب، فأنا اسمع كلامهم، وان تحدثوا معي بمحبة وقالوا لي اترك الموضوع هذا واشتغل على نفسك كممثل مسرح، فسوف اسمع كلامهم ايضا.

* كيف حال القلق عندك اذن؟
– من اول يوم اجتمعت فيه بالممثلين بدأ القلق، وقبل ان اكوّن (البروفات) الى هذه اللحظة، وحتى انني سأصاب بمرض الـ (سكري)، والقلق يتصاعد الى درجة الموت ربما، احكي لك بصراحة : اي شيء اعمله لم اقتنع به على الرغم من ان الممثلين مقتنعون به، يقال ان حالة عدم القناعة صحية ولكن عندي عدم قناعة غريبة في مشروعي، اتمنى فعلا ان تكون صحية، فنحن قرأنا في الكتب ان عدم القناعة والخوف من المشروع شيء صحي، والا سوف اموت، وبالتالي ان قلقي بسبب شيء صحي، مثلا : الفنان فلاح ابراهيم عندما قلت له اريدك معي في العرض قال اعطني النص، وعندما اعطيته النص قال : دعني اشاهد (بروفة) وعندمل شاهدها اول كلمة قالها، ويشهد الممثلون: لي الشرف العظيم ان ادخل في هذا العمل، وقال انه تعب من عقول الرواد.

* والفنان مقداد عبد الرضا.. ما مدى موافقته بالمشاركة؟
– حكيت له الفرضية فقال لي : مدهشة الى حد الان، ولكن ان لم اشاهد فضاءك لا استطيع ان اشتغل، فالرجل يريد ان يحافظ على تاريخه اولا، وهذا من حقه، ثم انني مع اعتزازي بالشباب الذين معي ولي الشرف بعملهم معي، ولكن اذا مقداد عبد الرضا نزل معي ممثلا فيكفيني ان يقال في الاعلام عني انني الشاب الذي اعاد مقداد عبد الرضا الى التمثيل، وهذا معناه ان هناك قاسما مشتركا بالافكار بيني وبينه، مقداد صديقي جدا ولكن قبوله المشاركة بالعمل ليس كصديق،لانه لا يقبل ان يدوس على تاريخه بسبب الصداقة.

* هذا الحماس عندك هل هو رد فعل شبابي على ما يحدث للمسرح العراقي؟
– هو ليس رد فعل.. ولكن، هناك تعدد المشاريع المسرحية وتعدد الجنس في المسرح هذا اعتبره صحيا، ولكن وفق اطار الواقع، يعني انا لا اقدم عملا كلاسيكيا ليس فيه مفاهيم العمل الكلاسيكية الحقيقية ولا فيه مفاهيم التجريب الحقيقية واقول انا قدمت، وهذا لون من الوان المسرح، فالمسرح ان لم ينطلق من الشارع فمن اين يمكنه ان ينطلق؟،هناك ناس يعملون مشهدا غير مفهوم وفيه سريالية عالية، عندما اسأله قصده يقول : انا افهمه لوحدي!!، ترى هو اين عرضه؟ في بيته او لاطفاله؟ وينسى انه عرض لالف شخص، وبالتالي اذا ما فهمك الناس، فأنت مجهول، ثم ان أليس واجب المسرح انه يقوّم الاخر؟ ولابد لبائع الفلافل ان يفهمه والدكتوراه بالمسرح ان يفهمه؟ اذن لابد له ان يعرف بالضبط لمن يقدم عرضه؟ فأن كان لبائع الفلافل اعمل مسرحا تجاريا، وان كان للنخبة فقدم عملا سرياليا، انا اتمنى في العرض المسرحي ان يشاهدني الدكتور في المسرح ويبوسني ويشاهدني بائع الفلافل فيضحك ويأتي هو الاخر ليبوسني، وان لم يحدث هذا فنحن لن نقدم مسرحا، وكل ما نفعله ان نسجل حضورا في الدائرة التي نعمل فيها ونذهب، وان لا نقول لدينا مؤسسة اسمها السينما والمسرح.

 

 

عبد الجبار العتابي من بغداد:

http://www.elaph.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *