مرعي الحليان: بعض قنواتنا المحلية تتجاهل عرض المسرحيات التي تنتج سنوياً

يعد الفنان مرعي الحليان الملقب بسفير المسرح الإماراتي، ممن تركوا بصمات في قلوب الناس والتصقوا بذاكرة إبداع الفرق المسرحية، حيث أشار إلى أن نصوصه

 

تتسم بالمفردات التراثية النادرة، التي يلتقطها من كبار السن، فحينما يكون لديه نص يبحث عن شخصيات حقيقية، ليسمع منها كي يمنح مشروعه المصداقية والواقعية في بناء الأدوار عبر الحوار المكتوب، ليعرف طريقه إلى القلوب والأذهان ببساطة. وهو عاتب على بعض القنوات المحلية التي لا تعرض الأعمال المسرحية التي تنتج سنوياً، وفي الوقت ذاته يدعو المخرجين والكتاب الخليجيين إلى الخروج بأعمالهم من صالات البيوت وغرف المعيشة والمطابخ إلى الفضاء الأوسع.

دبي (الاتحاد) – وصف الفنَّان مرعي الحليان شعوره وهو يكرم كأفضل شخصية محلية في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورتها الثالثة والعشرين التي أقيمت من 17 إلى 27 مارس الماضي، بأن هذا التكريم شرف عظيم، على الصعيد الشخصي، فهو يشعره بالفخر، أما على الصعيد الفني، فإن التكريم يأتي من مهرجان مسرحي عرفني من خلاله الجمهور كممثل عام 1994، حين قدم شخصية إسماعيل في مسرحية «بنت عيسى»، وفي ذلك العام حصل على جائزة أفضل ممثل مناصفة مع صديق دربه الفنَّان عبد الله صالح.

«سالفة عمران»

 

وفيما يخص الأعمال والأدوار التي سترى النور مستقبلاً، يتوقع الحليان أن يعرض مسلسل «سالفة عمران»، خلال رمضان المقبل، وهو مسلسل كوميدي من بطولة غازي حسين، وهدى الخطيب، وآلاء شاكر، ومن إخراج السوري مأمون البني، يستغرق عرضه 30 حلقة تتناول عدداً من قضايا المجتمع وسلوكيات أفراده التي يمكن حدوثها في أي بلد عربي أو خليجي، ويؤكد إمكانية نجاحه كونه مسلسلاً يحاول زرع البسمة لدى المشاهدين من خلال كوميديا تتناول القضايا الأسرية.

 

ويكشف الحليان عن انشغاله هذه الأيام بتصوير شخصية الأمير ثابت في مسلسل «قلب الغزال» وهذا العمل عبارة عن تناول تاريخي يلعب فيها شخصية مركبة هي أمير مصاب بقصور في نموه العقلي.

فترة ذهبية

ويلخص تقييمه للمسرح الإماراتي ومعاناته في قوله إن الحركة المسرحية في الإمارات تعيش فترتها الذهبية من حيث عدد المهرجانات والرعاية، التي توليها الجهات المهتمة بأمر المسرح، وإن هناك تطوراً ملحوظاً على صعيد بناء المتابعة المسرحية، بالإضافة إلى ملامح الحداثة في هذه الفرجة، كما أن الساحة تبرز طاقات فنية شابة، وهذا يبشر بالخير، لكن ما يعانيه المسرح في الإمارات هو تجاهل بعض قنواتنا المحلية في بث المسرحيات التي تنتج سنوياً، ولهذا لا زال المسرح مقيدا في بقعة صغيرة من الضوء.

وعن تجاربه في مجال التأليف والتمثيل المسرحي يرى أنها تسير بخطى تدريجية حيث يشعر بأنه ممثل بنسبة 90% ومؤلف بنسبة 10%، ويكتب حينما يبحث عن موضوع مهم يرى ضرورة معالجته فنياً، لكنه يعشق التمثيل أولاً وأخيراً، وفي مجال التأليف كتبت مجموعة من النصوص لمسرح الطفل، وأيضاً يهتم بالمسرح الاجتماعي الكوميدي، وفي الآونة الأخيرة قدم نصاً باللغة العربية، بعنوان «نهارات علول» حصل على المركز الأول في مسابقة الشارقة للتأليف المسرحي.

الفضاء الأوسع

ويتمنى الحليان من الدراما الخليجية أن تخرج من دائرة النمطية والتكرار سواء على المستوى الفكري أو المستوى الفني، ويوضح لقد أصبحت المسلسلات الخليجية متشابهة في الأبطال والمواضيع، حتى في أساليب الإخراج والتقنيات الفنية، مشيراً إلى ضرورة أن ينتبه صناع الدراما لهذه الخطورة، فالمشاهد اليوم لديه اطلاع على كل جديد في الأساليب، فلذلك على المخرجين والكتاب الخليجيين أن يخرجوا من صالات البيوت وغرف النوم والمطابخ إلى الفضاء الأوسع في حياة الناس، لأن المجتمع الخليجي فيه حياة ودراما في الشارع وليست فقط الصالات المغلقة.

ويفند أسباب عدم وصول المسرح العربي إلى العالمية بأنه يرجع إلى عدم ارتقائه بوسائل التعبير، التي تمكنه من فهم الآخر، لذلك علينا أن نعاصر التقنيات الحديثة في المسرح، وأن نناقش بمزيد من الحرية خلافنا مع الآخر وأن نقدم وجهة نظرنا الحقيقية إلى الإنسانية، أي أن تكبر القضايا المطروحة في المسرح لتتجاوز الآني والبسيط والحدود الضيقة وأن تدعم العروض الجيدة بترجمات فورية وتقدم في مهرجانات أوروبية وأجنبية، لكي يعرف العالم أن لدينا إسهامات في المسرح.

ويصف تجربته المتنوعة بين فنون المسرح والصحافة بالفترة الرائعة، التي من خلالها قدم الكثير ويرى أنه في فترة من الفترات وجد نفسه فيها كلها، ولقد عشق الصحافة وأحب أن يساهم في خدمة مجتمعه كما عشق الفن لأنه أيضاً سمح له بتقديم وجهة نظره وإشباع رغبته في التمثيل، أما اليوم فقد تفرغ بعد تقاعده من العمل الصحفي للمسرح والدراما التلفزيونية وهو سعيد أن ينطلق إلى هذا الفضاء بحرية كبيرة.

ويوضح عشقه للفن والصحافة بأنه جين وراثي، مشيراً إلى أنه لا يعرف حقيقة هذا العشق، لكنه يشعر دائماً أنه بحاجة إلى التعبير عن نفسه حيال ما يدور حوله، موضحاً أن المقومات التي يجب أن تتوافر عند الفنان المحب للمسرح هي الموهبة والصدق والهدف لأن الفنان لا بد أن يكون صادقاً لكي يقنع الناس، ولا بد أن يكون قريباً من همومهم، فالإبداع مهمة إنسانية مرتبطة بالأخلاق والجمال.

شخصيات كثيرة

ويسترسل في إجابته عن الشخصيات التي يعتز بها قائلاً: اعتز بشخصية إسماعيل في مسرحية بنت عيسى، وأعشق شخصية سعيد في مسلسل جنون المال، وأحب شخصية «عباس» في المسلسل الكوميدي عجيب غريب، وفي الحقيقة أحب جميع الشخصيات التي أتقمصها في التلفزيون والمسرح لأنها في الأصل نابعة من ذاتي وتعبر عنه، ويكشف عن أن هناك العديد من الشخصيات المسرحية المحلية والخليجية والعربية التي أثرت في تكوينه الفني المسرحي منها الفنان غانم السليطي، والفنان خالد النفيسي، والفنان القدير محمد المنصور، ومن العرب دريد لحام، ومحمد صبحي، فهو يعشق طريقتهم في التعامل مع أدوارهم الفنية ويراقبهم بدقة.

حب الناس

ويرى أن الألقاب والجوائز، التي حصدها كثيرة في مجالات التمثيل والتأليف والإخراج، لكنها ليست أهم من الأعمال، التي يعجب بها الجمهور ويتذكره من خلالها، ويتابع أن حب الناس وبقاءه في ذاكرتهم هي الجوائز المهمة التي تخلد وإلى الأبد.

ويقول عن تأثير الأسرة في مسيرته العملية ونجاحاته المتواصلة بأنها مهمة فزوجته وأبناؤه سعيد وغانم، هم الأقرب إلى فنه، ويضيف: إنهم يتابعونني ويحرصون على مناقشتي في أعمالي ويبدون آراءهم بحرية، وكثيراً ما أسألهم عن نجاحاتي أو إخفاقاتي، وهم أيضا يهيئون لي بيئة جميلة للعمل، لذلك أشعر في كثير من الأحيان أنهم أصدقائي المقربون.

وعن تقبله للنقد إذا وجه له يقول: «أبحث عن منطقيته ولا أتجاوزه بل أنتبه إليه، فكلما انتبهت إلى عيوبي قلَّت، وكلما قلَّت نجحت، ومن يصاب بالغرور والتعالي يسقط من قمة الفن، وأنا لا زلت تلميذاً أتعلم من كل خطوة أقوم بها واعمل حسابها.

ارتقاء سلم النجومية في تواضع وهدوء

حول نصائحه للشباب الجديد أو يرى في نفسه الموهبة لدخول عالم التمثيل، دعا الفنان مرعي الحليان إلى عدم التسرع والاستعجال، وحثهم على التدريب والاستمرار في تقديم الأدوار الجديدة والحرص على عدم الإصابة بالغرور وارتقاء سلم النجومية في تواضع وهدوء، وفي التأليف ينصح بضرورة القراءة، ثم القراءة، ثم القراءة، ويعبر عن طموحاته كفنان بأنها بلا حدود، حيث يحلم بتأسيس فرقة مسرحية خاصة به يديرها كيفما شاء، وأن يقدم من خلالها أعمالا مسرحية تهم الناس وترفه عنهم.

http://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *