«همسات» المغربية.. رسائل إنسانية تحمل دلالات كبيرة

في اليوم الثالث لعروض المهرجان الأكاديمي الثالث، الذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية قدمت فرقة جامعة سيدي محمد بن عبدالله «جامعة فاس» المغربية مسرحية «همسات» من بطولة محمد نشيط، وإسماعيل معروف، وتأليف وإخراج جماعي جماعي، وهي تنتمي إلى فن «البانتومايم»، أو كما يقال فن الحركات الإيحائية، وهو نوع من فن التمثيل الصامت المؤدى من قبل فنان أو مجموعة فنانين على خشبة المسرح، بغرض التعبير عن الأفكار والمشاعر والآراء باستخدام الحركة الإيحائية للجسم فقط.

حمل العرض المسرحي المغربي في طياته الكثير من الدلالات والرسائل التي أوصلها الممثلان المشاركان فيه من خلال الحركة الإيمائية، حيث جعلا كل من حضر المسرحية يبحر معهما في البحث عن الكثير من مفردات الحياة التي يعيشها الشباب العربي من هموم ومآس، فتبدأ المسرحية من خلال مقطع صوتي باللهجة المغربية البحتة لم نفهم منه الكثير سوى كلمة مش «هتقدر تغمض عينيك» أو كلمة الـ «فيسبوك» وهي التي كانت أقرب إلى مسامع المتلقين، ليطل علينا شابان غاية في الخفة الجسدية بالرغم من أنهما غير محترفين لفن المسرح كما علمنا، فكان العرض بالنسبة للحضور عبارة عن اسكتشات مسرحية غير مؤلفة وعبارة عن بضعة تدريبات ماهرة قدمها لنا الممثلان للتعبير عن حالة الغربة والصراع مع الذات والنقيض بين الأنا والآخر والبحث عن الدفء والحنان والعودة بالذاكرة «فلاش باك» إلى أيام اللعب والصبا.

حاول مخرج العرض من خلال طرح الملابس باللونين الأبيض والأسود أن يعطي إيحاء للمتفرج وإدخاله في الحدث المسرحي وأن الشخصيتان مستمرتان بل هما عبارة عن مجموعة من المتناقضات فهما في لحظة متوحدان وفي لحظة أخرى متصارعان متضادان، حيث كانت العلاقة في حالة صعود وهبوط إلا من خلال مشهد المعطف الذي كان هو ذروة وأساس الصراع المسرحي من خلال تعامل الممثل محمد نشيط معه والشماعة والقبعة للبحث عن الدفء المفقود، والذي دفعه للهروب والبحث عنه خارج بلده. ولكن كانت هناك أيضا حالة من المزج في التجسيد الحركي لدى الممثلين فكانا أحيانا يقومان باستخدام قطع اكسسوارات ملموسة، وفي أحيانا أخرى يجسدانها باليد فقط، ولكنهما لم يفلحا في اختيار الموسيقى أو المؤثرات الصوتية، حيث كانت عبارة عن حالة شعورية ساكنة لم يلحق بها أي تطور على الإطلاق منذ بداية العرض فالعرض بدأ حيث انتهى.

أما الديكور فكان بسيطا للغاية وينم عن الحالة المذرية التي يشعر بها الممثلان والفراغ الذي يشعران به من خلال دائرة الحياة، فكان حبل المشنقة وشنطة السفر و«الشمسية» من خلال تساقط الثلوج هي بطاقة العبور التي مرت بها أحداث المسرحية والوصول إلى الدفء المزيف ومن ثم الانتحار، وحالة الجمود التي وصلت بمشاعر الإنسانية التي تحاول المسرحية إيقاظها من جديد حتى نتغلب على واقعنا المر.

@Mefrehs

 

في الندوة التطبيقية.. العرض يلامس واقعنا

بعد نهاية العرض المغربي«همسات» عقدت الندوة التطبيقية المملكة أدارها الطالب علي البلوشي من الفرقة الرابعة لقسم النقد والأدب المسرحي وعقبت عليها الطالبة فاطمة العامر من الفرقة الرابعة لقسم النقد والأدب المسرحي بمشاركة مخرجي العمل محمد نشيط واسماعيل معروف وذلك في قاعة الفنان الراحل غانم الصالح. بدأت الندوة بترحيب من مديرها البلوشي، مشيدا بمشاركة فرق من الوطن العربي في المهرجان الأكاديمي الثالث الذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية، ومن ثم عقبت الطالبة فاطمة على المسرحية قائلة: المسرحية كانت معبرة عن الواقع الذي نعيشه فهي تتحدث عن صراع الإنسان مع ذاته أو نقيضه فقد مر بطلا المسرحية إسماعيل ومحمد بمراحل متعددة من حياتهما واستخدما تجاربهما بواسطة التعبير الحركي والرشاقة كما كان لهما أداء متميز مشوق رغم أنهما ليسا متخصصين في علم ولا دراسة المسرح بالنسبة لمساحة خشبة المسرح، فقد تم استخدامها بأسلوب جيد ومرح أيضا، وبالنسبة للإكسسوارات كشنطة السفر والشماعة فقد شكلت هذه الأدوات مشهدا مؤثرا خصوصا موقف السفر فقد كان محمد في وقوفه بجانب الشماعة كلحظة وداع فتشكلت الشماعة كمن تخفف من حزنه للحظة الفراق فأصبحت علاقتها به كإنسان يواسيه، إضافة إلى اللون الأسود والأبيض فهما يمثلان النقيض والتضاد «الخير والشر، اللقاء والفراق، الوحشة والعاطفة».

 

طلبة قسم النقد و«البانتومايم»!

فوجئ ضيوف الكويت بمداخلات بعض طلاب قسم النقد والأدب المسرحي في الندوة التطبيقية الخاصة بمسرحية «همسات»، خصوصا عندما اقروا بأن هناك اختلافا بين «البانتومايم» و«التمثيل الصامت» مع ان الاثنين يصبان في معنى واحد ولكن بعض الطلبة أحبوا ان يتفلسفوا ويحرجوا اساتذتهم ودكاترتهم الذين يدرسون لهم في قسم النقد فقط لمجرد الاستعراض.. فإذا هم طلبة ولا يعرفون تعريف «البانتومايم» اذن من يعرفه «ايمن» حارس المعهد مثلا مع احترامنا لشخصه.. الركادة زينه!

مفرح الشمري

http://www.alanba.com.kw

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *