نجوم المسرح.. فقراء بدرجة “ممثل”

لم يعد المسرح المصري أبو الفنون كما كان يطق عليه.. فهو الآن يعتبر أبو الانهيار الفني اذا جاز التعبير، مسارح متهالكة بحكم القدم والزمن، وفنانون يعملون في أسوأ مناخ من الممكن أن يتوفر لفنان، لا أجور، لا مرافق، لا عروض، وبالتالي من الطبيعي أن نقول لا جمهور أيضاً، لأن الجماهير فقدت الثقة منذ زمن طويل في المسرح المصري..

وإذا كانت مصر تمر حالياً بمناخ ثورة منذ عامين، فهذا المناخ كان الأجدر بنا أن نستغله لإحداث طفرة فيما يقدم من موضوعات تجذب الجماهير، كما يحدث في دول مثل تونس.
وسط هذا المناخ المتردي دخلنا كواليس بعض مسارح الدولة.. فوجدنا فنانين فقدوا الأمل في كل شىء.. لكن حبهم للفن، وللمسرح خاصة جعلهم يضحون بكل شىء لكي يظلوا فوق خشبة المسرح يلتقون بالقليل من الجماهير، راضين بالمقابل المادي الضعيف.. ويبقى السؤال الذي طرحناه عليهم.. ما الذي يدفعهم للاستمرار في العمل في ظل هذا المناخ المتردي؟
ونبدأ بالمخرج المسرحي أحمد ابراهيم الذي قال: المسرح يمر بأزمة كبيرة، والدولة تقف مكتوفة الأيدي أمامها لا رقابة على البيت الفني للمسرح الذي يعتبر السبب الأساسي في هذه الأزمة، وأضاف: البيت الفني لم يتغير رغم تغير قياداته وكأنهم يمرون عليه للترتيب فقط وليس للادارة، فالبيت الفني للمسرح لم يتغير فيه شىء منذ تولي الفنان ماهر سليم ادارته، ولكن ما فعله هو اصدار عدة قرارات لا تخص النهوض بالمسرح اطلاقاً ولكنها تؤثر سلبياً على استمراره مثل قرار غلق العروض المسرحية التي لم تأت بنصف ما انفقته خلال خمسة عشر يوماً ومن المؤكد أن هذا القرار غير معقول وغير مدروس لأن معظم مسارح الدولة نظراً لصغر مساحتها اذا امتلأت عن آخرها لمدة خمسة عشر يوماً لن تأتي بنصف ما انفق عليها وهذا الخطأ أيضاً يقع على الدولة التي أهملت المسارح، ولم تسع الى تطويرها ولكن حتى القرارات التي من شأنها عودة الجمهور من جديد الى المسرح تمر مرور الكرام مثل قرارات فتح أبواب المسارح مجانية للجمهور خلال مدة زمنية معينة، هذه القرارات لا يقوم البيت الفني للمسرح بدعاية جيدة لها، وبالتالي لا يعلم الجمهور من الأساس هذه القرارات وهذه مسئولية قسم التسويق في البيت الفني للمسرح الذي يوجد به أكثر من خمسة عشر عامل يتقاضون رواتبهم الشهرية بدون عمل، ولذلك اذا اردنا تطوير المسرح قبل ان نبدأ بتطوير قاعات المسارح لابد أن نعيد هيكلة البيت الفني لمسرح من جديد ولكن لا سبيل لنا غير الاستمرار في العمل وتقديم العروض المسرحية الجيدة للمحافظة على هذا الصرح الثقافي الكبير.
وقال الفنان الحسن محمد، أحد فناني المسرح: نحن كفنانين شباب لا يوجد لنا بديل عن الاستمرار في العمل بالمسرح بالرغم من الظروف السيئة التي يمر بها، لأن المسرح بمثابة مدرسة فنية كبيرة تؤهل الفنان لأداء اصعب الادوار لأن الفنان يحتك بالجمهور مباشرة ويحصل على النجاح أو الفشل دون الانتظار على عكس الدراما أو السينما ولكن ازمة المسرح تتمثل في عدم اهتمام الدولة به بالاضافة أن مطالبنا للدولة ليس الاهتمام الكامل بالمسرح، ولكن الاشراف على من يدير البيت الفني للمسرح، وعلى القرارات التي يتخذها، ومن المؤكد اذا تم ذلك سيحدث تقدم كبير، فالعروض المسرحية لا تحظى بأي دعاية أو مقابل مادي جيد من البيت الفني ونحن كفنانين من نقوم بعمل الدعاية للعروض المسرحية التي نشارك بها على مواقع الانترنت و«الفيس بوك» ونحن أيضاً من ندعو أصدقاءنا لمشاهدة العروض التي نشارك بها وهذا ليس من اختصاصنا ولكن يوجد ادارات داخل البيت الفني من شأنها القيام بهذه الأعمال ولكنها لا تقوم به ولذلك لابد أن تحاسب الدولة كل من يخطئ في عمله داخل البيت الفني الذي اهملته الدولة تماما.
وقال اشرف صالح: أشعر بأن البيت الفني للمسرح يريد توقفنا جميعاً كفنانين ومخرجين عن تقديم عروض مسرحية فلا يسعى بأي شكل من الأشكال لعودة الجمهور ولا يعطي للفنانين مقابلاً مادياً جيداً وكأننا نعمل لوجه الله، ولكن عشقنا للمسرح هو ما يدفعنا للاستمرار بالرغم من الظروف السيئة التي نعمل في ظلها واذا تركنا المسرح سيلقون باللوم علينا، وسيقال اننا كفنانين من تسببنا في الأزمة التي يمر بها بالرغم أن المسئولين يطالبوننا دائما بأداء عملنا ولا يقومون بأداء عملهم وهذا الأمر مرفوض تماماً ومن المستحيل استمراره ولكن مازال لدينا أمل في تحسن الأوضاع، والقضاء على الفساد الموجود داخل البيت الفني ونحن نحاول الوقوف أمام كل من يحاول القضاء على الفن المسرحي ونطالب دائما بالقضاء على الفساد ولكن لايوجد من يسمعنا أو يساعدنا في القضاء عليه.
وقالت الفنانة هناء سعيد: المسرح اعطانا الكثير وساهم بشكل أساسي في نشأتنا كفنانين ومن المستحيل ان نتركه وحيداً لمجموعة من الأشخاص الذين يريدون القضاء عليه ولكن الدولة ساهمت بشكل كبير في الحالة التي وصل اليها المسرح وابتعاد النجوم عنه، بالرغم من أن معظم عمالقة الفن ساهم المسرح بشكل كبير في صناعة نجوميتهم، ولكن ضعف المقابل المادي وابتعاد الجمهور جعلهم ينظرون الى الدراما والسينما حيث يتقاضون في ساعة العمل فيهم ضعف ما يتقاضوه عند تقديم عرض مسرحي لمدة شهر، ولكن نحن كفنانين شباب لابد علينا الاستمرار في المسرح من جانب تدعيمه ومن جانب آخر لأنه مدرسة مهمة نتعلم من خلالها الفن الجاد، بالاضافة الى أنه منفذ كبير لاطلالتنا على الاعمال الفنية الكبيرة في الدراما والسينما ولكن في كل الاحوال لابد أن تتوقف المهزلة التي يتعرض لها المسرح بسبب رؤساء البيت الفني للمسرح.
وقال الفنان يحيى محمود: لقد شكونا مر الشكوى من الادارة السيئة للبيت الفني للمسرح وعندما جاء الفنان ماهر سليم اعتقدنا انه سيدير بفكر جديد، ولكن كان اعتقادنا خاطئا فلم يتغير شىء حتى الآن، واستمرت الادارة السيئة والفكر الخاطئ فهل يعقل أن تكون مكافأة الفنان على العرض المسرحي قيمتها ثلاثة آلاف جنيه ومع ذلك استمر العمل حتى في اوقات احتجاجنا على هذه القرارات السيئة التي يصدرها ماهر سليم رئيس البيت الفني للمسرح لأننا نهتم أن يظهر عملنا في شكل جيد قبل أن نطالب بحقوقنا المادية ولكن لابد من تصفية الادارة الحالية للبيت الفني واعادة بنائها من جديد حتى نتحدث عن كيفية تطوير المسرح لأن في ظل وجود الفكر الحالي لن يتغير شىء ولن نتقدم خطوة واحدة الى الأمام في حل المحنة التي يمر بها المسرح ولكننا سنستمر في تقديم عروض مسرحية جيدة، وأيضاً في المطالبة بالنهوض بالمسرح وتطويره والمطالبة بحقوقنا المادية.


تحقيق – حمدي طارق

http://www.alwafd.org

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *