أحمد الصعري: لابد من تضافر الجهود للنهوض بالحركة المسرحية في المغرب

أحمد الصعري واحد من المسرحيين المغاربة الذين حملوا مشعل الحركة المسرحية، ومن الذين أفنوا العمر خدمة لهذا الفن الراقي، الذي عرف ازدهارا كبيرا في وقت كان المهووسون بالخشبة والركح يبدلون الغالي والنفيس من أجل إنتاج عروض مسرحية، يجوبون بها مدنا متباينة داخل وخارج المغرب..

ويقول أحمد الصعري المدير الإداري للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، في حوار مع “المغربية”، “تعيش الحركة المسرحية حاليا تدهورا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، نظرا لغياب الجمهور، الذي أصبح يفضل البقاء في بيته، ومشاهدة بعض المسرحيات التي يبحث عنها في الفضائيات.


فضلا عن اعتماد المخرجين المسرحيين على الدعم الذي يقدم لهم، الذي ساهم شيئا ما في تدهور المسرح، إذ أصبحوا يشتغلون حسب الأموال التي يتلقونها، عكس ما كان عليه الوضع في السابق، عندما كان الهواة من شريحة المثقفين يبذلون جهودا كبيرة لإخراج مسرحيات في مستوى تطلعات الجمهور.

ما هو الدور الذي تلعبه النقابة المغربية لمحترفي المسرح؟

تأسست النقابة المغربية لمحترفي المسرح، بعد سنوات طويلة من الصبر والنضال، والمطالب بإخراج هذا الكيان إلى الوجود، إذ كانت تواجهنا في السابق عراقيل جمة، نظرا للتخوف الذي كان في هذه الفترة من طرف بعض الجهات من عملية تأسيس النقابات.

وبعد اجتيازنا هذه العقبة، تم تأسيس النقابة الوطنية في عهد وزير الثقافة السابق محمد بنعيسى، واخترنا مكتبا يسرها من طرف بعض المحترفين، ففي الأولى كان سعد الله عزيزا أمينها العام، وجاء من بعده محمد قاوتي، فحسن النفالي، ثم محسن بومسعود الذي يرأسها حاليا. 

فمنذ تأسيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح كان لدينا هاجس وحيد يتمثل في وضع اللبنة الأولى لدعم الأعمال المسرحية، ووضع قانون يحمي الفنانين، والبطاقة الخاصة بالفنانين، التي تساعدهم على الإدلاء بهوياتهم عند الضرورة،إلى جانب الاستفادة من التغطية الصحية.

ومازالت النقابة المغربية لمحترفي المسرح، تطالب بانتزاع مكاسب أخرى لصالح الفنانين الذين مازال أغلبهم يعيشون ظروفا صعبة، حيث وصل عدد فروعها لـ12 فرعا في المغرب في كل من الدار البيضاء، والرباط، والقنيطرة، ومكناس، وفاس، وتازة، ووجدة، وطنجة، وتطوان، وآسفي، وأكادير، ومراكش، والعيون، والداخلة، وبلغ عدد منخرطيها 2200 منخرط.

ويمكن القول إن النقابة الوطنية لمحترفي المسرح أصبح لها اليوم كيان قوي، للدفاع عن حقوق ومطالب الفنانين في شتى المواقف، كحصولهم على الشغل، إذ نطلب اليوم من وزير الثقافة، أن تعطى الأسبقية لأصحاب البطاقة الوطنية للفنانين، قبل المبتدئين، لأن بعض شركات الإنتاج تفضل التعامل مع المبتدئين الذين يرضون بأجور زهيدة لا تناسب الأجور التي يطالب بها الفنانون المحترفون.

كيف ترون واقع المشهد المسرحي المغربي، إنتاجا، وترويجا، وإبداعا؟

يمكنني القول إن الدعم المسرحي، الذي خرج إلى الوجود في عهد وزير الثقافة السابقة محمد الأشعري، سيف ذو حدين، ففي الأول كان يحمل فلسفة نبيلة، ألا وهي المساهمة في انتشار العروض المسرحية، وتحفيز الفرق المسرحية لإنتاج مسرحيات في مستوى تطلعات الجمهور.

لكن الملاحظ أنه ساهم في تقاعس المسرحيين، الذين أصبحوا يتعامل مع إنتاجهم المسرحي حسب الشروط التي يفرض هذا الدعم، على سبيل المثال إذا كان يخصص الدعم لعشرة عروض مسرحية، فعند إنهاء هذه الأخيرة يتوقف كل شيء.

لذلك يمكن القول إن العروض المسرحية أصبحت رهينة الدعم المحصل عليه، وبالتالي أصبح المسرح رهين العمليات التجارية، بينما في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كانت موجة الهواة من المثقفين الذين كان أغلبهم يشتغل في قطاع التعليم، والمهووسين بالمسرح، حيث كانوا يخرجون مسرحيات رائعة، يجوبون بها جميع المدن المغربية، بل يعرضونها حتى في العديد من الدول الأجنبية كتونس، والجزائر، وفرنسا، وهولندا، من أجل تمكين المهاجرين المغاربة في الخارج من مشاهدتها. 

ووصل عرض بعض المسرحيات إلى 100 أو 200 عرض، وكان الجمهور متحمس لمشاهدتها، لكن بعد الدعم ودفتر التحملات، أضحت أغلب الفرق المسرحية تتكيف وتتعامل مع الميزانية التي حصلت عليها، فضلا عن عزوف الجمهور للتوجه للمسارح لمتابعة بعض العروض، مفضلا مشاهدتها من خلال البحث عنها في الفضائيات التي أصبحت منافسا قويا للمسرح. 

من وجهة نظركم كيف تنظرون لواقع الفنان المسرح؟

حاليا يوجد فنانون يعتمدون في حياتهم على اشتغالهم في المسرح، إلى جانب اشتغالهم في التلفزيون، والسينما، لكن المسرح الذي يوجد، اليوم، لم يستطع أن يخرج لنا الجمهور من بيوتهم، الذي أصبح يفضل المسرحيات، التي تعرضها الفضائيات، أو ينتظر مشاهدة بعض المسرحيات المعروضة في المسارح إلى أن ينقلها التلفزيون.

وهذا ليس راجعا لرداءة المسرحية، لكن للتقنيات الحالية التي أصبحت تعتمد في الترويج للمسرحيات، مثل الدعاية في ما مضى كان التلفزيون يساعدنا على إشهار المسرحية، مقابل أن نسمح له نحن ببثها مجانا بعد أن ننتهي من عرضها.

فضلا عن تقنيات الماركوتينغ، التي أصبحت معتمدة حاليا في عملية الترويج للمسرحيات، أخيرا، يمكن القول إن بعض المسرحيات مثل “مسرحية بنات للامنانة”، لقيت نجاحا مهما، لأن عضوات المسرحية عملن جاهدات على الدعاية لها عبر التلفزيون، وعبر اعتمادهن التقنيات الحديثة في الإشهار، باستثناء ذلك نلمس أن هناك خفوت في ما يخص العمل المسرحي مقارنة مع السنوات السابقة، التي كان المسرح يعرف حركة وازدهارا كبيرين لذا فلابد من تضافر الجهود لنهوض بالحركة المسرحية بالمغرب. 

كيف تنظرون للفنانين الشباب خريجي المعاهد وما هي النصائح التي تسدونها لهم؟

اغلب المسرحيين الموجودين حاليا في الساحة جلهم من الشباب، واعتبر هذا شيئا إيجابيا، وظاهرة صحية، لأنهم هم من سيحملون المشعل في المستقبل، بعد جيل الرواد الذين افنوا العمر في العطاء، إذ نلاحظ أن هؤلاء الشباب منهم من أبرزوا مواهبهم الفنية وأصبحت أسماؤهم لامعة، ومنهم من يشتغل في مندوبيات وزارة الثقافة.

لكن النصيحة التي أوجهها لمعظمهم، إلا وهي الاحتكاك بجيل الرواد، والاستفادة من خبراتهم، ومن تجاربهم، وألا يعتبروا تكوينهم في المعاهد كافيا، لان اعتمادهم على التكوين دون تجربة وخبرة فوق الخشبة يمكن أن تواجهه تعثرات، أو إخفاقات كبيرة، لذا أتنبأ لبعضهم بمستقبل واعد.

من خلال تجربتكم المسرحية، كيف ترون المسرح العربي؟

الفرق بيننا وبين المسرح في الدول العربية، يمكن في أن هذا الأخيرة لها تاريخ عريق في المسرح، إذا أخذنا مصر مثلا، يوجد بها العديد من المسارح، والجمهور كان يزور المسارح بكثرة، لمشاهدة العروض المسرحية، لأنهم يعتبرون المسرح جزءا لا يتجزأ من حياتهم الثقافية.

صادف وجودي مرة في مصر، عرض لمسرحية “مدرسة المشاغبين”، وأردت مشاهدة ولم أتوفق في الحصول على تذكرة إلا بعد مرور ثلاثة أسابيع واشتريتها من السوق السوداء، هذا يدل على حب الجمهور للمسرح، حاليا الوضع متأزم جدا في جل الأقطار العربية، الشيء الذي له انعكاس حتى على الميدان الثقافي، لكن ما يمكن ان نسجله أيضا أن الفضائيات تغني الجمهور عن مشاهدة المسرحيات، التي أصبح يتتبعها عبر الفضائيات.

 

حوار: حكيمة ادبيليج

http://www.almaghribia.ma

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *