نقاد عراقيون يشيدون بعرض ‘الهوراسي’ وينتقدون افتقار الناصرية لمسرح متكامل

شهدت قاعة الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية، مساء الجمعة، عرضاً مسرحياً بعنوان “الهوراسي” عن نص للكاتب الالماني هاينر مولر؛ ترجمه صالح كاظم، وقام بإعداده واخراجه وتقديمه الممثل العراقي المغترب هادي الخزاعي .

 

العرض الذي شهد حضور عدد لافت من الادباء والفنانين والهواة، ناقش فلسفة فض “الالتباس” الحاصل في كيفية التعامل مع الازدواج الذي ينشأ لدى محاولة تقييم الأعمال التي يقوم بها الانسان والتي قد تكون في غاية التناقض، فالشخصية الانسانية يمكنها ان تقوم بالشيء ونقيضه في آن واحد, مما يجعل التعامل معها أو الحكم عليها صعباً للغاية، إن لم يكن مستحيلاً .

العمل كما جاء في الورقة التي وزعت للتعريف به يحاول “البحث في كيفية التعاطي مع ثنائية الخير والشر لدى الانسان “.

ويحاول العمل أن يعطي فكرة أو انطباعاً عن أن بشرية الانسان وذاتيته وغرائزيته تجعل من الصعوبة بمكان التعامل معه بمنطق واحد على الدوام، فلا شخصية شريرة على الدوام، ولا ملاك طاهر للأبد، بل هي افعال خاضعة للتحولات البشرية وطبيعية ما تمر به النفس الانسانية من تحولات على مستوى الوجود والانتماء والتأثر والتأثير .

• آراء في العرض

المخرج والناقد المسرحي ياسر عبدالصاحب البراك قال: “أعتقد ان تجربة الفنان هادي الخزاعي في تقديم هذا العمل المسرحي تجربة لافتة للنظر لانها تعطينا صورة واضحة عن طبيعة التوجهات الفكرية والفنية للفنانين العراقيين المغتربين الذين يحاولون نقل التجارب المسرحية الحديثة والافادة من تقنياتها “.

وأضاف” أن العمل الذي شهدنا عرضه اليوم، يأتي كمعالجة جيدة لموضوعة فلسفية عميقة في استنكاه ملامح الشر والخير في الذات البشرية وطبيعتها، ولكن المعالجة الإخراجية جاءت تحمل الكثير من الهنات التي كان من الممكن تلافيها لو اسند الاخراج الى مخرج آخر، كما أن الممثل لجأ الى اسلوب الحكواتي في تقديم شخصيات النص وهي محاولة من الخزاعي للمزاوجة بين المسرح العالمي والتراث العربي “.

ويؤكد “كما ان هذا العمل افتقر الى الكثير من العناصر المطلوبة، ويعتمد بالدرجة الاساس على الطاقة الادائية للممثل فضلا عن النص الذي يعتبر العلامة المركزية للعرض “.

ويتابع “من الملاحظات التي اسجلها على العرض، هو قيام الفنان هادي الخزاعي بإخراج العمل، ولو تخلى عن مقعد الاخراج لمخرج آخر لكان ذلك بصالح العمل، كما نسجل على العرض قلة تحرك الممثل على خشبة المسرح، وكذلك الافتقار الى العناصر والاكسسوار المطلوب “.

وقال الشاعر خالد صبر سالم: “إن العرض المسرحي شخص واقعاً يعيش في داخلنا دائماً، وهو الصراع الانساني الازلي بين قوى الخير والشر، ما بين التطلع الى المستقبل والرجوع للخلف “.

وعن اداء الممثل يقول “إن اداء الممثل كان اداءً جيداً وتمكن الممثل هادي الخزاعي من التأثير على الجمهور وجعلهُ يتفاعل مع العرض المسرحي مع انه من العروض الطويلة نسيباً “.

الناقد علي شبيب ورد قال “إن العمل يرتكز على شخصية واحدة تتقمص عدة شخصيات داخل العرض الواحد، ولكن ما يؤخذ على العمل هو الرتابة في الايقاع وعدم توظيف الإكسسوارات والمكملات الاخرى بشكل يخدم العمل، والسبب للفقر الانتاجي على ما يبدو “.

ويضيف “نتمنى ان تتواصل هذه العروض وبهذه الوتيرة كي يتمكن المتابع والمتلقي من التواصل مع عروض متعددة لتشكيل ذائقة مسرحية لديه “.

الفنان الشاب أمير صبيح قال: “إن العمل المعروض اليوم عمل جيد وفيه لمسة فنية رائعة، ونجح الفنان الخزاعي برأيي في ايجاد تناص ممتع مع نص عالمي “.

ويضيف “أن العمل يطرح تساؤلا كبيرا وهو هل يمكن تبجيل المنتصر مع أنه قاتل في ذات الوقت، أم هل يمكن معاقبة القاتل مع انه المنتصر، تساؤل فلسفي “.

هذا وشهدت القاعة جلسة نقدية بعد العرض مباشرة شارك فيها عدد من الادباء والمثقفين ناقشت العمل، وطرحت بعض الاسئلة على الفنان الخزاعي، الذي أكد على أن الفقر الانتاجي هو من يقف حائلاً دون تكامل العروض المسرحية، كما أن عامل الوقت ضغط ايضاً ليخرج العمل بالشكل الذي عرض به، وأكد أنه اصر على أن يعرض هذا العمل في الناصرية كونها مدينة الاوائل في كل شيء على حد تعبيره .

يشار الى أن الفنان هادي الخزاعي متخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1975، مارس التمثيل منذ عام 1968 في فرقة الصداقة التابعة للمركز الثقافي السوفيتي، عمل في المسرح الشعبي “مسرح الستين كرسي”، عضو نقابة الفنانين العراقيين، مثل واخرج اكثر من 60 عملا مسرحيا في بلغاريا واليمن وموسكو وطوكيو وامستردام والسويد والدنمارك والمانيا .

 

الناصرية (العراق) ـ من حيدر قاسم الحجامي

http://www.middle-east-online.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *