د. حسين علي هارف : النقد رقيب جمالي وليس أداة هدم

بدأ ممثلاً وناقدا وأستاذا وجامعيا..  فتعمقت لديه الرؤية لعالم مسرح الأطفال بعد أن فاز بجائزة قبل ما يقارب العشر سنوات وأصبح مخرجا متخصصا في هذا العالم الجميل؛ عالم الطفولة وصارت لديه تجربة خاصة ومتميزة في مسرحية المناهج  التعليمية كما في مسرحية عالم الفيتامينات التي حازت جوائز عدة.

الفنان حسين علي هارف دكتوراه في الأدب والنقد المسرحي وأستاذ مساعد ورئيس قسم التربية الفنية في كلية الفنون الجميلة وأمين سر رابطة النقاد المسرحيين وعضو لجنة مهرجان المسرح العربي في القاهرة عام 2006. وحاز جوائز  كثيرة منها جائزة  أفضل مخرج  في منتدى  المسرح  1985 وجائزة  الدولة  للإبداع عام 2002 وجائزة أفضل مؤلف في مهرجان مسرح الأطفال  2005 وأفضل نص في مسابقة نصوص مسرحيات الأطفال 2007 وختم عام 2009 بجائزتين مهمتين منها جائزة مسابقة دار الشؤون الثقافية للدراسات النقدية، وجائزة وزارة الثقافة للإبداع في مجال مسرح الطفل .
وللدكتور هارف مؤلفات عدة منها؛ كتاب فلسفة التاريخ في الدراما طبع في الأردن، والموندراما وعلم المسرحية وفن كتابتها، ويوسف العاني رائدا للموندراما العربية،  وشمس والكواكب التسعة (مجموعة مسرحيات) والمسرح التعليمي، والذئب المزيف (مجموعة مسرحيات).
في حوار مع د. هارف  قلت له:

* ما مفهوم النقد عندك ولماذا اخترت النقد المسرحي؟
– كل عمل فني أو إبداع لا يكتمل ولا يتطور بدون العملية النقدية فالنقد رقيب جمالي  يرتقي لأنه عين المتفرج المثالي. وللأسف لدينا حساسية في حركتنا الثقافية من النقد لأسباب تتعلق أحيانا بالناقد ونواياه وأحيانا بـ ( المنقود) نفسه … لكن في كل الأحوال النقد الصحيح هو التقويمي الذي يضيء العمل ويكتشف عناصره الايجابية، ومكامن الخلل أما النقد الاستعدائي فهو نقد يضر بالمبدع والعمل الإبداعي ولا يخدم حتى الناقد نفسه لأنه يتحول إلى أداة هدم وإحباط وليس أداة تقويم وبناء. شخصيا اخترت النقد التطبيقي العلمي والبحثي الذي اكسبني عينا فاحصة لاشتراطات الفن وأصوله وقواعده مما اكسبني مهارات ومقاييس نقدية استمتعت في استخدامها ثم تطورت ممارستي للنقد من خلال المقالات والدراسات النقدية للأعمال الفنية والظواهر المسرحية.
وأضاف: وكنت احد أفراد جيل نقدي جديد كان لا بد من ظهوره ليعمل بدلا من جيل النقد الكلاسيكي أمثال (ياسين النصير وحسب الله  يحيى وجميل نصيف) وجيلنا خرج من رحم العملية المسرحية ويعرف أسرار الخشبة ولهذا أسميناه بالنقد التطبيقي الذي يفكك عناصر النص ويحلل عمل الممثل والمخرج منهم؛ عقيل مهدي ويوسف رشيد وعباس  لطيف ومحمد خضير وباسم  الاعسم  وعواطف نعيم وأنا.

* لماذا هناك شح في عدد النقاد؟
–  لأن وظيفته تنطوي على مغامرة بسبب أن سيكولوجيا الفنان العراقي غير المستجيبة للنقد والناقد حساسة تجاه النقد. وهي مغامرة أن يتجه الكاتب نحو النقد ويغامر حتى بعلاقاته الاجتماعية إلا إذا امتلك أدوات عالية جدا تحقق له علامة متوازنة مع الآخرين. لكننا في المسرح عدد نقادنا اقل من المجالات الأخرى كالموسيقا والأدب والتشكيل.

* ربما السبب هو عدم وجود تخصص في دراسة النقد بكلية الفنون الجميلة؟
– ربما، لكن في الدراسات العليا هناك تخصصات للنقد .

* هل واكب النقد المسرحي أعمال المسرح؟
– نعم. إلى حد  كبير … هناك موازنة معقولة بين تطور النقد وتطور المسرح. في الفترة السابقة كانت الحركة المسرحية أكثر نضجاً من حركة النقد خصوصا في العقد الستيني والسبعيني لكن الآن هناك مواكبة جيدة والعلاقة طيبة ومثمرة.

* قال ناقد إن بعض المخرجين والممثلين  ينظرون باستهزاء للناقد وطروحاته؟
– الفنان الضعيف هو الذي يتبنى مثل هذه النظرة الضيقة التي تنم عن ضعف المستوى الفني وقلة الوعي الثقافي والنقدي.. وأؤكد أن هناك مخرجين  ينظرون بخشية للناقد لان العلاقة بينهما لم تكن مؤسسة  بينهما على نحو صحيح وتتحكم بها علاقات المجاملة أو الشخصية أو الاستباقية، في حين أن النقد يحتاج إلى تجرد موضوعي وحيادي ونزاهة وهذا من الصعب توفره بشكل مثالي في أي عمل نقدي.

* وهل يتوفر بك شخصياً؟
– الناقد لا يستطيع أن يتخلص من التأثيرات الشخصية لكن إلى أي مدى تحكم به هذا هو الاختبار الحقيقي للناقد. وشخصيا أحاول أن اقترب من الموضوعية والعلمية  قدر الإمكان واعتقد أنني نجحت إلى حد كبير بدليل أني حافظت على علاقة متوازنة مع الفنانين الذين كتبت نقدا بحق أعمالهم ولم اخسرهم إلا في حالة واحدة كانت مع الفنان الراحل عزيز عبد الصاحب عندما تناولت مسرحيته (العقد).

* لماذا عالم الأطفال الذي يبدو أنك تفرغت له تماماً؟
– لقد وجدت نفسي متورطا فيه ومنقادا إليه منذ دخولي لقسم التربية الفنية كونه قسما معنيا بمسرح الطفل والمسرح المدرسي فوجدت نفسي ابحث واكتب واخرج أعمالا للأطفال وأتابع مشاريع الطلبة في الدراسة. ثم تطورت النزعة فأصدرت كتبا بهذا المجال فاتجهت إلى تنفيذ تجربة متفردة في عالم الأطفال هي مسرحية المناهج التعليمية فقدمت مسرحية (ماكنة الطعام) ومسرحية (الم الفيتامينات) ومسرحيات أخرى في كتابي (شمس والكواكب التسعة وغيرها) وقد فزت بجائزتين عام 2009 عن مسرح الطفل وكانت حافزا  للمواصلة كاتبا ومخرجا .

* خسرناك ممثلاً بعد انشغالك بعالم الطفولة؟
–  فعلا الإخراج والكتابة والتدريس سرقتني من التمثيل. فبعد حصولي على الماجستير في الإخراج استهواني الإخراج، خصوصا بعد أول جائزة مسرحية قبل عشر سنوات، وكذلك انشغالي بالدكتوراه  ثم رئاسة  قسم التربية  الفنية، ومسرحية  الأعمال التعليمية كل ذلك أبعدني عن التمثيل،  لكني لم اتركه نهائيا بل كنت أمارسه بين الحين والآخر فقدمت مع د. عقيل مهدي مسرحية (جمهورية الجواهري) ثم مسرحية (الوردي وغريمه) وأخيرا مسرحية (الاسكافي). أما في التليفزيون فأنا مقل جدا لأنه يحتاج إلى فراغ وأنا منشغل بالجامعة فلا يسمح الوقت بذلك ومع ذلك  مثلت في عملين اوركسترا، إخراج التفات عزيز وفيلم (أحزان المطر) إخراج احمد.

* كيف تنظر إلى إشكالية  النص المحلي والعالمي وأيهما أصلح وأفضل للمسرح العراقي؟
– بداية أنا مع النص المحلي الناضج والرصين والممتلئ والمرتبط بالهم  الاجتماعي والثقافي الذي يحقق تماسات مع بعض طروحات الواقع السياسي والاجتماعي للبلاد. والكاتب العراقي هو أدرى من غيره في تحقيق ذلك الهدف لكن في المقابل لا ضير أن يلجأ المخرج العراقي إلى اختيار نص أجنبي بشرط أن يطوعه إلى واقعنا. وفيه إسقاط أو مقاربة  تحقق نفس العمل العراقي لان بعض النصوص العالمية تحمل سر صلاحيتها لكل الأزمنة والأمكنة مثل نصوص شكسبير.

 

 

قحطان جاسم جواد

http://www.almadapaper.net

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *