باحثون يتساءلون: أي ربيع للمسرح في ظل الربيع العربي؟

أقيمت صباح أمس في إطار فعاليات مهرجان المسرح العربي الذي تحتضنه الدوحة ندوة في موضوع:»أي ربيع للمسرح في الوطن العربي في ظل الربيع العربي؟»

بمشاركة الدكتورة نهاد صليحة (من مصر) والأستاذة زهيرة بن عمار (من تونس) والأستاذ محمد الصادق (من ليبيا).
بدأت الدكتورة نهاد صليحة مداخلتها بملاحظة مفادها أن الربيع العربي أصبح أشبه بولادة متعسرة تسبب آلاما شديدة وقلقا دائما مستمرا وتأرجحا بين اليأس والرجاء، مؤكدة أن المسرح في مصر عكس هذه الحالة: حالة التوقع الفرح الأولى ثم إدراك أن الميلاد لن يكون سهلا، فبخصوص الحالة الأولى أوضحت المتحدثة أنه في بداية الثورة المصرية، أثناء اعتصامات ومظاهرات التحرير وغيره من الميادين، سادت حالة من الانتشاء والفرح التي تجلت في عروض احتفالية، وأخرى يمكن إدراجها ضمن ما تسميه كارول مارتن «مسرح الواقع». وقالت الدكتورة نهاد إن هذا الوصف ينطبق على العديد من العروض التي شاهدتها على مدار السنتين الماضيتين، والتي تهتم بوضع صور من الواقع الحي ومن التجارب الحقيقية التي حدثت أثناء الثورة على المسرح بأشكال فنية مختلفة، واستدلت على ذلك بمسرحيات: «حكايات التحرير» لفرقة «سبيل» و «ببساطة كده» لفرقة «أنا الحكاية» و «لا وقت للفن» و «دروس في الثورة» لليلى سليمان و«تحت قمر الثورة» لهاني عبدالناصر و «ورد الجناين» لمحمد الغيطي و «كوميديا الأحزان» لإبراهيم الحسيني وغيرها.
ولاحظت المتحدثة أن هذه العروض، بصرف النظر عن مستواها الفني، تشترك جميعها في طرح إشكالية العلاقة بين الوقائع والأحداث من ناحية وبين تفسير الأفراد لها باعتبارها حقيقة أو واقعا حقيقياً.
وأشارت الدكتورة نهاد إلى أن الثورة خلّفت تماساً بين الفرد كفنان والفرد كمواطن، فبرز مفهوم «المواطن/ الفنان/ المؤدي/ الناشط»، مستدلة على ذلك بمسرحية «دروس في الثورة» التي تصف فيها مخرجتها نفسها وفريقها بأنهم ناشطون فنيون. وسجّلت أن المسرح المستقل في مصر كان سباقاً في مواكبة الأحداث بعروضه، وأنه كان عاملا أساسياً في بروز المفهوم السابق ذكره.
واختارت الأستاذة زهيرة بن عمار أن تعكس صيغة عنوان الندوة على الشكل التالي: «أي دور للربيع العربي في صنع ربيع المسرح العربي؟»، وذكرت أن المبدع العربي كان يعيش فترات نضال المسرح قبل الربيع العربي، وحاول أن يخلق لنفسه عالمه وربيعه الخاص، من أجل إيجاد توازنه الطبيعي من ناحية، ومن أجل حقه في التعبير عما يجيش في صدره من ناحية أخرى.
وإثر الربيع العربي -تضيف المتحدثة- تكسرت كل الحواجز النفسية، وتفجرت المواهب الإبداعية، وبفضل هذا الربيع تغير الخطاب وتعددت لغات التخاطب وتباينت مناهجه، وكان من المؤمل ربيع ثقافي وثورة ثقافية، ولكن حصدنا صورة تبنتها أفكار أيديولوجية متخفية خلف أقنعة دينية واجتماعية حاولت بشتى الطرق الركوب على الأحداث وفرض هيمنة معنوية للتأثير من جديد على الفكر والإبداع. وتابعت قولها إنه في تونس -مهد الثورات العربية- ظل المسرح منذ الشرارة الأولى صامدا أمام جميع أشكال التيارات الفكرية الرافضة لمبدأ الاختلاف، رافضا كل أنواع الرقابة، متحديا المنطق التكفيري لبعض التيارات التي تجرم الفنون ولا تؤمن بالفن كرقي حضاري ورسالة نبيلة.
وختمت مداخلتها بمجموعة من المقترحات، في مقدمتها دعوة دول الربيع العربي إلى استشراف المستقبل الثقافي والمسرحي بما يقتضيه ذلك من بناء وهيكلة على أساس معاصرة، كما دعت القطاع الخاص إلى نشر ثقافة الاستثمار الثقافي، مطالبة أيضا بتكثيف التظاهرات المسرحية العربية وفتح المجال للمشاركات الأجنبية للاستفادة منها.
وأشار المخرج والممثل الليبي محمد الصادق إلى أنه بعد حدوث التغيير في بعض الأنظمة العربية، أصبح شارع الربيع العربي مسرحا مفتوحا للمشاهدة، يعبر عن واقعه وحقوقه دون أي رادع أو رقيب، كما أن مواطن الربيع العربي أصبح يرى واقعه الحياتي مهيأً لمنحه المشاركة في تفعيل حرية التعبير من خط اللقاء وليس من على المنابر ومقاعد المشاهدين. وتساءل المتحدث: ماذا يريد أن يقول المسرحي بعد ذلك؟ هل يردد ما يرفع من مطالب وشعارات في الشارع.
وأعرب عن خشيته من تراجع المسرح بسبب غرق الإنسان في الهموم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما قد يبعده عن الفن الذي يُنظر إليه في المجتمعات العربية على أنه شيء ثانوي، في حين أنه من الأساسيات ويجب أن تعطى له الأولوية.

http://www.alarab.qa

 

 

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *