50 مسرحياً عربياً يعتبرون العروض الافتراضية ضد الحياة – يسري حسان #مصر

المسرح
الكتاب الذي يضم شهادات المسرحيين

50 مسرحياً عربياً يعتبرون العروض الافتراضية ضد الحياة – يسري حسان #مصر

كتاب إلكتروني يبحث في “عزلة المسرح في زمن كورونا” عبر شهادات شبه مرتجلة

فرضت جائحة كورونا عزلتها، ضمن ما فرضت، على المسرح، ذلك الفن الذي لا يحيا إلا بالجماعة وفي الجماعة، وتعددت أسئلة المسرحيين حول واقع المسرح، والذي ينتظره، وكيف فرضت الجائحة، في حضورها، شروطها على أبي الفنون، وكيف سيكون بعد غيابها.  

وإذا كانت الجائحة قد فرضت على بعض المسرحيين أن يقدموا عروضهم “أونلاين” كحل موقت، فقد جاء الكتاب الذي أصدرته الهيئة العربية للمسرح تحت عنوان “عزلة المسرح في زمن كورونا” مستجيباً هو الآخر لشروط الجائحة، فصدر إلكترونياً، وأعدَّه المسرحي عبدالجبار خمران، مدير الإعلام في الهيئة، متضمناً شهادات خمسين مسرحياً عربياً، حول عزلة المسرح التي فرضتها عليه الجائحة، وهل كان البديل “الأونلاين”، أم أنه لا بديل عن المسرح الحي. ورأى بعض النقاد ان شهادات الكتاب في غالبها شبه مرتجلة وعفوية وليست مبنية على تأمل موضوعي او بحث رصين، وكأنها جمعت لتكون ملفاً في صحيفة او مجلة.

محرر الكتاب سعى إلى جمع شهادات عدد كبير من المسرحيين العرب على مختلف أجيالهم وتوجهاتهم، وكذلك على مختلف تخصصاتهم، فمنهم الممثل، والكاتب، والناقد، والمخرج، ليقدم في النهاية صورة بانورامية لما يموج به الواقع المسرحي العربي من آراء في كيفية التعاطي مع الجائحة، وكيفية الإعداد لما بعد اندحارها.

ليس مسرحاً

يرى خالد أمين (المغرب) أن تفشي ظاهرة مشاهدة المسرحيات عبر الحوامل المتاحة اليوم، وذلك قبل أزمة كورونا بكثير، لا يساهم فقط في إفراغ المسارح العربية من جمهورها لاقتسام لحظة اللقاء المسرحي، بل أيضاً في تشييء الفرجة المسرحية. ويقول: “للأسف، هناك من يكرس هذا السلوك بنشر العروض المسرحية على الشبكة في اعتقاد خاطئ أنها تخدم الحركة المسرحية من خلال دمقرطة فعل المشاهدة، ولكن، هل بالفعل نشاهد عرضاً مسرحياً حينها؟ هل نشارك في صناعة الحدث المسرحي بينما نحن إزاء مشاهدة نسخة من العرض على الحاسوب؟”.

على الخط نفسه يقف فلاح إبراهيم (العراق) ويقول: “إن ما قدمته مؤسسات مسرحية عالمية كبرى من عروض مسرحية ليس مسرحاً. المسرح لحظة العرض حين يشعر الممثل بنبض الجمهور ويشعر الجمهور بروح الممثل تحوم في سماء العرض. هذه اللحظة “المجنونة” لا يمكن لأي تقنية أن تنقلها أو تكون بديلاً منها. أنا لستُ ضد هذه التقنيات لكنها لا يمكن أن تقدم عرضاً مسرحياً حقيقياً”.

وفي رأي هشام زين الدين (لبنان) فقد سقط فيروس كورونا على المسرح والمسرحيين كالصاعقة، وأحدث صدمة وخلَّف أضراراً لن يتمكن المسرح من تجاوزها بسهولة وقد يستمر تأثيرها مدى الحياة، ما سيؤدي إلى إعادة النظر في العملية المسرحية ككل، فنياً وإبداعياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً، والأهم إنتاجياً، حيث ستنعكس ترددات هذا الزلزال على عملية إنتاج المسرح نفسها والعلاقة مع الجمهور ومع المكان ومع الظروف المادية واللوجستية التي تؤثر بدورها في نوعية الإنتاج.

أما عن إعادة بث العروض عبر هذه المنصات فيقول زين الدين: “أظن أنه اختيار اضطراري، يدخل ضمن باب التأريخ للمسرح. فالعرض له مناخاته وسياقاته وهو قائم على تلك العلاقة السحرية مع الجمهور، والتي لا توفرها المنصات الإلكترونية. ومع ذلك فقد مكَّنتنا هذه الجائحة من التواصل مع بعضنا بعضاً، كما أن المحاولات التي قام بها كثير من الفاعلين المسرحيين، هوَّنت علينا ظروف الحجر الصحي ودعَّمت فكرة ضرورة التواصل والتدارس لتطوير الخطاب المسرحي، وفتح آفاق جديدة للمقاربات الجمالية والأطروحات الفكرية”.

حماية المسرحيين

وبحسب حمادي الوهايبي (تونس) فإن في الظروف الحالية “الموقتة” ينبغي توجيه كل الموارد المتاحة إلى البحث العلمي والنشر، والتوثيق، والتدريب والتطوير المهني في مجال فنون المسرح، وكل ما من شأنه الارتقاء بالإبداع المسرحي في المستقبل، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها. كما أن هناك درساً في غاية الأهمية، عن ضرورة إيجاد آلية لحماية ودعم المسرحيين في أوقات الأزمات.

أسماء مصطفى (الأردن) تقول: “مع أنني خُضتُ تجربة المنصات الإلكترونية والخشبة الافتراضيه فإن الحالة لم تكن طبيعية وصادقة وحقيقية، ومع إني كذبتُ بصدق أثناء أداء المشهد إلا أنني لم أشعر بالدقَّات الثلاث ولم أشعر بنشوة وشغف العرض”.

ويبدو عبدالكريم برشيد (المغرب) متفائلاً إذ يقول: “إن كل هذا الرعب لا ينبغي أن يرعبنا، وكل هذا الذي يحدث اليوم لا يعني أبداً أن التاريخ قد انتهى، وأن المسرح انتهى، وأن الحدائق والساحات العمومية والفضاءات العامة لم يعد لوجودها مبرر. هي مرحلة استثنائية إذن، في انتظار أن نعود إلى الحياة، وأن تعود إلينا الحياة، كما كانت، أو أجمل وأبهى مما كانت، وإذا نحن تغيَّرنا، استجابة لهذا الخواء الذي يهددنا، وإذا نحن فرَّطنا في فكرنا وفي علمنا وفي فننا وفي أجمل ما لدينا، فمعنى ذلك أننا قد انهزمنا، وأننا لا نستحق إنسانيتنا، ولا نستحق هذه الحضارة التي بناها الإنسان عبر تاريخه. المعركة إذن هي معركة وجود، أي نكون أو لا نكون، وأن نوجد كما نريد، وكما تشاء الحقيقة، وليس كما يُفرض علينا”.

ويرى مسعود بوحسين (المغرب) أن المسرح لا يمكن أن يعيش في كامل قواه وتأثيره إلا في الحضور الفعلي الحي والمباشر، بل وحتى أقرب شكل معقول لوجوده الواقعي يكمن في نقله المباشر من مكان وزمان آنيين حيث يشعر المتفرج أنه أقرب إلى عوالم العرض المسرحي فنانين وجمهوراً. إن لم يكن على مستوى المكان، فليكن على الأقل على مستوى الزمان.

عنصر مكمل

ويقول خالد رسلان (مصر): “إذا كنا نتحدث عن أزمة مرض العصر كوفيد 19 الذي ظهر ليكون عائقاً حقيقياً للتواصل الإنساني الحي، ويتسبب في أن يكون بديلاً له التواصل الرقمي، فيظن البعض أن من الممكن للمسرح أيضاً – كجزء من جوهر الحياة- أن تتم رقمنته، إلا إن ذلك مستحيل، ففي النهاية هذا التواصل الرقمي ضد الحياة ذاتها، وضد الطبيعة الإنسانية، قد نستخدمه كعنصر مكمل لشبكة العلاقات الفعلية في الواقع، لكن من المستحيل أن يصبح هو الأساس، فالحياة تبتلع العزلة وتبتلع التباعد، مثلما تبتلع الطبيعة الأزمات والتلوثات البيئية. إن الحياة ستظل باقية على الرغم من الطاعون، والحرب العالمية، وأزمنة العوز والجوع. وهكذا يبقى المسرح مجسداً روح هذه الحياة، والفعل الإنساني الذي ينبض فيها”. إن للمسرح، كما يقول عبيدو باشا (لبنان) “حياة كما للمسرحي حياة. وكما أن المسرح ينتصر على الإرهاق والموت من أجل المسرحي، على المسرحي أن ينتصر على الإرهاق والموت من أجل المسرح. لأن المسرح جسد، روح، لا حيز فقط. المسرح على الطريق المقدس على الدوام، على المسرح أن يجد طريقه المقدسة إلى المسرح من جديد، أن لا يعتبر الصالة والأدوات والمقاعد وكل العمليات المسرحية الأخرى من باب تحصيل الحاصل، لا مسرحي بلا مسرح، لا جمهور بلا مسرح. لا علاقة بين الاثنين، من دون مسرح”.

“المسرح المستقيم”؛ في رأي فاضل الجاف (العراق)، هو “جوهر العملية الفرجوية في المسرح، فمن خلال وجود المتلقي/ المبدع الرابع تتحقق مفاهيم التمسرح والأسلبة والشرطية والرمزية”.

ويقول الجاف: “يبدو أنني سأواصل مشاهدة العروض المسرحية بواسطة شتى السبل والوسائط التكنولوجية، ولن أتردد في قبول دعوات زملائي المسرحيين إلى المشاركة في الندوات والورشات والمناقشات المسرحية عبر الإنترنت، لكن كل ذلك لن يحقق لي تلك المتعة الخلاقة الرفيعة، متعة المبدع الرابع، ما لم أشاهد عروضاً حقيقية في صالات العرض. أتمنى أن يتحقق ذلك قريباً”.

وتقول عزة القصابي (سلطنة عمان): “هذا التحول الإلكتروني للمسرح ومحاولة كسر عزلته في ظل الجائحة، حقَّق حضوراً، ولكنه افتقد التفاعل الحي بين الخشبة والجمهور، وظلت العزلة تلاحقه حتى وقتنا الحالي، كون المسرح فناً حياً، ومتفاعلاً، وجمالياً ينتقل إلى الجمهور مباشرة، وهذا لا يتوافر في المسرح الافتراضي في زمن كورونا”.

يسري حسان – مصر

(اندبدنت عربية)

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …