3 عروض مسرحية رصيد مصر فى المسرح الأفريقى: سحر عزازى

على الرغم من أن أفريقيا لم تكن تعرف المسرح بمعناه الحديث إلا بعد فترة متأخرة، لكنها مارسته بشكله التقليدى الذى سبق التاريخ، وتميز بتركيزه على الحكى ورواية القصص، فضلاً عن ارتباطه الشديد بالحياة اليومية، ولا يزال كتاب المسرح الأفارقة فى جميع أرجاء القارة يستلهمون من تراثهم وتقاليدهم، ليؤكدوا فيه هويتهم الأفريقية وقيمهم الإنسانية، وتغيبت مصر عن تناول المسرح الأفريقى، لينحصر دورها فى تقديم ثلاثة نصوص فقط منذ التسعينات، ثم تجمد بعد ذلك، رغم توافر نصوص كثيرة لكتاب كبار.

«عبدالجليل»: قدمنا «الموت وفارس الملك» للنيجيرى وولى سوينكا.. و«مختار»: العروض الأفريقية تراجعت ولا يوجد من يتحمس لها

وقال المخرج أحمد عبدالجليل إنه قدم عرضين فى التسعينات على مسرح الهناجر، الأول «الموت وفارس الملك» ترجمة نسيم مجلى، عن قصة حقيقية حدثت فى نيجيريا عام 46، وشارك فى البطولة الراحل حسن عبدالحميد، وهناء عبدالفتاح، وراندا وأمجد عابد، ونورا أمين، وأحدث العرض ضجة كبرى آنذاك، لافتاً إلى أنها كانت المرة الأولى التى يقدم فيها المسرح الأفريقى بمصر، مضيفاً: «الديكور كان لصبحى السيد، والموسيقى لانتصار عبدالفتاح، وأقمنا ورشة أفريقية بمشاركة فنانين من شمال السودان والسنغال ونيجيريا، وقدمنا الغناء الأفريقى بلغتهم وهذا العرض قُدم لمدة شهر ونصف وكان هناك احتفاء عربى ومصرى»، وأضاف «عبدالجليل» لـ«الوطن»: هذا العرض شهد مولد المؤلف النيجيرى وولى سوينكا، الحائز على نوبل، وبعدها بعامين طلبت الدكتورة هدى وصفى، مديرة المركز آنذاك، إعادة التجربة وقدمت «الأسد والجوهرة» بطولة توفيق عبدالحميد، ومفيد عاشور، وسلوى محمد على، وإيناس شيحة، وموسيقى طارق شرارة، وكان معنا أفارقة من 9 دول، منها السنغال، وجزر القمر، وإثيوبيا، وغيرها، ونجح العرض، وتم الاحتفاء به»، وتابع: «كان من المفترض أن أقدم عرضاً آخر أفريقياً، لكنه كان يتحدث عن الديكتاتورية العسكرية فى دول العالم الثالث والمشروع تعثر، وطلبت مديرة المركز تقديم «شهر زاد» على مسرح غنائى بشكل آخر لسيد درويش، وطلب الدكتور صابر عرب وزير الثقافة وقتها، إعادة عرض «الموت وفارس الملك» والمشروع موجود منذ أيام هشام عطوة عندما كان مدير الهناجر حتى هذه اللحظة، ولم ينل اهتماماً لتقديمه»، وأوضح أن العروض التى قُدمت عن القارة السمراء اقتصرت على ثلاثة فقط، ولم تكن هناك نية لتقديم غيرها، لاستسهال المسرح الغربى والتركيز على شكسبير وغيره، مضيفاً: «تحمست للروايات الأفريقية بسبب قراءاتى لسوينكا، واكتشفته من خلال لغته واهتمامه بالأفريقية والزنجية، ويكتب فى «حواديت» حقيقية، فعندما قدمت المسرح الأفريقى أصابت الدهشة عدداً كبيراً من رواد المسرح فى مصر، لكننا استطعنا صنع عرض حى»، وقال: «نحن فى مصر لا نبحث عن شىء حقيقى، الشللية أصبحت تحكم أشياء كثيرة، إنما التجارب الحقيقية قليلة جداً، ولولا حماس هدى وصفى، لما قدمنا عروضاً عن أفريقيا، ولا أعتقد أن الأجيال الحالية متحمسة لتقديم أى شىء، حماسهم متجه لتسديد الخانات والأوراق، أتذكر أن الدكتور ميلاد حنا عندما حضر العرض قال لى أنت تحمل بهذا العرض رسالة مهمة جداً لإخوتنا فى جنوب وشمال السودان مفادها ألا يتم التقسيم».

وقال المخرج إسماعيل مختار: «المسرح الأفريقى تراجع دوره فى مصر، ولا يوجد من يتحمس لتقديم هذا النوع من النصوص، مثل الدكتور حسين عبدالقادر، الذى كان يدير مسرح الغد فى التسعينات، والذى طرح فكرة أنه يرغب فى تقديم ألوان مسرحية مختلفة، وأنا اخترت المسرح الأفريقى وقدمت عرضاً للكاتب النيجيرى وولى سوينكا باسم «الطريق»، وهو كاتب وشاعر مسرحى، ويعتبر أول أفريقى يحصل على نوبل فى الآداب، فكان لى الشرف أننى كنت من أوائل من قدموا هذا النوع من العروض المسرحية»، وأضاف «مختار»: «شارك فى العرض آنذاك صبرى فواز، وضياء عبدالخالق، وخالد النجدى، وآخرون، ولم أسمع أن هناك أحداً اهتم بتقديم مسرح أفريقى آخر، وحركة الترجمة تسير بشكل جيد وهناك نصوص رائعة وعلى مستوى عالٍ لكن لا يوجد تفكير فى تقديمها، لكن فى الوقت الذى كان فيه اهتمام بالقارة فى الستينات كان هناك تواصل أفريقى كبير، لكن حتى على المستوى العربى حجم النصوص التى تقدم قليلة جداً، رغم أننا نتحدث نفس اللغة وبيننا تاريخ مشترك، وهم أيضاً لم يتناولوا النصوص المصرية بقدر كافٍ»، وتابع: «هناك حالة تقوقع لا أدرى إن كانت مقصودة أم لا، لكن هذا التقوقع لماذا لا يطال النصوص الأجنبية؟ فنحن نستعين بنصوص أمريكية وأوروبية وبكثرة شديدة، أما النصوص العربية والأفريقية ليس عليها إقبال إلا فيما ندر، مثل نصوص سعد الله ونوس، والمغربى عبدالكريم برشيط، وغيرهما، وفيما عدا ذلك لا تستهوينا هذه النصوص بشكل أو بآخر، رغم أن هناك أعمالاً جيدة لكتاب كبار فى القارة».

المصدر/ الوطن

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *