10 سنوات على محرقة المسرح ونارها لم تُطفأ

noforget

تحل اليوم الذكرى السنوية العاشرة لحريق « قصر ثقافة بنى سويف »، الكارثة الأكبر فى تاريخ المسرح المصرى، والتى راح ضحيتها أكثر من 50 مبدعا فضلا عن 23 مصابا من الفنانين والأدباء والصحفيين، أغلبهم تجاهلت الدولة علاجهم حتى اليوم، ورغم مرور تلك السنوات، لم تنطفئ نار الغضب فى صدور أهالى الضحايا.

فالجريمة ظلت شاهدة على خروج الكبار بلا حساب، بعد براءة المسئولين من تهمة الإهمال وبينهم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ووزير الثقافة حينها فاروق حسنى، بينما دفع الثمن صغار الموظفين بقصر ثقافة بنى سويف بأحكام حبس ما بين 6 أشهر وعامين، وبقيت «شمعة» هى المتهم الأول، واغلق الملف لتضيع معه حقوق ضحايا الحريق.

فى هذا الملف، الشروق تحيى الذكرى العاشرة لشهداء ومصابى المسرح المصرى فى محرقة بنى سويف، تتحدث إلى أسر الشهداء، وتنشر رسائلهم وطلباتهم البسيطة التى لم تتحقق.

نجل الشهيد بهائى الميرغنى: قمنا بثورتين ولم نكرم الضحايا
يقول زياد بهائى الميرغنى إنه ورغم مرور 10 سنوات على رحيل والده بكارثة محرقة مسرح قصر ثقافة بنى سويق فى ختام مهرجان الثقافة الجماهيرية إلا أن الدولة لم تقدم التكريم المناسب له وكل زملائه حتى بعد ثورتين وتغيير أكثر من وزير وأكثر من رئيس، فالوضع بقى كما هو، ولا تكريم أو تقدير حتى لمن فقدوا أغلى شىء ــ حياتهم ــ فى سبيل الفن والثقافة.

ويؤكد زياد أنه طالب الدولة كثيرا فى الوقفات التى تقام فى كل ذكرى للحادث أن تطلق أسماء هؤلاء الشهداء على مسارح الدولة وتسمية شارع باسمه فى المنطقة التى كان يقيم بها، وتكريم أسمائهم فى مهرجانات الدولة كالمهرجان القومى للمسرح، ومهرجان نوادى المسرح، والثقافة الجماهيرية، فهم يستحقون على ما قدموه للدولة وللثقافة اكثر من ذلك بكثير.

 

ويشدد زياد على أنه لا يريد مطالب شخصية لوالده ولأسرته، ولكن يريد تكريم أسماء هؤلاء الشهداء الذين أفنوا حياتهم فى تنوير وتثقيف الناس ولخدمة الدولة ومسارحها فى كل محافظات مصر حتى انتهت حياتهم بهذا الشكل المؤسف وهم يؤدون عملهم الرسمى التابع لوزارة الثقافة كلجنة تحكيم فى مهرجان للدولة الخاص بالثقافة الجماهيرية.

وتمنى زياد أن تنظر الدولة إلى شهداء المسرح وتكرمهم على ما قدموه من أجلها فى حياتهم، وألا تظل مصر دائما مجحفة فى حق أبنائها المبدعين والمخلصين لها ولأهلها على مدى السنين، خاصة أن والده بهائى الميرغنى ومن رحل معه فى المحرقة الذين وصلت أعدادهم إلى 50 فنانا ومبدعا من أهم رواد المسرح والثقافة الجماهيرية فى مصر آخر 30 عاما.

يستعيد زياد لحظة استقبالهم خبر الحريق المؤلمة ليلة 5 سبتمبر 2005، وكان فى الثالثة عشرة من عمره حينها، وظل طول الليل مع والدته وشقيقه الأصغر فى حالة من الذعر والفزع حتى وصلهم فجر الثلاثاء 6 سبتمبر خبر وفاة والده مع زملائه، والذى كان كابوسا قاسيا عليهم كلفهم كأسرة الكثير، فقد عاش شقيقه الصغير طفولته بلا والد بسبب هذا الحادث، أيضا والدته اضطرت إلى تحمل مسئولية كبيرة لتربيتهما، فكانت تلعب دور الأب والأم فى نفس الوقت.

شقيقة الشهيد نزار سمك: لن أطالب الدولة بشىء وأخى فى مكان أفضل
تؤكد تيسير سمك، شقيقة الشهيد نزار سمك، أنها اتخذت قرارا قبل عامين بعدم الحديث فى قضية شقيقها الذى رحل فى حادث مسرح بنى سويف قبل 10 سنوات، بعد أن وصلت الامور إلى طريق مسدود، واكتشفت أن الكلام لا قيمة له، خاصة فى ظل تجاهل الدولة تكريم شهداء المسرح.

وتقول تيسير إنها لن تطالب الدولة بشىء، واحتسبت أخاها عند الله شهيدا، وترى أنه حاليا فى مكان أفضل، ويكفيها حب الناس الذى لم ينقطع.

 

واختتمت حديثها لـ«الشروق» بأن هناك أشخاصا فاسدين يعيشون فى هذه الحياة ولكن المجتمع لا يشعر بهم، فهم كالأموات، وهناك أشخاص رحلوا بالفعل عن الحياة لكن اسمهم مخلد بحب الناس، وهذا هو حال ضحايا قصر ثقافة بنى سويف.

شقيق الشهيد مؤمن عبده: تكريم الحكومة لأخى 10 آلاف جنيه ضرائب
تامر شقيق الشهيد الدكتور مؤمن عبده، عضو هيئة تدريس جامعة حلوان، قال إن السنوات العشر كانت صعبة جدا على أسرة الراحل، فبعد الوفاة مباشرة بدأت الأسرة تتفكك، فالوالد أصيب بحسرة على مؤمن، وأصيب بمرض شديد وتوفى بعد عامين من المحرقة، ثم مرضت الوالدة بعد ذلك وتوفيت هى الأخرى فى ظروف صعبة حزنا على ولدها.

وقال تامر إن التعويض مهما كان كبيرا، فهو لن يعيد الشهداء للحياة، لذلك كان أكثر ما يشغل أسر المبدعين الذين رحلوا فى المحرقة ان تكرمهم الدولة وتقدرهم، ولو بوضع اسمهم على قاعات تابعة لقصور الثقافة، كل فى بلده أو المنطقة التى كان يعيش بها.

وقبل الثورة قرر قصر ثقافة برج العرب وضع اسم مؤمن على احدى قاعاته، وتم ابلاغ الاسرة بذلك، لكن هذا لم يحدث حتى الان.

 

يضيف تامر أن جامعة حلوان هى الأخرى لم تكرم شقيقه، فرغم مطالبة تلامذته وزملائه بوضع اسمه على إحدى قاعات الجامعة، الا أن ذلك لم يتحقق، لذلك يمكن التأكيد على ان كل التكريمات التى حصل عليها مؤمن منذ المحرقة قبل 10 سنوات وحتى الآن، هى تكريمات شعبية بامتياز، ولم يكن هناك فى المقابل أى تكريم رسمى.

وكشف تامر أنه فور وفاة شقيقه، وبدلا من ان يحصل على تعويض، طالبته مصلحة الضرائب بدفع 10 الاف جنيه، واستمرت المشكلة 6 سنوات تقريبا، حتى تم حل الأزمة التى وقف فيها إلى جانب الأسرة الفنان أشرف ذكى نقيب الممثلين فى هذا الوقت.

وقال تامر إنه لم يكن يتمنى أن تصبح وزارة الثقافة خصما طوال العشر سنوات الماضية، وكان عليها أن تبحث عن تكريم وتقدير مناسب لهؤلاء الشهداء الذين أخلصوا جميعا للثقافة الجماهيرية.

زوجة الشهيد محسن مصيلحى: يكفينا وفاء تلاميذه ولا ننتظر الدولة
تقول زينب مصلح زوجة الشهيد محسن مصيلحى الأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية إن الدولة مريضة وتحتاج من يعينها ويقف بجانبها، لذلك لا يجب ان ينتظر أحد منها تكريم أو رعاية.

وتضيف أن الدكتور محسن حصل بعد وفاته على تقدير وتكريم ليس من الدولة، وانما من تلامذته وزملائه فى الأكاديمية، وهذا أهم بكثير من تكريم الدولة، فطلاب الاكاديمية حتى الآن يسألون عنه ويتذكرونه دائما بالخير.

 

أما على مستوى الأسرة، فتؤكد زينب أنها أكملت رسالتها على أكمل وجه كما كان يتمنى زوجها بنسبة تصل إلى 100 %، فمحسن لديه ابنتان، الاولى تخرجت فى كلية الهندسة وتزوجت منذ فترة قصيرة، والثانية التى كان عمرها وقت الحادث 9 سنوات، العام القادم ستحصل على البكالوريوس.

وختمت زينب بأنها لا تشعر بوفاة زوجها، وأن ايمانها بالله قوى جدا، وتعلم أن الشهيد حى يرزق.

 

http://www.shorouknews.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *