مسرحية «التلفة» تقتحم يوميات أربع مومسات

هانوفر ـ من إدريس الجاي: قدّمت فرقة «أكواريوم» النسائية ، مسرحية «التلفة» (نص رشيد أمحجور، إخراج نعيمة زيطان)، في المركز الثقافي لمدينة هانوفر الألمانية، ضمن برنامجه «عوالم جديدة» يوم 29 سبتمبر/ أيلول الفائت، مثيرة موضوع الدعارة كظاهرة عالمية، وفي المغرب على وجه التحديد.
أربع نساء، مومسات، يروين جزءا من يومياتهن وتجربتهن الحياتية خلال 24 ساعة، داخل السجن. يتحدثن عن حزنهن العادي، وفرحهن الممزوج بالمرارة، عن علاقاتهن بالرجال، ببعضهن، بالسجن والسجان، بالجسد، وبالأب، وأيضاً يروين عن عبثية القوانين، والخطوط الحمر الأخلاقية. أسلوب البوح، يمتزج بروح الدعابة كوسيلة مؤثرة جداً، ويتسع القول ليشمل أحلام النساء، آمالهن، تطلعاتهن، علاقاتهن بالعالم الخارجي في ظل رطوبة الزنزانات، ويتحدثن أيضاً عن المستقبل المجهول. هن كذلك، يغنين ويرقصن، ساخرات من قدرهن الذي يتربص بهن، ومتحديات لمأساتهن اليومية.
مضت المخرجة، في تشكيل لوحاتها المسرحية بأسلوبها الاختزالي البسيط. لوحات يديرها الإيقاع المتأني والهادئ، لكنه في الوقت ذاته حيوي وبعيد عن الملل أو الابتدال.
زيطان، تتحدث بلغة ظاهرها الفكاهة وباطنها المعاناة. فالخشبة الفارغة، التي لا تحوي غير أربع مسطبات، مكان نوم أو ورشة عمل، ولاحقاً، أربعة أحواض لاستحمام السجينات، مليء فضائها، أربع ممثلات بحضور قوي.
آمال بنحدو، هاجر الحامدي، جمــــــــيلة الهــــوني، شــيماء أجبيري، جسّدن الثبوت والتحول والانسجام والتنافر، فـــتارة يشكـــلن لوحة ذات أركان أربعة وإطار واحد، وأخـــرى، يرسمن أربع صور مستقلة كلا بذاتها، لكل صورة عالمها الخاص المنفرد، وفي تحوّل بصري ثالث، يوحين بلحظات لا يفصل بينها وبين الجنون سوى خط رفيع. انسجام أدائهن كان له وقع أنشودة أو سمفونية، لحنها واحد وأداؤها أربع طبقات صوتية.

بحوث وورشات عمل

ولدت فكرة العمل، حسب ما تروي زيطان، من ورشات مسرحية أجريت
مع نساء سجينات في سجن مدينة الرباط، وأشرف عليها طاقم المجموعة، تم العمل مع السجينات بطرق تعتمد على الارتجال من أجل تشجيعهن على الخروج من التقوقع على الذات إلى فسحة التعبير الذاتي عن قضاياهن الذاتية والجماعية. بعد ذلك، جرت بحوث ميدانية وحوارات مع سجينات في سجن مدينة طنجة، سجينات يعشن حالة ما يعرف « بالسجن الاحتياطي »، وهي وضعية غير واضحة المعالم يوجد فيها هؤلاء السجينات المدانات بامتهان العهارة، فلا هن محكومات ولا هن طليقات وقد يمتد سجنهن إلى شهور أو سنوات أو يخرجن ببراءة، بدون الالتفات إلى فترة سجنهن الماضية طويلة كانت أو قصيرة؟

الأكواريوم وقضايا المرأة

لا يعدّ هذه العمل، الأول، الذي تقدّمه فرقة الأكواريوم ضمن قضايا المرأة، فيه معروفة بالاشتغال في هذه المسألة، حيث تفجر مواضيع من حياة المرأة على هامش المجتمع المغربي بشجاعة وعقلانية. الفرقة تنادي «المجتمع المدني والسياسيين من أجل الشروع في إيجاد بدائل أخرى لظاهرة الدعارة»، وفق ما تقول المخرجة نعيمة زيطان، مضيفة نحن «لا نروج للدعارة ولكننا ندعو إلى الوعي بوضعية هؤلاء النساء، اللاتي يشكلن جزءا من المجتمع». أما الممثلة هاجر الحامدي، فتقول عن تجربتها خلال التحضير والمشاركة في العرض «لمسنا أثناء عملنا مع هؤلاء النساء عدم وجود فارق بيننا وبينهن. أنهن يستحقن الاحترام الإنساني كما يستحقه كل إنسان، الفارق الوحيد هو أننا كنا أحراراً وهن سجينات».

المصدر/ القدس العربي

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *