وما زلنا نُصرّ.. آفة المسرح المصري أولئك المتعالمون / محمد الروبي

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

في زمن تختلط فيه المفاهيم، ويتوغل فيه الأدعياء، من الطبيعي أن تنتشر مصطلحات وأفعال لا علاقة لها بالفنون عامة وبأبي الفنون خاصة.
ومن هذه المغالطات التي باتت تنتشر كما النار في الهشيم وصف “مؤلف موسيقي” و”تأليف موسيقي”.
المغالطة التي نقصدها هنا لا تكمن في الوصف نفسه، فبالتأكيد هناك تأليف موسيقي ومن ثم هناك “مؤلف موسيقي”، لكن المغالطة التي تصل إلى حد الدجل تكمن في وضع هذين الوصفين بتجرؤ لا يليق إلا باللصوص على أعمال لا هي بالتأليف الموسيقي، وربما ليست بالموسيقى من الأصل.
وإذا أردت أن تتأكد من ذلك يا صديقي، راجع البرامج المطبوعة لبعض العروض المسرحية ولاحظ كم من “مؤلف” موسيقي لدينا. وحاول أن تمارس هذه اللعبة الكاشفة التي مارستها أنا مع بعض الأدعياء، وتتلخص في أن تطلب مقابلة ذلك الذي وضع اسمه أو تلك التي وضعت اسمها على “الأفيش” و”البامفلت” كمؤلف أو كمؤلفة للموسيقى. وحين تصل إليه أو إليها اسألهما بابتسامة تدعي الجهل عن مفهوم ذلك الوصف (التأليف الموسيقي لعرض مسرحي) وتهيأ لسماع العجب. في البداية سيصر هذا الكائن على أن يسمعك مقدمة تعريفية لذاته المتضخمة باعتباره (دارس أكاديمي للموسيقى) وربما حاملا لشهادة الدكتوراه، ثم سيسمعك محاضرة عن “القوالب الموسيقية” ثم.. وثم.. وحين تصرّ أنت على سؤالك: “ما مفهومك للتأليف الموسيقي لعرض مسرحي” سيبهت الذي تجرأ وربما سينصرف غاضبا متهما إياك بـ(الجهل) أو (الحقد) أو كلاهما.
أما أغرب الأوصاف يا صديقي، فتلك التي ستفاجئك على أفيش أحد العروض وبرنامجه المطبوع تخص ذلك (العبقري) الذي كتب اسمه مسبوقا بتعريف (رؤية وإخراج).. نعم يا سيدي.. (رؤية) و(إخراج)! وكأن هناك إخراجا بلا رؤية، أو كأن الإخراج ليس رؤية، لكنه العبقري الذي أراد أن يتميز عن غيره فأضاف صفة جديدة على ذاته البالونية.
المصطلحات العجيبة كثيرة، والأوصاف المدهشة أكثر، ربما لو تتبعناها جميعا هنا لملأت صفحات وصفحات، لكن يكفي أن نقيس على ما ذكرنا لنعرف الإجابة عن السؤال (لماذا تراجع المسرح المصري).

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *