وصار المسرح ضرورة حياتية – سامي عبد الحميد

 

 

سامي عبد الحميد

في أكثر بلدان العالم صار الفن المسرحي ضرورة حياتية يعيشها الناس كحاجتهم للخبز ، وصار الحال كذلك في بلدنا العراق .
صار المسرح ضرورة دينية مقدسة لكونه نشأ في الأصل من الطقس الديني أيام الإغريق القدماء وفي العصور الوسطى تبنته الكنسية واستخدمته وسيلة للتبشير . وبقي المسرح في بعض الحالات مرتبطاً بالطقس الديني ، وما تشابيه عاشوراء إلا نوعاً من مسرح الشارع . وفي العراق نشأ المسرح على أيادي رجال الدين المسيحيين ومن مدينة الموصل . وفي شعائر التشابيه تتوفر جميع عناصر العرض المسرحي ( النص والممثلون والأزياء والملحقات) وتتوفر كذلك عناصر الدراما وأهمها الصراع بين فئتين من الشخصيات .
صار المسرح ضرورة مدنية اجتماعية سياسية يهدف إصلاح ما هو سيئ من المجتمع ويدعو إلى ما هو خير وكذلك إصلاح ما هو سيئ من سلوك لدى الفرد إلى ما هو حسن والمسرح يقف على الدوام موقف الناقد للنساء والانحراف وبالضد من القبح والشر والقهر والعنف وما مسرحيات مثل (روميو وجوليت) و(ماكبث) و(هاملت) و(لير) لشكسبير إلا نماذج.
صار المسرح ضرورة تربوية تعليمية فهو يُعَلمْ مختلف العلوم والأداب والفنون حيث يتعرض لحضارات الأمم وجغرافيات البلاء وتشتغل فيه قواعد الفيزياء والكيمياء وعلم الاجتماع وعلم النفس . وفيه فنون الشعر والموسيقى والرقص والرسم والنحت . وهو في بلدنا العزيز تم تأسيس معاهد وكليات عديدة للفنون الجميلة تضم أقساماً للفن المسرحي حيث تدرس فيها المناهج المختصة بالفن المسرحي نظرياً وتطبيقياً وهذا دليل على اهتمام الدولة بالمسرح وضرورته التعليمية .
صار المسرح ضرورة توعوية توجيهية تدعو إلى رفض التخلف والظلم والاستغلال والقهر والى مجتمع أفضل وما مسرح (برتولد بريخت) الملحمي ومسرح بيتر فايس الوثائقي إلا نماذج للوقوف ضد ما هو سلبي في الواقع الاجتماعي لأية أمة والواقع السياسي لأية دولة.
صار المسرح ضرورة ترفيهية للمواطن وذلك عن طريق التسلية والمتعة البريئة والتذوق الجمالي . وأصبحت التسلية وسيلة للوصول إلى هدف نبيل هو التنوير . ولم تعد التسلية وسيلة وهدفاً في آن واحد كما يفعل البعض ممن يعملون على تدنيس المسرح كفن رفيع .
صار المسرح ضرورة سياحية في عدد من البلدان فكم من سائح يزور انكلترا ومدينة ستراتفورد بلد شكسبير ليشاهدوا مسرح شكسبير وكم من سائح يزور باريس ليشاهد عرضاً مسرحياً لموليير في مسرح (الكوميدي فرانسيز) وكم من سائح يقصد موسكو ليرتاد مسرح موسكو الفني الذي أسسه (ستانسلافسكي) وكم من سائح يقصد طوكيو ليشاهد عرضاً للمسرح الياباني التقليدي ( كابولي) . ونحن هنا في العراق الا يمكن أن نستغل الفن المسرحي كمرفق للسياحة إضافة إلى المراقد الدينية المقدسة والى آثار الأكديين والسومريين والآشوريين والعباسيين . وأن نؤسس تقليداً سنوياً بتقديم ملحمة كلكامش سواء في أحد المسارح أم في أحد المواقع الأثرية وأن نقدّم مسرحيات معدّة عن حكايات ألف ليلة وليلة تقدّم في قاعات القشلة مثلاً .

 

https://almadapaper.net

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش