نصف قرن في المسرح وبلاط الصحافة.. الصحفي والكاتب المسرحي عصام الدين حسن زكي #السودان

 

لم اجد وظيفة لذلك فلجأت لبيع (الفول والتسالي)

ظروف الحياة بتقلباتها المختلفة تأتي بكثير من المفاجآت التي لا ترد في البال أو الخاطر خاصة إذا كان الأمر يفوق التوقعات بتبدل الحال الى حال مليء بالانكسارات وكثير من الآلام والمواجع التي تقذف بصاحبها في بحر من الهموم والمعاناة وتحيط به امواج الحاجة والحرمان بشدة بلا رحمة .
بداية الحكاية
المشهد اعلاه يحكي حال الأستاذ والكاتب الصحفي والمسرحي عصام الدين حسن زكي، ذلك الرجل الذي افنى زهرة شبابه ونضارة عمره مابين (ابو الفنون) المسرح ككاتب ومخرج مسرحي وممثل وما بين بلاط صاحبة الجلالة كصحفي.
مرت السنوات التي قدم فيها عطاءً ثراً ثم شاءت الأقدار أن يبتعد عن المجال الذي عشقه وأحبه بسبب تكالب الظروف الصعبة عليه وبعد أن خانته صحته ليصبح مكبلا بقيود المرض الذي قلل من حركته وجعله اسير منزله البعيد بالوادي الاخضر بعد أن تعبت اقدامه وتورمت في سبيل الحصول علي وظيفة بشتى الطرق لتكفيه شر الحاجة والسؤال لتوفير مايكفيه لطعامه وعلاجه ، لكنه فشل وكان اضعف الايمان أن يلجأ لوضع صينية امام منزله يبيع فيها (الفول والتسالي) ليأكل من عرق جبينه.
رحلة الي الوادي الأخضر
يممت وجهي صوب الوادي الأخضر بشرق النيل حيث يقيم،في تلك المنطقة البعيدة والمسافة الطويلة عن الخرطوم.
مر الوقت سريعا وانا في طريقي الي الوادي الاخضر انظر من على نافذة السيارة لكل منطقة عبرت بها وبعد المسافة التي يعاني منها كل شخص للوصول الي أماكن تلقي الخدمات من مستشفيات وغيرها.
انتبهت وانا شاردة ببصري وخيالي بأنني اصبحت على مقربة من منزل الأستاذ عصام الدين حسن بعد متابعة جيدة للوصف الذي تتبعته حتى وصولي لمنزله.
صينية الفول والتسالي
التقيته وهو جالس أمام صينيته التي يبيع فيها الفول والتسالي قام وتقدم نحوي بخطوات ثقيلة ووجه شاحب مليء بالتجاعيد التي رسمتها الظروف والحال الصعب، حاول أن يغطي على كل ذلك العناء والتعب بابتسامة أبت إلا وان تظهر باهتة لحاله الذي لا يسر.
جلسنا وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث لمعرفة السبب في الحال الذي وصل اليه.
ابتدر عصام حديثه وكأنما تعترض حلقه غصة قائلا: (بعد مشوار طويل من العمل المسرحي والصحفي ظللت لفترة طويلة بلا عمل فبدأت رحلة البحث في الصحف ولكن دون جدوي،اضطررت بعدها وزوجتي للسكن في منطقة الوادي الأخضر بشرق النيل في منزل ايجار قضيت فيه سبع سنوات والان مهدد بالطرد منه نسبة لارتفاع الايجار الي خمسة آلآف جنيه وهو مبلغ كبير لا استطيع تسديده وانا عاطل عن العمل.)
وتابع:(بعدها فكرت في عمل تربيزة صغيرة أبيع فيها الفول والتسالي والترمس لعلها تساعدني في مصاريف البيت،أما بالنسبة للعلاج (الله كريم) فانا اعاني من مرض الأزمة التي بدأت معي قبل سنوات طويلة بحساسية حادة وتطورت والآن استخدم بخاخ علاجي بلغ سعره ٧٠٠ جنيه وغير موجود وبخاخ مساعد للحالات الطارئة وهذا لا بد من أن يكون متوفرا في المنزل، لدي الآن فترة ابحث عنه ولم اجده،والآن لي قرابة العامين لم استطيع تجديد البطاقات العلاجية وكروت الأمراض المزمنة لي وزوجتي وهي مصابة بنفس المرض بالإضافة لعلاج الضغط وجميعها تكلفني مبلغا كبيرا،كما أنني اعاني من الغضروف ونسبة للاستخدام الدائم لادوية الازمة تسببت في تكدسات جيرية باقدامي ما أثر على حركتي ومن المفترض أن اخضع لعملية جراحية لكن ليس لدي إمكانات مادية.)
مناشدة للجنة المفصولين
ناشد عصام الدين لجنة إعادة المفصولين بالنظر لقضيته التي مر عليها وقت طويل منذ تسليمه خطاب الفصل مختتما:( عايز اعرف حقوقي وين مشت؟)
مسيرة المسرح
بالعودة للوراء قليلا لمسيرة الصحفي والكاتب والمسرحي عصام الدين حسن زكي وبداياته الاولي التي انطلقت من بورتسودان التي كان يعمل فيها امين مخزن بشركة البحر الأحمر للعزل والنسيج في العام ١٩٧١ كان وقتها طالبا في مدرسة الأميرية وهاويا في كتابة القصة القصيرة ولم يكن لديه علاقة بالمسرح فقط يستمتع بالسينما.
مفاجأة الفصل
فوجئ في أحد الأيام بالاديب والكاتب الصحفي احمد عبدالرحيم الشيخ أن أخذ واحدة من قصصه القصيرة وطلب منه المجيء الى اتحاد الادباء ببورتسودان التقي فيه بمجموعة من الأدباء الكبار على راسهم استاذة نفيسة ام أحمد وتمت قراءة القصة ومناقشتها وهناك في الدار صادف وجوده تقديم بروف مسرحية قاصدا ملاحظاته فيها فطلب منها كتابة نص مسرحي وكان أول عمل بعنوان(حفرة الدخان).
واصل بعدها في التمثيل والكتابة والإخراج وقدم عددا من المسرحيات بعد ان خضع لكورسات ثم وصل بعدها الخرطوم والتقي بعدد من الأساتذة على رأسهم شيخ المخرجين الأستاذ الراحل المقيم أحمد عثمان عيسى،وقتها شارك في مسرحية (سر في بير) ثم (المك نمر) و (عروس في المطار ) و(نسوان آخر زمن) .
قهر الفصل
نسبة لعدم وجود عطاء مادي من المسرح ظل يبحث عن وظيفة تلبي له متطلبات الحياة وبالفعل تم تعيينه كضابط علاقات عامة في اتحاد نقابات الموظفين وتم تفريغه الأمر الذي جعل اصحاب النقابة يحتجون وطالبوه بتقديم استقالته قدمها وبدأ البحث عن وظيفة جديدة ليتم تعيينه في قسم التنفيذ المسرحي مع الأستاذ حسبو محمد عبدالله .
فاز في العام ١٩٩٢ بالجائزة الخامسة للنشيد الوطني (تراب بلدنا) الذي لحنه الفنان الراحل العاقب محمد حسن وتم تسجيله للاذاعة بعدها بايام تفاجأ باحالته للصالح العام بالرغم من إهماله عشر سنوات خدمة وعندما طالب بمعاشه قالوا له أنه لم يكمل السن القانونية ،موضحا (بالرغم من القانون فيه نقطة مهمة عندما يكمل الشخص عشر سنوات وتم الاستغناء من خدماته تجبر له سنين ويمنح خدمة معاشية إلا أنه للأسف لم يطبق وتم اعطائى مكافأة مادية رمزية لم تتجاوز غير تكلفة وجبة يوم واحد.)
رحلته مع الصحافة
بدأ عصام الدين رحلته مع الصحافة الورقية بسبب حبه للكلمات المتقاطعة وقتها التقى بالصحفي موسى حسب الرسول وتم تعيينه في جريدة قلب الشارع في العام ١٩٩٢ بمرتب عشرين جنيها، بعد فترة طلب منه ضم كتاب للصحيفة فكان أن ضم الأستاذ نميري شلبي ومني سوميت وسفيان الهادي وتطور الأمر لعمل صحيفة تسلية متخصصة ومرت الأيام وتلاشت وبدأ رحلة البحث عن صحف للعمل فيها وبالفعل عمل في (حسن الخاتمة،الأيام، الخبر،الصحافة..الخ) وآخرها فنون التي تم إيقافه منه وبدأ مرة اخرى يبحث عن وظيفة إلا أنه لم يوفق حتي الان.

 

حوار:محاسن احمد عبدالله

https://www.alsudaninews.com/

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.