مهرجان المسرح العربي بالأردن في دورته 12 المؤتمر الفكري في يومه الثاني الصورة والأسطورة في تجربة مختبر الرحالة المسرحي من الارتجال إلى تكاملية الفنون – بــقـلـم : عــبـاسـيـة مــدونــي – الــجـزائــر

الصورة والأسطورة في تجربة مختبر الرحالة المسرحي – مسار حافل وقفزة نوعية

تتواصل فعاليات المؤتمر الفكري في إطار فعاليات مهرجان المسرح العربي بالأردن الممتد إلى غاية 16 من شهر يناير 2020 تحت شعار ” المسرح معمل الأسئلة ومشغل التجديد” ، وفي يومه الثاني تواصلت الجلسات لتكون أولى الجلسات في ضوء   ” الصورة والأسطورة في تجربة مختبر الرحالة المسرحي” ، حيث تحدث ” حكيم حرب” عن الإرهاصات الأولى لفرقة مسرح الرحالة عام 1991 ، امتدادا لتجربة الدكتور          ” عرنوس” من جامعة اليرموك ، وكان ” حرب” أحد تلاميذه .

من خلال الجلسة تمّ التطرق إلى مسرحية ” أغراب” التي تعدّ باكورة أعمال مختبر الرحالة ، أين كان العمل سعيا نحو تطوير النص الأجنبي بإسقاطات وإيحاءات تلامس وتعنى بالقضايا العربية ، كما قدم المختبر تجربة مسرح الشارع أين تمّ الوقوف عند الفجوة التي بين الجمهور والمسرح كإبداع ، حينها قرر الرحالة الخروج إلى الشارع والنزول إلى الجمهور المتلقي لتقديم عروضهم بالساحات .

ومختبر مسرح الرحالة من أولى الفرق المسرحية التي خاضت تجربة مسرح المقهى ، حيث قدمت عروضها بمقهى الفينيق الثقافي ، والعديد من المقاهي وسط عمان ، بالاعتماد على نصوص لكتاب كثيرين منهم الكاتب الفلسطيني ” غسان كنفاني” .

وبحسب البيان الذي أعدّه مختبر مسرح الرحالة ، فقد أضاء مدى انفتاح المختبر على عديد التجارب العربية والمحلية ، من خلال التعاون مع المختبر مع مجموعة من الفرق المسرحية والمخرجين أمثال ” خالد الطريفي” ، ” جواد الأسدي” وكثيرين ، الأمر الذي فسح المجال أمام الفرقة حتى تحصد عددا معتبرا من الجوائز .

كما صرّح ” حرب” أن مسرحية ” نرفانا” قد شكلت نقطة تحول جذري في مسار مختبر فرقة الرحالة ، حيث وقفت عند الصورة والأسطورة ، فمسرح الصورة آنذاك لم ينتشر بشكل واسع كون الجمهور كان في عزلة عن فهم هذا التوجه الجديد ، فمسرح الصورة يستغني عن اللفظ ولا يقدّس النص الدرامي ، معتمدا على الصورة والطابع الحركي   والحالة .

بعدها انتقل مختبر مسرح الرحالة إلى مرحلة الواقعية ، والتي كانت مرافقة لحركة الربيع العربي الذي فرض شكلا آخر من المسرح بمنأى عن  التراجيديا ، فكان المنحى المسرح الكوميدي الشعبي ذا الطابع   الجماهيري ، وكان عصارة تلكم التجربة مسرحية ” جنونستان” ذات الإيحاءات الافتراضية بمنأى عن الزمان والمكان .

ومن التجارب المهمة التي أشار إليها ” حرب”  مشروع المختبر المسرحي الجوال ، وهو من مشاريع وزارة الثقافة بمبادرة من ” حرب” شخصيا ، يعتمد تقديم ورش تدريبية تخص الدراما والمسرح على مستوى العاصمة وعديد المحافظات ، الأمر الذي كشف عن عديد المواهب على مستوى المشهد الثقافي والفني ، مع تجربة رائدة وهي مسرح السجون وهي من أهمّ وأعرق التجارب الإنسانية الفارقة في تجربة الفرقة ، مع تدريب السجناء والسجينات على كل ما يتعلق بالفن الرابع .

هذا ، وقد تحدث الدكتور” رياض السكران ” من العراق حول تشكيل الفرضيات الجمالية في تجارب ” حرميم حرب” بمعية فرقته ، والتي فسحت المجال للتواصل مع الشريحة الكبرى من المجتمع عن طريق تقديم أعمال من عمق الواقع المعيش ، وأن ” حرب” ممن تفاعلوا مع الحراك المسرحي بالعراق من خلال أعماله ” هاملت” التي قدّم من خلالها طرحا جديدا ومتجددا برؤى إخراجية معتمدة على الممثل والحوار المختزل الهادف ، والعمل على الصورة بشكل أكبر .

وأن التجربة التي خاضها في مسرحية ” نرفانا”  ذات فرضيات جمالية وأنساق ذات دلالات أسهم فيها الممثل بشكل أكبر ، ناهيك عن دور السينوغرافيا ، بالإضافة إلى تجربة المسرح الشعبي .

من الإرتجال إلى تكاملية الفنون

      ثاني الجلسات من فعاليات المؤتمر الفكري والتي أدارها الفنان ” أحمد سرور” من الأردن  ، جاءت بعنوان ” من الإرتجال إلى تكاملية الفنون” مع الفنان المصري ” خالد جلال” من خلال مركز أستديو الإبداع وليد صندوق التنمية الثقافية ، والذي بفضله تمّ تخرّج كمّ لا بأس به من المواهب في شتى مجالات الحقل المسرحي من تمثيل وإخراج ، كتابة وموسيقى وديكور وتقنيات ذات علاقة بعناصر العمل المسرحي .

وقد تحدّث الفنان” جلال خالد” عن بداياته في المسرح الجامعي مطلع الثمانينات ، وهو المسرح الذي تخرج منه كبار النجوم في مصر الذين تتلمذوا على أيادي أستاذة كبار أمثال ” كرم مطاوع” و” سعد أردش”، وفي سياق الحديث عن بداياته أوضح مدى أثر الفنان والدكتور” سناء شافع” صاحب الفضل الأكبر في دخوله المعهد العالي للفنون المسرحية أين تدرّج على مدار أربعة سنوات ، وكان الأول على دفعته مع مشروع تخرجه كان العروض في الأماكن التاريخية، مع استعراض شتى تجاربه في عديد الدول الأوربية .

كما تحدث عن التجربة التي يقوم عليها أستديو مركز الإبداع في التدريب على المسرح والتمثيل والغناء ،والإلقاء والتصوير الفوتغرافي والاستعراض والارتجال ، وتقديم الشباب إلى الحياة الحقيقية متسلحين بالموهبة والأدوات الإبداعية ترشّحهم وتمكنهم من القيام بأعمال فنية في المسرح والتلفزيون ، فمهمة المركز الأولى والأهم هي صناعة الفنان الشامل .

كما تطرق ” خالد جلال” إلى مفهوم الإرتجال في مسرحه هو واتجاهه ، وهو أسلوب في اكتشاف وإظهار مهارات الممثل الشامل وتمكينه من أدواته الإبداعية ، إذ بعد عملية البناء التي تكتمل يتم العمل على الضبط والتنقيح ، وأن تجربة مركز الإبداع تتعدى عملية الإرتجال كأداء فني ، وهذا يتجاوز حدود الورش التدريبية التقليدية ، والارتجال يقتضي أن تكون في لب وعمق الأحداث .

وعليه ، فإن فعاليات المؤتمر الفكري تظل متواصلة للتجديد في طرح الرؤى ، والاشتغال على عديد من الأسئلة التي من شأنها أن تقف عند كل تجربة على حدة والغوص في مكنوناتها خدمة للفن الرابع .

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد العاشر