مهرجانات الشارقة الجديدة.. أكثر من وجه للمسرح

355

تستعد دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة – إدارة المسرح، لتنظيم الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، فيما بين 15 و19 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تأكيداً لجدية سعيها إلى تحفيز الساحة المسرحية بأشكال مسرحية ودرامية جديدة، وهو الاتجاه الذي بدأته في السنوات الأخيرة، عندما أطلقت عدة فعاليات مسرحية في عدة مدن من إمارة الشارقة، وأرادت به أن تحدث حراكاً مسرحياً، في فضاءات مختلفة لا تقتصر بالضرورة على فضاء الخشبة التقليدية، بل تضيف لها فضاء الشارع (مسرح الشارع)، وفضاء المدينة (مهرجان خورفكان المسرحي)، وفضاء الصحراء (مهرجان المسرح الصحراوي)، وبصيغ متعددة بتعدد تلك البيئات (مهرجان الشارقة للمسرح الكشفي، كلباء للمسرحيات القصيرة، ودبا الحصن للمسرح الثنائي)، وكان لكل تلك المهرجانات صدى في الساحة المحلية وتجاوب من الفرق والمسرحيين.
انطلقت تجارب الأشكال المسرحية الجديدة في 2011 بسلسلة من الورش والتدريبات التي أشرف عليها المخرج السوداني الرشيد عيسى، وسعت إلى إكساب المشاركين مهارات مسرح الشارع، وهو نوع من المسرح يعتمد على مهارات الممثل الحركية، وقدرته على الارتجال، وتقمص الشخصية، وبث الضحكة في الجمهور، وقد نجم عن تلك التدريبات تكوين فرقة لمسرح الشارع قدمت عدة عروض في كل من قناة القصباء وبحيرة خالد ومنتزه الجزيرة وكلباء وخورفكان ومنطقة نحوة وشيص، وشاركت أيضاً بتقديم عروض ضمن أيام الشارقة التراثية، وكان لمجمل ما تقدمه صدى لدى الجمهور، وقدمت عروضها «لعبة الذئب والخرفان»، و«لعبة الطاقية»، و«كلٌّ يغني على ليلاه»، و«الشيفة شيفة والمعاني ضعيفة»، و«حالة وطن»، و«نوادر جحا».
شجعت تجربة مسرح الشارع على إطلاق «مهرجان الشارقة للمسرح الكشفي»، الذي يقدم عروضه وأعماله الفنية في فضاءات مفتوحة، وذلك لإدخال المسرح بشكل فاعل إلى أنشطة هذه الحركة التطوعية التي تتصل بالجمهور بشكل مباشر، من خلال ما تقوم به من أعمال إنسانية، وقد نجح المهرجان في تقديم عروض سنوية متميزة، وفي اكتشاف مواهب جديدة أصبح لها دور خارج المسرح الكشفي نفسه.
واستغلالاً للفضاء أيضاً أطلقت إدارة المسرح مهرجان خورفكان المسرحي، الذي هو عبارة عن كرنفال احتفالي يستغل التنوع البيئي في المدينة؛ لإقامة أنشطة استعراضية ودرامية متعددة الأشكال، حيث يشهد مسيرة على طول الشارع الذي يشق المدينة، يشارك فيها فنانون استعراضيون وراقصون وموسيقيون ومغنون، وكل أشكال الفلكلور، كما تقام عروض مسرحية في فضاء مفتوح على الشاطئ، تصاحبها فقرات استعراضية أخرى، ويشهد المهرجان مشاركة من دول مختلفة عربية وأجنبية، ويشكل يوم المهرجان فرصة استجمام ومتعة لسكان المدينة والمدن المجاورة لشهود إبداعات فنية جميلة على شواطئ خورفكان الجميلة التي تحتضنها الجبال، من عدة جهات، وجرت العادة أن يشارك الفنانون الإماراتيون بأشكال مسرحية واحتفالية متعددة، فهناك الفرق الغنائية والموسيقية، وهناك المسرحيون والكوميديون، وهناك الفنانون البارزون الذين يحيون ليلة المهرجان على المسرح المفتوح بمداخلاتهم الفنية، فضلاً عن العروض المسرحية التي تقدمها فرق إماراتية، ويشكل ذلك التنوع في العروض المسرحية والاحتفالية رافداً آخر يرفد الساحة المسرحية بالتجارب والأفكار الجديدة، كما أن للمهرجان بعداً سياحياً يتمثل في لفت الانتباه إلى ما تتميز به تلك المدينة الجميلة النائمة بين البحر والجبال، من جمال خلاب، يجتذب السائحين والباحثين عن الاستجمام خاصة في الصيف، وهذا الطموح السياحي أصبح اليوم أحد المرتكزات التي تقوم عليها المهرجانات الثقافية في العالم، فكثيراً ما تستغل المدن غناها الثقافي لجذب السياح إليها من خلال نشاط ثقافي أو فني يمكن أن يجذب كافة أطياف المجتمع، مثل الكرنفالات والمهرجانات المسرحية والمهرجانات الشعرية، والبيناليات التشكيلية وغيرها.
الفضاء الصحراوي كان بدوره أحد الفضاءات التي استغلت لإقامة شكل من العروض المناسبة له، حيث أطلقت إدارة المسرح العام الماضي «مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي»، واعتمد بدوره شكل المسرح المفتوح، الذي يتخذ من الفضاء والمساحة الخارجية خشبة مشرعة للمارة يتحلقون حولها لمشاهدة العرض، ويقام في أماكن تواجد الجمهور في الشتاء؛ حيث تلك الفترة من السنة، حيث تخيم الأسر في تلك المناطق في منطقة الكهيف الصحراوية في الشارقة، ويقدم المهرجان عروضاً مسرحية مستقاة من الحياة الصحراوية وتستلهم طرق العيش والعادات التقليدية فيها، وتحفيز المخرجين والمسرحيين على الحفر في تلك الأشكال التقليدية لتقديم صيغ عروض معاصرة تستجيب لحاجات الراهن، ولتطلعات الإنسان اليوم.
أما فيما يتعلق باستغلال صيغ مسرحية جديدة لإقامة مهرجانات، فقد كان أهمها إقامة مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة الذي انطلق عام 2012، وسعى وقدّم صيغة جديدة شكلت تحديّاً للمشاركين فيه، وهي كيف يقدمون عرضاً مسرحياً ناجحاً فيما لا يتعدى 30 دقيقة، وكيف يمكنهم أن يتصرفوا في نص طويل وتحويله إلى نص عرض قصير، كان ذلك هو التحدي، والتحدي الأكبر أن المهرجان هو مهرجان هواة، يطلب منهم أن يتعاملوا مع فضاء الخشبة بأبسط الإمكانات، وأن يتصرفوا في النص كيفما يشاؤون بما يسمح لهم بتوصيل رؤيتهم في حدود الزمن المتاح.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *