مسرح عرائس أوروبا.. من الخشب إلى عالم السينما

له مسميات عدة من بينها مسرح الدمى، ومسرح الماريونيت، ومسرح الكراكيز، ومسرح الأراجوز
 
وقد عرف فى أوروبا تحديدا اليونان القديمة وروما القديمة منذ عهد بعيد، حيث عثر الأثريون علي دمي ذات أرجل وأياد متحركة مصنوعة من الطين والعاج يعود تاريخها إلي العام 500 قبل الميلاد.
 
كما عرفته معظم الدول الأوروبية في العصور الوسطي ٬ خاصة في إيطاليا وصقلية، وتطور فن العرائس تطوراً كبيراً منذ القرن الحادي عشر الميلادي وحتي الآن .
 
العرائس والماريونيت
 
ظهر المسرح في بدايته عند الرومان و الإغريق ثم انتقل المسرح إلى العالم العربي فظهر أول مرة بالشام و مصر و كان ذلك مع بدايات القرن التاسع عشر بعدما قدمت فرق من فرنسا و إيطاليا في الفترة التي كان يحكم فيها محمد علي، و في عهد الخديوي إسماعيل أسست دار الأوبرا المصرية من أجل أن تنافس أرقى المسارح الأوربية.
 
في الغرب لم يعرف الناس مسرح الطفل، إلا بعد أن تعرفوا على مسرح العرائس والماريونيت، فكان اللاعبون ينتقلون باللعبة ويتجولون بها من مكان إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى.
 
كانوا يرتادون المدن والقرى النائية لإسعاد الصغار والكبار على حد سواء، ومازال الاهتمام بـ«الماريونيت» في الغرب مستمرا إلى يومنا هذا.
 
يرجع تاريخ مسرح العرائس في أوروبا إلى فترة «كريستوفر كولومبوس» حيث كان أحد مرافقيه كان يصطحب دائما عروسًا تحركها الخيوط.
 
عرائس بأرجل وأيد خشبية
 
كما أن الفلاحين الذين كانوا يقطعون الأخشاب كانوا يصنعون عرائس بأرجل وأيد خشبية ويوظفونها في احتفالاتهم الموسمية، وقد شهد هذا الفن انطلاقته الأولى بشكل مسرحي في أوروبا في القرن التاسع عشر.
 
وقدم الفنان الهولندي «نيل وندرليندن» في ورشته تعريفًا بعدد من تجارب مسرح العرائس في بلدان عدة، وأشار إلى أن الإقبال على هذا الفن في الصين يتعاظم يوما بعد يوم وأن جمهور مسرح العرائس في الأغلب من أطفالا صغار لكن التقليدي منه يحظى بمتابعة الكبار وإعجابهم.
 
و تعود الكتابات الأولى في مسرح العروسة الى الأسطورتين الهنديتين «ماهبا هاراتا» و «رامايانا», وهما أسطورتان مليئتان بالطقوس الدينية السرية التي كان يعتقد أنها تجلب السعادة في قلوب الداخلين الجدد.
 
عمل مسرح العروسة الهندي على نوعين من أدب المسرح, الأول قصة أسطورية عن حب «راما» للشاب «سيتا»، الذي يقع في حب أسطوري غير واقعي, والنوع الثاني قصة حب حقيقية بين البشر جميعا ينتزع علاقات الحياة العامة بكل ما فيها من ود ورحمة واحترام وتعاملات وأخلاقيات.
 
تعدد المسارح
 
توسعت مسارح العرائس بعد حركة التنوير الأوروبي, وبحلول القرن 19 ميلادي اهتمت الحكومات الأوروبية ببناء مسارح خاصة للأطفال, كان مسرح «باب شميد» وبابا هنا بلغة الأطفال، أشهر المسارح الأوربية في ميونيخ بألمانيا.
 
وقد شجع أحد نبلاء ألمانيا «بوتسي» على تأليف مسرحية للطفل، الأمر الذي حفز كبار الفنانين من كتاب ورسامين على الكتابة لمسرح الطفل أوترللو، مايول، كاندينسكي، كلي، جوردن كريج.
 
وبعد الحرب العالمية الثانية، وبروز التربية كأحد العلوم الحديثة والمتصلة بغالبية العلوم الأخرى، خطا المسرح خطوات واسعة، وتم انشاء مسارح جديدة للأطفال لتغطية العلوم التربوية والاجتماعية تطبيقا في الفن المسرحي.
 
فظهر مسرح «اسكوبا» في تشيكيا الحالية، مدرسة «أوبرزكون» لفن العرائس في روسيا، ومسرح «الخبز» والعرائس في الولايات المتحدة الأمريكية ومائة مسرح للعرائس في بولندا وحدها.
 
عروض ودراميات
 
تغيرت مناهج المسرح ودراساته بعد استتباب هذا النوع من المسارح عالميًا، وبعد التقدم العلمي والتطور الفكري للدول المتقدمة, دخلت عروض ودراميات مسرحية جادة إلى بوابة مسرح العرائس, فأعدت للأطفال دراما تحمل من الفكر الكثير منها «غول لويزيتانا لبيتر فايس»، زيارة السيدة العجوز لدورينمات.
 
كما دخلت العروسة الخشبية إلى أفلام السينما وأفلام الرسم الإيجازي الكارتون حتى وصلت إلى مكانة الممثل «لحما ودما» في المسرح الدرامي، وهي الدمية الخشبية التي لا روح فيها ولا حركة.
 
وبنفس النجاح الذي وصلت إليه أفلام الكاريكاتير وشرائط رسوم الأطفال في العصر الحديث تلك التي تملأ ساعات طويلة من الإرسال التلفزيوني المعاصر.
 
وقد ساعد على انتشاره تصدي عدد من الباحثين في عالم الطفل, ماهيته ونشأته وتنشئته ومستقبله، مؤلفين العديد من الكتب العلمية الموجهة إلى ثقافة الطفل على غرار كتب من العروسة الخشبية إلى السينما تأليف «سرجي أوبرزكوف» فن العروسة- تأليف «سيلاجي رجي»، خصائص فن العرائس بقلم «هافاشي ثاندور».
 
كما أسس النحات الألماني «بيتر شومان» مسرح «الدمى والخبز» بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1962م، وقد قدمت عروض هذا النوع من الدراما في المقاهي والمطاعم والكنائس والمسارح والشوارع والأماكن العامرة، وعرضت أيضا في الهواء الطلق، وبهذا يتجاوز هذا المسرح فضاء القاعة لينقل عروضه إلى الفضاءات المفتوحة.
 
وعن مسرح العرائس قال الكاتب الأميركي «مارك توين» ” أنه أعظم اكتشافات القرن العشرين، تلك الوسيلة والغاية التي تغني العقول وتهذب النفوس وتخلق جيلاً واعيًا يستطيع أن يواكب التطور الحياتي السريع الذي يشهده العالم المعاصر.

————————————————————————-
المصدر : مجلة الفنون المسرحية – تقرير : محمود أيوب – محيط

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *