مسرح عالمي: يَرما والحديقة السرية.. بين غارسيا لوركا وسيمون ستون ترجمة: عادل العامل

يعيد الكاتب المخرج سيمون ستون موضعة مسرحية “يَرما والحديقة السرية Yerma and The Secret Garden “، المستندة على مسرحية فيديريكو غارسيا لوركا عام 1934، من قرية اسبانية ريفية إلى منزل كبير في حي لندني لاحق حيث تكون البطلة المجهولة الاسم ( التي تقوم بدورها الممثلة بيلي بايبر ) قد انتقلت إليه للتو مع صديقها جون ( بريندان كاوَيل )، كما جاء في هذا العرض النقدي القصير لنيل نورمان، الذي نُشر في Express.
وبطلة المسرحية، في الانتاج الانكليزي الحديث، كاتبة عمود صحفي ومدوّنة على الانترنت، وهي تكتب عن نفسها، وأصدقائها وأحبائها بأسلوب صريح على نحوٍ قاسٍ يمنحها قاعدة هائلة من المتابعين المعجبين العاطفيين.
وكان كل شيء في حديقتهما يبدو وردياً إلى أن تُصبح دقات ساعتها البايلوجية، كما هي الحال في ” القلب الواشي ” لأدغار ألان بو، عاليةً جداً بحيث لا يمكن تجاهلها. وبالرغم من علاجها مدة خمس سنوات من أجل أن تحمل، فإنها تفشل في الحمل ويقرر صديقها جون أن الأمر ما عاد مجدياً.
ويدفعها هذا، ارتباطاً مع خصب اختها السهل وتخويف أمها الفعال، إلى حافة العقل. وبتجريد المسرحية من تجهيزاتها الاسبانية/ الكاثوليكية، فإن يرما المخرج ستون لا تعود تعكس الضغوط الاجتماعية المعاصرة ولا يجد هو أيضاً الشعر البديل في اللغة كما فعل الكاتب المسرحي الأميركي تاريل ألفين مكراني في ” الماء الأحمر والبنّي “. فهو يختزلها، بدلاً من ذلك، إلى صراع عنيف أقرب إلى أفلام إنغمار بيرغمان. ويشاهد الحاضرون الجالسون على كل جانب من المقصورات الزجاجية، الشخصيات كعيِّنات في طبق بيتري عملاق وهي تتحلل تدريجياً أمام أعيننا. ويمكن القول إن بيئة الدفيئات  hothouse التي لا يمكن أن ينمو فيها شيء صورة ذكية، مثلما هو الانتقال من قيل وقال القرية إلى جاذبيات الانترنت.فبيوت المجموعات السكنية إما غرفة عارية، أو مفروشة بالسجاد، أو هي مرجة ذات شجرة. ” وأنا لا أستطيع حتى أن أزرع شجرة “، كما تقول البطلة منتحبةً حين تدرك أنها غير مقدَّر لها أن تكون أمّاً.
وهذا الانتاج المتّسم بالشدة والعنف مطعَّم بعتمات قاسية حين تتحرك موسيقى ستيفان غريغوري المقلقة من إنشاد شبه ديني إلى قطع حادة، بينما تومض تعليقات على شاشات فوق المسرح. إنها تجربة مسرحية مكهربة يقوم بإنجازها طاقم تمثيل رائع، وبوجه خاص بايبر.
ويرما، في الأصل، كما جاء في ويكيبيديا، مسرحية كتبها الكاتب المسرحي الاسباني فيديريكو غارسيا لوركا عام 1934 وتم تمثيلها في العام نفسه. ويصفها غارسيا لوركا بأنها ” قصيدة تراجيدية “. وهي تروي حكاية امرأة لا تنجب أطفالاً تعيش في الريف الاسباني، كما ذكرنا آنفاً. وتصبح رغبتها اليائسة في الأمومة هاجساً ملحّاً يدفعها في نهاية الأمر إلى قتل زوجها، وذلك بفعل الضغط النفسي في مجتمع كان يتوقع آنذاك من المرأة أن يكون لها أطفال.

المصدر/ المدى

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *