مسرح عالمي: “الوريثة”.. بين رغبة فتيّة واستبداد أبوي أقدم ترجمة: عادل العامل

إنها لحقيقة معترف بها عالمياً أن الرجل الأعزب الذي تصبح لديه ثروة طيبة لا بد وأن يرغب في ان تكون له زوجة. ( أو هكذا لمّحت إلى ذلك جين أوستن ). لكن رواية هنري جيمس عام 1880 ( ميدان واشنطن )، التي كيّفها للمسرح عام 1947 روث وأوغوستوس غويتس، تتساءل كيف أن تلك الرغبة يمكن أن تتبدل حين تنعكس الأدوار. ( والعمل في الأصل رواية قصيرة للكاتب البريطاني الأميركي المولد. وقد نُشرت أصلاً في عام 1880 مسلسلةً في مجلتين، وتُعد ميلودراما بسيطة تدور حول الصراع بين ابنة حلوة لكنها باهتة وأبيها اللامع العديم الشعور. وتستند حبكة الرواية على قصة حقيقية روتها لجيمس صديقته الحميمة، الممثلة البريطانية فاني كيمبل. ) والابنة هنا، كاثرين سلوبر ( التي تقوم بدورها كارين مكارتني ) وهي امرأة شابة ذات ثروة مهمة لكن بإمكانيات رومانسية قليلة. ويقال لنا تكراراً إنها خرقاء ومحرومة من الجمال، وهكذا يكبحها أبوها العنيد الساخر الدكتور سلوبَر ( دينيس كونوَي ) الذي يحبسها  في ظل أمها المثالية الراحلة. وحين يصل خطيب مفلس ( وهو موريس المنافق الذي يقوم بدوره دونال غاليري)، متعجلاً للزواج منها، تعتقد هي بأن الرغبة الفتية تستطيع أن تتحدى الاستبداد الأقدم منها. ويخامر هذا، بالطبع، الشك في إرثها. وفي كلتا الحالتين، فأينما تكون هناك رغبة، تكون هناك طريقة.ويهزأ الأب كونوَي حين تتحداه العمة الطيبة القلب لافينيا ( ماريون أودواير)، قائلاً ” شك؟ إنه تشخيص، عزيزتي “. ويبدي اقتناعاً متصلباً، تخفف منه قليلاً كتلة من شعر الوجه، معتقداً بأن كل الكذب سوف ينكشف تحت حملقته الساخرة. وهكذا يُقيم قضيةً داعياً فيها شهوداً، وهو واثق من أن موريس سيتحطم تحت هذا الاستجواب الحضوري.
وبالمثل، فإن المخرج ديفيد غريندلي يتّسم بإدراك هادئ للمكر الشديد في هذا العالم، لاكزاً إياه أحيانا ليرى إن كان سيهتز. ويجلس زوار المسرح مترقبين بانتظار رسّام الصورة؛ ويتكلم الكل مع جريان النص؛ وبرمشة عين خاطفة، يبدأ الممثلان غاليري و أودواير المشهد، بانطلاقة من الضحك. فالمسرحية، كالمجتمع، ملتبسة على نحوٍ فاتن من ناحية دوافع الناس.
وهناك بالمثل سايكولوجيا معقدة في علاقتها المركزية بين أبٍ يرغب في أن يكون متخلصاً من ابنته لكنه لا يستطيع أن يدعها تذهب. وكونوَي رجل رابط الجأش على الدوام، ونادراً ما يغلبه غضبه ولا يستطيع أن يفهم. أما مكارتني ، فتتصرف بتوازن لطيف، جامعةً بين ابتسامة يائسة وعينين مذعورتين لكن الطابع البارد لهذا الانتاج يعني أن هذه المؤمنة بالانفعال نادراً ما تصل إلى نقطة إظهاره.
 عن: The Irish Times

المصدر/ المدى

محمد سامي / موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *