مسرحيون يضعونه في الميزان.. “يعقوب صنوع”: مسرح “أبو نضارة” بين الريادة والوهم!

يعقوب روفائيل صنوع “أبو نضارة” الذي وُلد بحي باب الشعرية بالقاهرة، يوم 15 أبريل 1839، لأبوين يهوديين من أصول إيطالية، لا أحد يستطيع أن ينكر دوره في الصحافة المصرية الساخرة، أما عن دوره كرائد ومؤسس فن المسرح في مصر فمحل جدل واسع، إذ لم تصلنا أي صورة من مسرح “صنوع” الذي تحدّث عنه في مذكراته.

بداية “صنوع” كانتحسب “دوت مصر” مع عشق الشعر والزجل، إذ ألف قصيدة للأمير أحمد يكن باشا حفيد محمد علي، فأعجبته وقرر حينها أن يضمه لرعايته وأرسله في بعثة دراسية إلى إيطاليا استمرت 3 سنوات، درس خلالها الموسيقى والرسم والأدب ثم عاد إلى مصر وعمل بالتعليم حتى تفرّغ للتأليف الدرامي.

وفي مذكراته، يقول صنوع عن نشأة مسرحه “وُلد هذا المسرح في مقهى كبير، كانت تُعزَف فيه الموسيقى في الهواء الطلق، وذلك في وسط حديقتنا الجميلة (الأزبكية) عام 1870، كانت ثمة فرقة فرنسية قوية تتألَّف من الموسيقيِّين والمطربين والممثلين، وفرقة تمثيل إيطالية، وكانتا تسليان الجاليات الأوروبية في القاهرة، اشتركت في جميع التَّمثيليات التي تقدّم في ذلك المقهى.. وإذا كان لا بد لي من أنْ أعترف، فلأقل إذا إن الهزليات والملاهي والغنائيات والمسرحيات العصرية التي قُدِمت على ذلك المسرح هي التي أوحت إليَّ بفكرة إنشاء مسرحي العربي، وذلك قبل أن أشرع في بناء مسرحي بعد دراسة جدية عن أدباء المسرحية الأوروبية مثل موليير وشريدان وجولدوني”.

ومن بين المسرحيات التي قدمها “صنوع” مستغلا إتقانه لأكثر من لغة بجانب العربية “الزوج الخائن” و”السلاسل المحطمة” و”فاطمة”، ثم اتجه بداية من عام 1870 وحتى عام 1872 إلى المسرح، ليُعرف باسم “رائد المسرح المصري”.
ويدعم الصحفي والكاتب سليمان الحكيم، في كتابه “يهود لكن مصريون”، أن يكون “صنوع” هو رائد المسرح المصري قائلا “إنه الأب الروحي للمسرح المصري بلا منازع، مستندا لمذكرات “صنوع” ولمقالات أجنبية عديدة كُتبت في هذا الشأن، بينهم ما كتبه محرر صحيفة “الساتر دي ريفيو” عام 1876 “حاول صنوع وحده أن يصنع مسرحا عربيا.. كان يقوم بأعمال المؤلف والممثل والملقن ومدير المسرح والمخرج.. علينا ألا نسخر من هذا المسرح.. كان الفلاحون يهرعون إليها والباشوات يترددون عليها.. وأخيرا شاهدها الخديوي إسماعيل.. واستطاع “صنوع” أن يجمع شعبا بأسره”.

ويدعم الصحفي والكاتب سليمان الحكيم، في كتابه “يهود لكن مصريون”، أن يكون “صنوع” هو رائد المسرح المصري قائلا “إنه الأب الروحي للمسرح المصري بلا منازع، مستندا لمذكرات “صنوع” ولمقالات أجنبية عديدة كُتبت في هذا الشأن، بينهم ما كتبه محرر صحيفة “الساتر دي ريفيو” عام 1876 “حاول صنوع وحده أن يصنع مسرحا عربيا.. كان يقوم بأعمال المؤلف والممثل والملقن ومدير المسرح والمخرج.. علينا ألا نسخر من هذا المسرح.. كان الفلاحون يهرعون إليها والباشوات يترددون عليها.. وأخيرا شاهدها الخديوي إسماعيل.. واستطاع “صنوع” أن يجمع شعبا بأسره”.

استعان الحكيم أيضًا بما كتبه جول بسبيه 1873، بأن صنوع قدّم خلال عامين فقط 160 حفلا تمثيليا ومثّل 32 مسرحية ألفها بنفسه، بينهم “الأمير الإسكندرانية” و”البنت العصرية”، “الضرتين”، “العليل” و”موليير مصر”.

ولدكتور “سيد علي إسماعيل” رأي آخر، سرده في كتابه “محاكمة مسرح يعقوب صنوع”، إذ أوضح أن جملة “صنوع رائد المسرح المصري” مقولة غلابة، غير صحيحة، سلّم الناس والنقاد بها دون دليل أو بحث، أو حتى صورة من مسرحياته التي عُرضت على مسرح الخديوي، وأن مسرح صنوع ما هو إلا “سراب غير حقيقي”.

بينما يؤكد الناقد محمد كمال الدين، في كتاب “رواد المسرح المصري”، أن صنوع استطاع أن ينقل للجمهور ما يريد أن ينقله عن طريق المسرح رغم أن المُناخ الاجتماعي لم يكن يساعده، إذ كان يرى الناس أن المسرح يصرفهم عن العمل ويحرضهم على الفجور ما اضطر “صنوع” لتعديل أشياء كثيرة بمسرحه.. لكن كل هذا لا ينكر دور صنوع في خلق أول مسرح مصري صميم”.

ويقول “صنوع” في مذكراته إن بعد 4 شهور من تأسيس مسرحه دعاه الخديوي إسماعيل للتمثيل على مسرحه الخاص بـ “سراي النيل”، فتجنب خلال ذلك عرض مسرحية من الممكن أن تضايق الخديوي، لكن الحاشية أوشت به وقالت إنه يسخر من الخديوي ويهاجمه هو وحاشيته وحكومته بأكثر من عرض، وبعد مسرحية “الوطن والحرية” التي تناولت فساد القصر، أعلن الخديوي غضبه من مسرح “موليير مصر”- كما أطلق على نفسه – وأوقفه، ثم تم نفيه إلى باريس.

وذكر دكتور أنور لوقا، المؤرخ، أن سبب عدم وصول أعمال صنوع المسرحية إلينا هو تعمد من الخديوي وحشيته على طمس دوره وتجاهل فنه، لأنه هاجمهم سياسيا واجتماعيا.

ويرد دكتور سيد علي إسماعيل، خلال كتابه، على هذه افتراضية “لوقا” متسائلا، إذا كانت حاشية الملك عملت على طمس دوره، فهل كانت كل الصحافة حينها كلها مأجورة؟! لماذا لم توثّق الصحف مسرحه وما حدث معه من الخديوي وحاشيته؟، مشيرا إلى أن مسرح صنوع وهم روّج له بنفسه خلال مذكراته.

ويشدد “إسماعيل” على أن الشاعر محمد عثمان جلال هو رائد التأليف المسرحي وليس “صنوع”، إذ بدأ عثمان نشاطه المسرحي عام 1870، وعرب مسرحية “لابادوسيت” و”مزين شاويلة”، وفي عام 1871 ألّف مسرحية بعنوان “الفخ المنصوب للحكيم المغصوب”، ثم عرب نص لموليير وجعل اسمها “الشيخ متلوف” عام 1873.

وأنشأ “صنوع” العديد من الصحف مثل: “أبو نظارة زرقاء”، و “أبو زمارة”، و”الثرثارة المصرية”، وكان ينتقد السياسة المصرية خلالها.

وتوفى “يعقوب صنوع” في باريس عام 1912.

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *