مسرحية ” 2=1-1 ” النبش في سلة مهملات الحرب : عقيل هاشم

من الصعب جداً الوقوف على كل التنظيرات الفنية والجمالية التي لجأ إليها البحث المسرحي المعاصر لمعرفة طريقة إنتاج الفعل المسرحي وتلقيه من لدن المتفرج أو المرسل إليه،ولذلك فإن الحديث عن إنتاج الخطاب المسرحي باعتبار متلقيه يظل مشروعاً معلقاً ما دامت سيميولوجيا التواصل المسرحي لم تصل بعد إلى وضع نظرية لتلقي الفرجة،وذلك رغم إلحاحها على ربط الفن الدرامي بفنون الفرجة.و أن العرض المسرحي لم يعد إنجازه خاضعاً لطروحات(الإخراج المقنن)المرتبط بحرفية النص،وإنما أصبح مجالاً لاكتشافات فنية عديدة تتحكم فيها(التلقائية)و(الانتقائية) وكذا(الاختيار الإيديولوجي).وفي هذا الصدد يسعى الإخراج إلى مجادلة النص في شموليته وتاريخية إبداعه في الزمان والمكان،وكذا في رؤيته وأحداثه وعلائقه وشخوصه ولغاته ورموزه ونمطية تواصله.
اما على مستوى النص،أو على مستوى العرض،حيث يكون المتلقي من خلاله غائصاً في غمرة الحدث المسرحي،ومندمجاً فيه باعتباره يواجه أحداثاً مماثلة لأحداث تجربته الشخصية بدون فصل بين العمل المسرحي وعالمه. ولأنه المسرح العراقي مسرح منفتح ويتأسس من عناصر لا نهائية ولا تحمله بالضرورة على التقيد بالواقع تنوعت الكتابة المسرحية بحسب قناعة ممارسيها،إلا أن أساسها ثراء الخيال الفني والذي تحكم فيها كتاب اصحبوا في مقدمة المشهد المسرحي عبر فعل الانتهاك للمألوف الذي خول للدارسين ممارسة عملية(خلق)لا عملية(تحضير)للواقع أو إعادة إنتاجه. فقد مثلت وحصدت على الكثير من الجوائز، وقد عرضت الكثير من هذه الأعمال النقدية . هذه الأعمال المسرحية التي ظهر فيها فعل المتخيل بشكل جنيني ساعد على تجاوز انعكاسية الواقع وابتداع نقلات تؤسس عناصر فرجة شيقة لا تنحصر في خلق مسرح إيهامي ،وإنما تنحصر في ابتكار طرق جديدة للتواصل مع المتلقي كان من نتيجتها خرق أصول الكتابة الدرامية التقليدية وفتح المجال أمام المتخيل الذي أتاح للمبدعين، نصوص رؤيوية تنطوي على فضاءات عديدة ونقلات جديدة لا تحيل على الأدبي فقط،بل تحيل على صور ورموز وخيالات،وهذا ما جعلها(طيعة) انطلاقاً من بنيتها الدرامية القائمة على تركيبات وتوجيهات إخراجية.
فضاء العرض:
ركز الكاتب “حيدر الشطري” في هذا العمل المسرحي” 2=1-1″على توظيف أدوات الحرب فنيا/ فكريا (المفارقة) على اعتبار تجربته هي امتداد لمشروعه الفني السابق والقائم ترسيخ منظومة مسرحية ذات بعد نقدي لما يجري من انحرافات .وهي محاولة منه للجوء إلى مسرح اسقاطات الحرب على الحاضر قد تم عن وعي مسبق له من تقديم عرض توظف فيه العديد من الوسائل التقنية التي تجمع بين المألوف والغريب ،وبين الشاعري والمبتذل،وبين السمعي والبصري،والإنساني والشيئي ،ولا سيما منها استلاب الممثل- المخرج-النص من لدن الفضاء المسرحي المنغلق، والاستفادة من منطلقاته التجريبية من ابتكار صيغة كتابة مسرحية تنتمي للفهم الحداثوي.لتندرج في مجالات تجريبية ،فقد ظل تاليف للمسرح الاحترافيً-مسرحاً يرسم استراتيجية البحث والتقصي عن المضمن الصادم .فالحرص على اكتشاف الجانب الفني للحرب واسقاطاته هو الذي دفع المؤلف حيدر الشطري في كتابة مسرحيته تلك والتي عرضت على مسارح العاصمة .هذه الاحتفالية الجمالية والمبنية على الحوارات الساخرة للمهمل (أحذية البساطيل) وما يجري بالاعتماد على حركات الممثلين الجسدية كشفت عن الجانب الفني المتطور والذي استقطب جمهوراً واسعاً في يوم العرض .بالإضافة الى دور المخرج والذي انحصر في ترجمة النص إلى لغة فنية قد تطابق فيها الدلالي بالنص المكتوب والعرض معا. وتحقيق كشوفات وابتكارات فنية ورسم أبعاد أيديولوجية على مستوى توظيف حكاية الحرب و أسطره الحدث الدرامي ..
أقول المشروع والقناعات الفكرية في كتابات الكاتب حيدر الشطري النقدية والتنظيرية، والتي كانت تقوم بنيتها أولاً على التمرد ضد النص الجاهز،بمعنى أنه لا يجب أن يبقى النص المسرحي في حدود الكتابة لأنها تغربه في مسالك الحروف والكلمات،وفي منظوره أن النص المسرحي الحقيقي هو الذي يؤسس جسر(الحلول)،أي أنه يدفع اللغة/الحوار لتحل في أجساد الممثلين.

_________________

المصدر : موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *