مسرحية عربة إسمها الرغبة في ستوكهولم – عصمان فارس

 

بعد الحرب العالمية الثانية تطورت الحياة المدنية والاجتماعية في امريكا ، وحصل تطور كبير واهتمام بمسرح يوجين اونيل، تنيسي وليامز والكاتب ارثر ميلر وتجاوزت شهرة كتابها انجلترا والولايات المتحدة وخاصة تنيسي وليامز ومسرحية اللعب الزجاجية، وحققت مسرحية عربة اسمها  الرغبة شهرة عالمية، ومسرحية قطة فوق سطح من الصفيح الساخن . ومسرح أرثر ميلر وفاقت شهرته العالمية في مسرحية موت بائع متجول، ومسرحية كلهم ابنائي، مسرحية مشهد من فوق الجسر، اما يوجين اونيل والمسرح المعاصر فهو يختلف عن وليامز وارثر من ناحية النغمة اوالروح ونهجه يختلف عن كتاب اوروبا مثل انوي ويونسكو والكل هم كتاب الموجة الجديدة، فمسرح اونيل مأساوي يفهمه من تخصص في دراسة الادب المسرحي واتسع فهمه للمأساة من سوفوكليس وشكسبير. الكاتب تينيسي وليامز والذي يعتبر نفسه في صف الملائكة، ومسرحياته تتناول ارواح مريضة، وشخصياته تعيش مراحل شاذة لكنها روعة ورائعة في قالبها الدرامي وخاصة في عالمه السحري ومغناطيسية الجذب في حركة وافعال شخصياته يجد االمتفرج نفسه مشدود ويستمع لحكايات وسلوك وتصرفات كل الشخصيات الشاذة وغير الشاذة، وكذلك اليأس هي السمة البارزة في شخصياته واحيانآ التصرف الغير اخلاقي مثل الخيانة والانانية والمخادعة وشخصيات فضة وقاسية ونزقة في تصرفاتها. ان معظم مسرحيات تينيسي وليامز ذات طابع جنسي او مايدور حول الشذوذ الجنسي ماعدا مسرحية الحيوانات الزجاجية موضوعها عن الزواج، وسبب اختياره لهذه الموضوعات لكونه كاتب صادق يعكس البيئة التي يعيش فيها والواقع الاجتماعي.  وليامز تأثر بالكاتب د.هه لورانس وعاش كليهما نفس البيئة والظروف.فتينيسي وليامز يعيش مايكتبه من خلال حالات التوتر في اعصابه واحاسيسه. يستخدم الرموز والصور وكل صورة توضح المعني ،والصورة والرمز حالة طبيعية في الدراما، وشخصياته تندفع بحرارة وحيوية وايقاعها سريع علي خشبة المسرح مع الموسيقي والديكور والاغاني كل هذه التفاصيل يهتم وليامز عند كتابة النص المسرحي. ويمتاز وليامز بأنه من الصعب تفسير مسرحياته، يقع المتفرج والناقد فيحيرة وتردد في فهم المعني المقصود منها،وهي اليأس منمن الطبيعة البشرية أواحيانآ انعدام الاخلاق وخاصة في مسرحيته عربة اسمها الرغبة،ويعتبر وليامز من الكتاب المحدثين وان كانت مسرحياته تثيرجدلآ ومناقشات متباينة.ويري تينيسي وليامز ان الحياة اسيرة الزمن ذلك الوحش القاتل الصارخ، والزمن يجري بسرعة لاهثآ مجنونآ وطائشآ، وقد اثر هذا فينا، وهذه السرعة تنزع من حياتنا جلالها ووقارها وكرامتها . الزمن له تأثيرعلي حياة شخوصه، والمسرحية تقدم لنا شخوص ونماذج خارج عرين الزمن الهائج والعجول، شخصياته تصرخ وتشتكي وهي شخصيات من الواقع اليومي،واخرين ليس لديهم الوقت الكافي الي الاستماع اليهم، ولهم مواعيد اخري يتحكم بها الزمن، هذا المارد يجعلنا دائمآ قلقين، حائرين وطامعين وفاقدين الوقار باحثين بيأس عن معني لحياتنا، عندما نشاهد حركة وتصرفات شخوصه ،نستطيع الحكم علي سلوك البطل اوالبطلة في هدوء،وربما بوضوح، من خلال الاستعداد النفسي والعاطفي. فتينيسي وليامز يعيش مايكتبه بكل اعصابه واحاسيسه، وهو يستقي مايكتبه من حالة التوتر التي يعيشها.ويضع وليامز كل المقتضيات المسرحية في ذهنه، فالمسرحية تكتب لغرض التمثيل .وفي مسرحية عربة اسمها اللذة تطل علينا سيدة وهي في الثلاثين من عمرها تحمل حقائب السفر، انيقة في مظهرها وتبدو عليهاالحيرة، اسمها بلانش، كالفراشة في حقول خالية من الزهور ، في هذا الحي الفقير تسأل عن عنوان اختها ستيلا،فتدلها سيدة علي جنة عدن ،بيت فقراء كل شيئ في صالة واحدة الحمام وغرفة النوم ، تقابلها ستيلا الاخت بترحيب وزوجها السكير ولاعب القمار ،تشكو لاختها عن فظاظة زوجها ستانلي يقضي ليله مع شلة من الاصدقاء ،ستانلي يشاكس بلانش ويتهمها بابشع الصور والعلاقات المشبوهة والوشايات،وتقف ستيلا حزينة علي اختها بلانش من سوء تصرفات زوجها.في الختام ينقلها الي مستشفي الامراض العقلية.وترضي بلانش ان تعيش علي كرم الغرباء ولاجحيم ستانلي زوج اختها ستيلا هذه المسرحية تحمل في طياتها الكثير من العقد الجنسية وقد تحفز الانسان علي فعل الكثير من عناصر المغامرة والطيش المبني علي العقل الباطني والذي يحفز الطبيعة البشرية، تلك الطاقة تكمن في تصرفات كل رجل وامرأة، وهناك عوامل اخري لاتقل عنها في الاهمية منها الجوع والنزوع الي القوة والسلطات صيغة اخري في مسرحيات تينيسي وليامز اعتماد صيغة الادب المكشوف، اي قيمة واهمية الجنس وخطورته علي حياتنا . فمعظم مسرحيات وليامز التي شاهدتها علي مسارح مهمة في السويد اعتمد المخرج علي فهم روحية النص والمؤلف وابراز هذه الروح. الجنس طاقة عنيفة تكمن وراء تصرفاتنا الغريبة، مسرحية عربة اسمها الرغبة للكاتب الامريكي تينسي وليامز وهو من الكتاب المحدثين ومسرحياته تثير الجدل والنقاش ، وشخصياته تعيش في حالة اليأس، ومسرحياته أسيرة الزمن ذلك الوحش القاتل، نعيش فظاظة ستانلي الوضيع زوج ستيلا والتي تتحمل كل إهانته لها،هذه المسرحية تحمل الكثير من العُقدْ منها العقدة الجنسية، والتي تحفز الانسان على المغامرة والطيش، إستطاع المخرج السويدي ستيفان لارسون فهم روحية النص والمؤلف،وإبراز هذه الروح على خشبة المسرح وعلى الشاشة , وكان أداء الممثلين رائعآ وتجسيدها علىخشبة المسرح ، وبناء الديكور التابث عدا تغيير بعض الاكسسوارات من خلال حركة الممثلين وادائهم النابض بالايقاع  السريع
مسرحية خط الشهوة تحفة أمريكية حديثة من تأليف تينيسي ويليامز، ستيلا متزوجة من ستانلي كوالسكي. الزواج عاطفي ومليء بالنزاعات  لكن مع ذلك ستيلا تبدو سعيدة، ولكن بعد ذلك تظهر الأخت بلانش فجأة ، بأعصابها الحساسة وآدابها العليا. على الرغم من أن بلانش نفسها تعاني من العوز وفقدت قصرعائلتها الجميل ، إلا أنها لا تخفي خيبة أمل أسلوب أختها ستيلا البسيط في اختيار الزوج. تم عرض المسرحية لأول مرة في برودواي في عام ١٩٤٧ ونالت  نجاحًا باهرآ .حقق المخرج ستيفان لارسون نجاحات مثل الخريف والشتاء ، عائلة واحدة – أغسطس: مقاطعة أوسيدج ، المدية ، ريكارد الثالث ،وفاني وألكساندر،شهواني الأواني.يتم تشغيل معظم اللعبة المسرحية على شاشة كبيرة معلقة على الجانب الايسر على خشبة المسرح الصغير في المسرح الملكي دراماتن في ستوكهولم، واستخدام كاميرا التصوير والصورة تنقل وكل الاحداث من خلال الشاشة، على أرضية المسرح نرى بعض الهياكل الخشبية والغرف وسرير النوم والحمام،وفي يمين مقدمة المسرح طاولة وعدد من الكراسي ،ونحن نشاهد مجتمع ذكوري نزق ، ستيلا وستانلي هي إدمان متبادل ومدمّر، هل تستطيع بلانش أن تجد حياة الامان وسط هذا المكان المغرق بالموبقات والقمار والخمر؟ وتعارف بلانش بميتش  صديق ستانلي السيئ قليلاً  إلى استبدال والدته المتوفاة بأي شخص. ولكن بمجرد أن يتعرف على ماضي بلانش ، يتصرف بشكل همجي و بدائي مثل كل الرجال الآخرين،وبوشاية كاذبة من ستانلي لتشويه صورة بلانش ، نساء مصابات بالاكتئاب من سلوكيات الرجال الوحشية ،الاخت ستيلا هي دمية سعيدة  عالقة في مخالب ستانلي يضربها عند السكر ويصبح مجنون ويمارس الجنس، مسرحية خط الشهوة أو عربة  الرغبة للكاتب الامريكي  تينيسي ويليامز هي صورة واقعية قاسية لما نقرأه يوميًا باعتباره عنفًا من الرجال ضد النساء، مشاهد مصورة معروضة على قماش وشاشة مرتفعة أنها فكرة رائعة  بما يكفي بحيث يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الصالة. المخرج السويدي ستيفان لارسون قاد فريق التمثيل بذكاء وسط عالم فوضوي من الخمور والقلق والجنس، ستانلي  شخص   أناني ووحشي للغاية ونزق، عمل مسرحي يتعلق بالهوية الجنسية والعنف ضد النساء ،نعم إنها صورة قريبة من الواقع الحالي يقول المخرج ستيفان لارسون ،”ستانلي  إنه أناني ووحشي للغاية”عالجت النص بطريقة مناصرة المرأة، دون  ان تذهب بلانش الى مستشفى الامراض النفسية والاعصاب قررت بلانش ان تصطحب أختها ستيلا وصديقتها للخروج من هذا المكان
الموبوء بالقرف والفوضى وهيمنة المجتمع الذكوري والسلوك الهمجي

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم

 

https://elaph.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش