مسرحية «سيلفون» العراقية تتكئ على فيزياء الجسد وترتقي بالقيم الجمالية

cxy64ebukaeoebn-364x245

 

اتكأت المسرحية العراقية “سيلفون”، تأليف وإخراج محمد مؤيد، التي عرضت مساء أمس، الأحد، على المسرح الرئيس بالمركز الثقافي الملكي، على تقنية فيزياء الجسد في المسرح من خلال التعبير الأدائي، وارتقت بالقيم الجمالية، التي توجهها عناصر السينوغرافيا بإتقان.

كشفت ستارة العرض المسرحي، الذي وافق مدرسة ما بعد الحداثة في المسرح، واتخذ الوعي بالجسد منبعا للإيقاع بالاستناد إلى الموسيقى والحركة لتحقيق تعبيرات الجسد الأدائية الدلالية والتعبيرية، في استهلاله، عن 8 أجساد لشخصيات المسرحية مغلفة بالكامل بورق القصدير ومتموضعة وقوفا كأنها تماثيل في منتصف الخشبة وموزعة بشكل منتظم، بمصاحبة موسيقى غرائبية، ما تلبث أن تلتحق بها وقوفا في عمق الخشبة شخصيتا فتاتين بزييهما الأبيض، ثم تنزع الشخصيات الثماني ورق القصدير وتباشر الأداء الحركي التعبيري والدلالي.

العرض المسرحي، الذي اختزل من خلال لوحاته الأدائية والتكوينات البصرية المختلفة بحضور الإضاءة عنصرا رئيسا محوريا، والمؤثرات المصاحبة (صوتية وموسيقية)، كل المعاناة العراقية من حروب واعتقالات وتعذيب وإعدامات وتفجيرات إرهابية، اقتصر فيه حضور النص المنطوق على بعض المؤثرات الصوتية الإنسانية المستمدة من تسجيلات حقيقة لعذابات أمهات ونساء فقدن ذويهن، في الوقت الذي حضر فيه النص غير المنطوق الذي كان محور العرض كلغة علاماتية من خلال لغة الجسد تعبيرا وحركة علاوة على الإضاءة المتميزة، وقطعة ديكور (منصة مرتفعة) وإكسسوارات، التي صاغت مع لغة الجسد نصها الخاص المحمل بمختلف الدلالات.

وفق المخرج مؤيد، الذي امتلك فكر خلق تكوينات وصناعة جسد الممثل في الفضاء، بتوظيف جسد الممثل كعلامة بصرية وسيكولوجية من خلال عكس انفعالات الشخصية/الشخصيات، وانثربولوجية بوصفها تتبع نسقا ثقافيا لبنية طقسية، والتي اندغمت وتناغمت مع عناصر السينوغرافيا الأخرى وخصوصا الإضاءة التي ابتدعها السنوغراف بشار عصام بتميز.

وفق المخرج في العرض المسرحي الذي جاء ضمن مهرجان الأردن المسرحي في دورته الــ23، بتحقيق مستوى أدائي رفيع للشخصيات من خلال قدرة جسد الممثل على الانتقال والتلون واستنطاق أدوات المنظومة الأدائية وفقا للفكر الإخراجي بين لغة حركية دلالية وتعبيرية وبين نسق التشكيل وبناء صورة في الفضاء المسرحي.

وشارك في أداء أدوار الشخصيات الأدائية: كاترين هواش وصدام خلف وسلام محمد ومحمد جزل وعماد سمعان ومحمود مشيهل وعمار هادي وشهد العبيدي.

وكانت عرضت المسرحية العمانية “خيوط من أحلام” إخراج وليد البادي وتأليف وفاء الشامسي مساء أمس الأول، السبت، على المسرح الدائري بالمركز.

العرض المسرحي “خيوط من أحلام”، الذي لامس العروض الطقسية واقترب من الرمزية، أعلن عن نفسه منذ البدء أنه حلم، ولاسيما أن المشهد الاستهلالي يطل علينا بالشخصيات وهي نائمة، هو حلم أو لربما شذرات من أحلام، وما يعزز أنه حلم أو أحلام، ليس العنوان والاستهلال فحسب، بل ورود عبارة “حلم” في النص المنطوق بوضوح 8 مرات، ومشهد الشحاذ الرابع/ لاعب الأكروبات حين يتهيأ له أنه يرى أمه، وهو الذي قال إنه نشأ على الرصيف بلا رعاية أم.

العرض المسرحي المتشح بالكوميديا الخفيفة مع جرعات من الألم، يتحدث عن 5 شخصيات لشحاذين يجمعهم مكب للقمامة والنفايات ويمثل لهم الملجأ الآمن، الذي يعيشون ويفرحون ويحلمون فيه، ومن ثم يقتحم حياتهم رجل أبيض الشعر شخصية “سمحون”.

 

داعيات مآس ومعاناة وحكايات فشل وإقصاء، في العرض الذي جاء محملا برمزية عالية، أوصلت الشخصيات الخمس إلى موقع النفايات، إذ بينها مشروع الكاتب والطبال اللذين لم يحققا حلمهما في الإبداع الكتابي والموسيقي، ولاعب السيرك الذي تخلت والدته عنه رضيعا، ورجل الاعمال الذي خسر كل ثروته، فيما الخامس كان سليل أسرة فقيرة، وجدوا في مكب النفايات مأوى ومكانا للعب ومصدرا للمتعة ومنهلا للحلم، لغاية حضور شخصية سمحون التي سعت لاستغلالهم من خلال مراودة احلامهم، وذلك لحياكة ثوب سحري يحقق أحلاما، ما لبث ان كشف عن وجهه الحقيقي بانه ساحر شرير.

ورغم غياب مخارج الحروف وعدم القدرة على التحكم بالانتقال من منطقة صوتية إلى أخرى لدى بعض الممثلين، إلا أن النص المنطوق جاء ثريا بالمحمولات والمضامين الرمزية وحضور الوطن، ومنها “رسالة الشاب المهاجر عن وطن أمه”، حيث تحضر ثنائية الوطن والأم، وجملة “شارع مزدحم بالصمت والبرد” بما تحمل من اسقاطات على مجتمعاتنا العربية التي أخذتها الثقافة الاستهلاكية بعيدا عن قيمها وروحها الحية، و” للظلمة وجهان، ظلمة النور وظلمة الجوع”، في الوقت الذي لم يتم فيه توظيف قطع الديكور بالشكل المطلوب وبقيت جامدة في مكانها إلا أن الجهد الجماعي المكلل بالحب للفريق كان واضحا وتجلى في لحظات الفرح والغناء الذي نهل من الموروث العماني والثقافة الصوفية، التي أعلنت عن نفسها بالمؤثر الموسيقي الاستهلالي.

وشارك في العرض عبد الرحمن الزيدي ومحمد النعيمي وسالم النعيمي وعمير البلوشي وهزاع العيساني وحمد النعيمي.

كما عرضت مساء أمس الأول مسرحية “ظلال أنثى” من إخراج إياد شطناوي، على المسرح الرئيس بالمركز، وتحدثت عن قضايا تمس المرأة جسدتها 3 شخصيات أدى دورهن باقتدار الفنانات مرام أبو الهيجاء، واريج الجبور، وأريج دبابنة، رغم أن الاداء الحركي لم يكن موفقا ومحملا بصورة بصرية دلالية وتعبيرية.

العرض المسرحي الذي اتكأ على أداء الممثل والإضاءة التي صممها محمد المراشدة، طرح 3 حكايات تعبر عن اضطهاد الرجل للمرأة وانتهاكه لحقوقها.

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *