مسرحية ‘زيتون’: صراع مفاهيم حول الوطن والألم والأمل

  • يتحدث العرض المسرحي “زيتون” الذي يقدمه المسرح القومي السوري التابع لوزارة الثقافة السورية، عن الواقع السوري الساخن الذي يعيشه المواطن البسيط في ظل حالة العنف وكذلك الاستقطاب الديني والسياسي الذي يعم سوريا حاليا.

دمشق – تقدم المسرحية السورية “زيتون” التي كتبها طارق مصطفى عدوان وأخرجها مأمون الخطيب نموذجا لأسرة ذات منبت ريفي، أشقاء أربعة؛ شقيق وشقيقة يعيشان في المدينة، والآخران لم يغادرا القرية، وفي ظل حالة الحرب التي تحل في البلاد والصراع والاستقطاب العنيف الذي يجتاحها، ينقسم الأشقاء، ويتخذ كل منهم موقعه في ضوء آرائه ورؤاه.

يتأجل الصدام في المسرحية لحدث مستقبلي، حينما تدعو إحدى الشقيقات بقية أفراد الأسرة للاحتفال بيوم ميلادها مع توأمها في بيت العائلة الريفي، فيحدث التصادم في ما بينهم، عندما يعلم اثنان منهم أن هناك صفقة خفية قام بها الشقيقان الآخران لبيع البيت والمزرعة لمغترب سوري غني يعيش في أوروبا.

يتعالى مستوى الصراع بين الأشقاء الأربعة، بين فريق يريد أن يسافر بماله إلى خارج الوطن، أو يريد نصيبه من المال لصرفه على حياته اللاهية، وفريق آخر يريد البقاء في الأرض متشبثا بالأصالة والجذور.

ويقوم بأدوار البطولة في مسرحية “زيتون” التي تعرض حاليا في دمشق، كل من: رنا جمول، وئام الخوص، ميريانا معلولي، غسان الدبس، مازن عباس وإبراهيم عيسى، وفيها كشف للصراع الفكري الذي يعيشه كل بيت في سوريا وسط محيط تتقاذفه مصالح دول وتوازنات قوى عالمية.

وعن المسرحية ومدى محاكاة الواقع من خلالها، وتحديدا موضوع الهجرة التي كانت هاجسا لدى الكثيرين، يقول مخرج العرض مأمون الخطيب “كما في عروضي المسرحية السابقة، كنت أرى أنه يجب الحديث عن ألم الإنسان السوري، هنالك مشكلة طارئة في حياتنا السورية، وهي السفر وترك البلد، ومن واجبنا كمثقفين الاعتناء بهذه التجربة المريرة والنفاق الذي مارسه البعض من خلالها، فشخوص المسرحية وصلوا إلى قناعة نهائية من خلال صراعاتهم، تفيد بأنه لا مانع من السفر لمن يريد، إلا أنه في المقابل من غير المسموح لهم التعرض للمقدسات الروحية التي تعني أشخاصا غيرهم في أوطانهم، كالأرض والبيت والشهداء والزيتون بحد ذاته الذي هو رمز للأرض”.

مأمون الخطيب: الصراع في المسرحية على المفاهيم وليس على الميراث

ويضيف الخطيب “من أراد أن يهاجر فليفعل، ولكن ليتركوا قيمنا الوطنية العليا في مكانها، فالصراع هنا على المفاهيم وليس على الميراث”.

وعن نهاية المسرحية التي جسدت احتفال البعض من هذه الأسرة بحفل عيد الميلاد وتوجهه لخلق نهاية مشرقة، قال الخطيب “نحن نعيش على الأمل، والشباب الذين بقوا في البلاد سيكون لهم غد مشرق، وسوف يبنون وطنا لهم، في قمة الأزمات يجب أن نبشّر بالأمل، لأنه لا يمكن لشيء أن يستمر أبدا، هنالك نهاية لهذا الألم، والغد مشرق أكثر”.

شهد أحد العروض الحية للمسرحية انقطاع التيار الكهربائي، ومع ذلك واصل فريق العمل العرض في ظروف استثنائية، عن هذا الوضع المتكرر بيّن مأمون الخطيب “نحن اخترنا أن نبقى هنا ونعمل في الظروف الموجودة، وعلينا تحمل نتائج هذا الخيار، كما على الذين غادروا تحمل نتائج سفرهم، نحن مثل أي شخص يعمل بصدق، علينا أن نعمل مهما كانت الظروف سيئة، لأن هنالك رسالة نريد أن نوصلها مهما كان الثمن”.

ومأمون الخطيب مخرج مسرحي سوري تخصص في فن المسرح من جامعة الثقافة في روسيا البيضاء، وتخرج منها عام 1994، ثم عاد إلى سوريا وعين في مديرية المسارح والموسيقى، وشغل هناك العديد من الوظائف في مناصب مختلفة، كما أنه مدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، وشارك في أكثر من مهرجان مسرحي.

وقدم الخطيب العديد من المسرحيات، منها: “بئر القديسين” عن نص لجون ميلنغتون سينغ، و”الأقوى” للسويدي أوغست سترندبرغ، و”خواطر” الذي هو مشروع ارتجال جماعي، و”تلاميذ الخوف” عن نص لإيفون وولف، و”ليلة القتلة” عن نص لخوسيه تربيانا، و”كلهم أبنائي” عن نص للأميركي آرثر ميللر، و”زنوبيا” عن نص للإسباني كالديرون دي لا باركا، و”هدنة” عن نص لعدنان الزراعي.

المصدر/ العرب

محمد سامي / موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *