مرة أخرى نناقش (السينوغرافيا) – العراق

حسناً تفعل (الهيئة العربية للمسرح) عندما تلتفت الى عنصر رئيسي ومهم من عناصر الانتاج المسرحي وهو (تصميم المنظر) والذي يسميه البعض تشدقاً بالمصطلح (سينوغرافيا) ، وصدقوني لا المسرحيين الانكليز ولا الاميركان ولا حتى الفرنسيين يستخدمون هذا المصطلح في كتيبات انتاجاتهم المسرحية بل يستخدمون مصطلحات مثل (Set Design) او (Scene Design) أو (Scenery) او (Decor).
ستقيم الهيئة خلال مهرجانها المسرحي الذي سيعقد في الكويت اوائل سنة 2016 ورشة او ندوة او شبكة لعدد من (السينوغرافيين) العرب تتم خلالها مناقشة مهماتهم واعمالهم وعلاقاتهم مع المخرجين وبلا شك فانهم سيواجهون مشكلة الاختلاف حول معنى المصطلح (سينوغرافيا) وحدوده وسلطته التي قد تتعارض او تتوافق مع سلطة الاخراج. وهنا نذكر ببديهية في العمل المسرحي والتي تقول “ان المخرج سيد الانتاج” وله الكلمة الحاسمة في الموافقة على تصاميم مصممي المناظر والازياء والملحقات والاضاءة. وبالرغم من ان كلمة (سينوغرافيا) تخص تصميم المنظر فان البعض يمدد معناها او وظيفتها لتشمل تصميم الازياء والملحقات وتصميم الاضاءة وصدقوني بانه لا يمكن ان يكون مصمم المنظر هو نفسه مصمم الاضاءة لاختلاف طبيعة المهتمين وتقنياتهما ، وفي العراق فقط يجمع البعض بين المهمتين، عجيب!؟ وفي العراق فقط يحاول البعض من الذين يسمون انفسهم (سينوغرافيين) تجاوز سلطة المخرجين بل وازاحتها وهذا عمل مستحيل.
لنتفق مع البعض على ان مصطلح (السينوغرافيا) يشمل مفردات الصورة المسرحية او التشكيل البصري للفضاء المسرحي الذي يحتوي المنظر وأزياء الممثلين وملحقاتهم وملحقات المسرح واثاثه والاضاءة والمؤثرات البصرية الاخرى والذي اسميه (المسرح البصري) ولكن لا ادري لم تقع في خطأ كبير باحثتان من سوريا هما (ماري الياس) و(حنان قصاب حسن) حين تقحمان الاضاءة وهندسة الصور وكذلك الاكسسوارات والاقنعة والمؤثرات الخاصة من اضاءة ومؤثرات سمعية مع ان اغلب ما جاء تحت عنوان (السينوغرافيا) في معجمهما يتعلق بالمنظر المسرحي ، وعندما تذكران المؤثرات السمعية اضافة الى المؤثرات البصرية فانهما تخرجان عن مفهوم السينوغرافيا وتنتقلان الى مفهوم (البيئة). وحين تذكران اسماء سينوغرافيين امثال الالماني (والتر غروبيوس) والبولوني (جوزيف شاينا) والذي يتركز عمله على البعض التصويري والعناصر المرئية التي تتولد من مفردات اللغة التشكيلية في المسرح ، والفرنسي (روفيه اليو) واليوناني (يانيس كوكوس) فانهما يحصران مهمة السينوغراف بتصميم النظر المسرحي، وان تحول اولئك التشكيليون الى العمل كمخرجين فمن البديهي ان يتحكموا بجميع عناصر العرض المسرحي البصرية والسمعية، كماهو حال المخرج الاميركي (روبرت ويلسون).
وعندما نرجع الى اصل الكلمة فان (Skenographia) تعني باليونانية وفي القرن الخامس قبل الميلاد، فن تزيين واجهة الجزء المخصص للتمثيل في عمارة المسرح والمسماة (سكينا Skene) واستخدام ما سمي (البيرياكتوي) وهو مخروط ثلاثي الوجوه يرسم على وجهه منظر طبيعي ومعماري للدلالة على مكان الحدث.. والغريب ان الباحثتين السوريتين تعترفان بأن السينواغرافيا تعني تصميم المنظر عندما تقولان: “ولما صار تحقيق المنظور هو الاساسي في تصميم الديكور المسرحي في عصر النهضة والقرن السابع عشر، صارت كلمة (سينوغرافيا) تدل على فن تحقيق المنظور بالرسم في ديكور المسرح واستبدلت بعد ذلك تدريجياً بكلمة (ديكور). وبعد ذلك تناقضان اعترافهما بقولهما: “في العصر الحديث صارت السينوغرافيا اختصاصاً اوسع من اختصاص الدكيور، فمجال الديكور هو ما يوجد على الخشبة حصراً، في حين ان السينوغرافيا تقوم على بحث علاقة الانسان (الممثل والمتفرج) بالفضاء المسرحي”.

 

سامي عبد الحميد

http://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *