(عين) «لا يوجد جمهور مهرجانات فأغلبهم من النخبة الفنية»

 

أكد المخرج صلاح الدين ميلاط لـ «المحور اليومي»، أن قسنطينة كعاصمة للثقافة العربية كانت ناجحة مسرحيا، بعرض أكثر من خمسين عرضا مسرحية لم تشهده هذه المدينة، وفي حديثه عن جمهور المسرح الجزائري، اكتفى المخرج ميلاط بأن للجزائر جمهور يتمثل في النخبة الفنية لا غير، ولدخول الجمهور من جديد إلى قاعات المسرح نوه إلى أنه يلزم قرار سياسي واتفاق تام مع المسؤولين في هذا القطاع.

ويعد صلاح الدين ميلاط من المخرجين الشباب الذين استهواهم الفن الرابع، فرغم أنه حاصل على شهادة مهندس دولة في التعمير، لكنه لم يعمل كمهندس، بل اتخذ من المسرح مهنة له في حياته، وانضم إلى معهد التمثيل على مستوى مدينته قسنطينة. بدأ صلاح مساره من سنة 2009 ضمن فرقة سمية بجمعية مرايا الثقافية «مسرح مرايا»، آخر أعماله كان عرض «مأدبة اللئام» لكنه ما بين التمثيل والكتابة والإخراج مدد طريقه نحو هذا الفن، وهو يستعد للاتفاق مع أحد المسارح الجهوية، بعدما لقيت جل عروضه العديد من الجوائز، أهمها جائزة أحسن عرض متكامل بالأردن عن عرض مسرحية «رسالة إنسان»، وستجدون في هذا الحوار تفاصيل أكثر عن مسار حياته وعلاقته بالمسرح.
آخر أعمالك كانت في إطار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية بعرض مسرحية «مأدبة اللئام»، أيمكن أن تحدثنا عن هذه التجربة؟
عرض مسرحية «مأدبة اللئام» يعد مشروعا من المشاريع المبرمجة في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، حيث كان في ظل جمعية مرايا للمسرح الثقافية «مسرح مرايا»، واستغرق العمل حوالي شهرين من الجهد المتواصل، وقدم في عرضه الشرفي في 21 نوفمبر من العام الماضي، ولقد كانت جولة فنية للعرض في مختلف ولايات الغرب والشرق والعاصمة.
قصة مأدبة اللئام عن آخر مماليك نوميديا، كيف تعاملت مع النص التاريخي وكيف استطعت النجاة من خطأ الوقوع في السردية والخطابية؟
عرض مسرحية «مأدبة اللئام» تحكي في نصها الكلاسيكي، عن الأمازيغي يوغرطة، حيث كان تناولنا ركحيا لنهاية يوغرطة، والمكيدة التي نصبها له بوخوس مع الرومان مع خيانة ألميكار له، فحاولت أن أتعامل مع النص بخلق صورة للمتلقي، بالخروج من السردية والخطابية المباشرة، عبر الصورة والسينوغرافيا وكذا الإضاءة، إذ حتى ما بين المشاهد تعمدت التركيز على الصورة أكثر من الكلام.
ما زلنا نعاني من مشكلة الجمهور وإن تحدثنا عنه نلقبه بجمهور المهرجانات، فكيف تجد ذلك؟
لا يوجد جمهور مهرجانات وإنما هم من النخبة الفنية، المتواجدة من الضيوف والفرق المشاركة، فلم نكوّن بعد جمهور مسرح، وإعادة الجمهور إلى القاعات يعد إشكالية لا تحل  ببساطة بل تستدعي دراسة معمقة، وقرارات سياسية أيضا، لأن المشكلة كبيرة والموضوع يتطلب تنسيقا بين الهيئات الفنية والمسؤولين.
 كيف كان مسارك في الفن الرابع؟
كان الولوج منذ الصغر إلى هذا العالم الفني المسرحي، درست بالمعهد بقسنطينة، وتكونا فيه سنتي 2005 و2006، وبعدها كونا فرقة وكان اشتغالي كممثل وككاتب وبعدها كمخرج، من سنة 2009 بدأت الفرقة نشاطها، وهذا العرض الثامن الذي أنجزته جمعية مرايا قسنطبنة، وقد كانت لنا مشاركات كثيرة تحصلنا على 06 جوائز وطنية وجائزة دولية مؤخرا بعمان بالأردن بعرض مسرحية «رسالة إنسان» التي توجت كأحسن عرض متكامل، وإن تحدثنا عن الإخراج، أجده عملية قيادية للطاقم الفني، ويقدم صورة واضحة وكاملة للعرض، ولكن التمثيل له حقه في العطاء والتفكير، ولكن تبقى مهمة المخرج أصعب بكثير من الممثل، لأن المخرج تلقى على عاتقه المسؤولية الكاملة للعرض.
 يقال دائما إن الفرق المسرحية الحرة دائبة النشاط عكس المسارح الجهوية، فما قولك في هذا الشأن؟
حقيقة أجد أن الفرق الخاصة تعمل بكثافة على عكس المسارح الجهوية، وربما يعود ذلك إلى أن المسارح مقيدة ببرنامج عكس الفرق الحرة التي تكون أكثر حرية في عملها وجولاتها، رغم الفرق الشاسع في المادة، وهذا يعود لحب المسرح، لهذا يكون عطاؤهم متواصلا.
كيف تجد فعالية قسنطينة عاصمة للثقافة العربية في إطار النشاط المسرحي؟
أجد قسنطينة عاصمة للثقافة العربية ناجحة مسرحيا بشكل كبير، لأننا شاهدنا الكثير من العروض، فكانت فرصة ثمينة استفادت منها قسنطينة بحوالي خمسين عرضا في سنة، وهذا ما لم تعتده من قبل مدينة سيرتا، وبالنسبة للجمهور نجد حقيقة أن نخبة من الفنانين والمثقفين الذين يتابعون العروض المسرحية بشكل مستمر ومتواصل.
 احتضن مؤخرا المسرح الجهوي لقسنطينة نادي المزهر المسرحي، ما هي الفائدة التي ستعود على هذا الفن بمثل هذه اللقاءات في نظرك؟
«نادي المزهر المسرحي» أجده فضاء مميزا حظيت به قسنطينة، وعمل على تحقيقه مدير المسرح الجهوي محمد زتيلي، إذ كان مطلبا منذ سنوات، وأنا شخصيا كنت أطالب بفتح ناد للمسرح، للقاء فيه وللنقاش وإبداء الرأي، ولكن الأكيد ستكون لنا خطوة إيجابية وفعالة في هذا النادي، فسيكون فضاء التواصل والاتصال، ويعمل على رفع المستوى الفكري والفني في النقاش، ويجلب الجمهور العاشق للمسرح.
 ما هو الجديد الذي تفكر في الاشتغال فيه على مستوى الجمعية؟
في الجمعية لم نقرر بعد، لكن كمخرج قدمت لي اقتراحات من المسارح الجهوية، سيكون فيها عن قريب عمل مع أحد المسارح الجهوية، إذ لم يتم الاتفاق، لكن المشروع في إطار الدراسة. وبحوزتي أعمال للكتابة الدرامية، عالجت في نص موضوعا عن قضية المرأة وكيف ينظر لها المجتمع، وهي التي تمارس مهننا ما زالت لم تدخل ذهنية وعقلية المجتمع الجزائري، الذي لازال يتصف بالمجتمع الذكوري، سيكون باللهجة الجزائرية، فجل أعمالي كانت باللهجة، ما عدا عرض «مأدبة اللئام» ولو كان لي الاختيار لكان باللهجة وليس باللغة.
لكن لما تختار اللهجة عوض اللغة العربية في أعمالك؟
لأنني أؤمن بالمسرح المقدم بلغة الشعب، رغم أنني بعيد عن المسرح، فلي شهادة مهندس دولة في التعمير ولكن لم أعمل مهندسا، بل كان المسرح مهنتي وحياتي.
ماذا تقول عن المسرح الجزائري؟
نتمنى أن نبدأ بصناعة مسرح جزائري، لأننا حتى اليوم لا يمكن أن نقول إننا نملك مسرحا جزائريا، لأن جل الأعمال ليست جزائرية بل مقتبسة عن مسرحيات عالمية، ونتمنى في هذا الصدد أن يعود المسرحيون إلى تجارب علولة وكاكي وكاتب ياسين.

حاورته: صارة بوعياد

المصدر: http://elmihwar.com/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *