كلمة د.ابراهيم الهنائي بمناسبة تكريم سالم كويندي في الدورة 2 لمهرجان هواة المسرح بآسفي. المغرب

 

*جمع بصيغة مفرد*
تكريم الأستاذ سالم
بقلم الدكتور إبراهيم الهنائي

الحضور الكريم
عشاق وهواة أبي الفنون مساء الخير
في البداية يلزم الشكر لكل من فكر وساهم ودعم هذا التقليد الجميل: تكريم رموز هذا الفن النبيل. شكرا لوزارة الثقافة والإتصال. والشكر موصول للهيئة العربية للمسرح بالشارقة.
أكيد أن المسرح يتشكل عبر الآن/هنا لكن هذا لا يمنع من استمرارية أخرى له عبر الكتابات والتوثيق وعبر محافل تكريمات كالذي نحن اليوم بصدده. يكرم عشاق المسرح اليوم رجل مسرح بامتياز ليقولوا أن المسرح طائر الفينيق الذي لا يموت ما دامت دماء عشاقه تجري في عروقه.
مهرجان هواة المسرح يكرم اليوم وفي دورته الثانية رمزا من هواة وعشاق المسرح بامتياز : الأستاذ الناقد والمبدع سالم الكويندي ابن آسفي والبيضاء وبينهما كل المدن. يكرم المهرجان أستاذ أجيال من المسرحين هواة ومحترفين.

     وإذ شرفني الأستاذ الصديق بهذه الكلمة في حقه أعبر له عن امتناني وعن أملي أن تكون هذه الكلمة المتواضعة نقطة تضاف إلى كل ما قيل وكتب ولا يزال يقال ويكتب في حقه.
عن الكويندي لو حدثت قل :
تبدأ قراءة مقال للأستاذ سالم الكويندي حول الفنانة فاطنة بنت الحسين فإذا بالمقال يتحول إلى دراسة مستفيظة حول العيطة الحصباوية والمرساوي وعبيدات الرما وتخريجات الباحث المرحوم ابن مدينة آسفي الأستاذ بوحميد.

     يكتب الأستاذ سالم شهادة عن الفنان المرحوم مصطفى سلمات فتتحول الشهادة إلى مقاربة مكثفة لمجموعات محطات أساسية ومؤسسة للمسرح تتناول بالدرس أوجينيو باربا وتاديوش كانطور وآرتو وكذا جدلية الصمت والأداء وبيوميكانيكا مايرهولد وفيزياء الجسد
يكتب الأستاذ سالم الكويندي ورقة حول لقاء تنظمه نقابة محترفي المسرح مع المؤلف فرناندو آرابال فإذا بنا أمام جرد للمسرح الغربي عبر أقوى محطاته.
كثيرة هي الأمثلة التي تظهر أن الكتابة عند الأستاذ الباحث سالم الكويندي إبحار في محيط. نقطة ماء حتما تصب في بحر….فحذار لمن لا يجيد العوم.
هنا يتجلى أثر الدراسة الجامعية في شعبة الفلسفة للأستاذ سالم حيث الفلسفة تساؤل حول الإشكاليات الكبرى…سؤال يولد تساؤلات. انطلاقة من الجزء للكل حيث يصبح الجزء كلا والكل في الكل. تساؤل يضرب في تساؤل والحاصل متعة قراءة غنية بمجموعة من الإحالات.
لا أريد أن تنحى هذه الكلمة المقتضبة منحى التلخيص لما كتب الأستاذ الكويندي من دراسات وإبداعات ومقالات تغني المكتبة العربية والمغربية…فهذا يتطلب ندوة حول مسار الأستاذ الفني والفكري. ندوة تتناول هذا المسار من مختلف الجوانب. بحيث الأستاذ الكويندي فرد بصيغة جمع
من هنا فعن أي سالم سأتحدث ؟

     عن كاتب القصة القصيرة: وليمة زرقاء، التي يدعونا من خلالها إلى وليمة فريدة بينما يجاهد البحر ليسترد أسماكه التي توزعت هياكلها عبر صحون الزبائن المتمترسين بين الكؤوس؟ وطارق ابن زياد يوصي : كؤوسكم أوطانكم لا تبرحوها….
أأتحدث عن مؤلف مسرحية : السماء ومسرحية الردة ومسرحية المجذوب ومسرحية عودة رأس الحسين وشمشون ودليلة وحكاية الرجل البسيط وحديث ومغزل وخربوشة الصوت العبدي الذي لا يساوم ولا يساوم ؟
عن دراماتورج قالوا لي قول ليه….عن غليلي غاليليو لبريشت؟ وعن دراماتورج خفة الرجل عن الأم الشجاعة لبريشت؟
عن الناقد الذي تتبوأ دراساته مكانا متميزا بعيدا عن النقد الإخواني الانطباعي الذي يجف مداده حتى قبل أن يكتب ؟ عن مؤلف المتخيل المسرحي وكتاب المسرح المدرسي بالمغرب وكتاب سلطة المسرح وكتاب ديداكتيك المسرح المدرسي وغيرها ؟

     عن عضو اتحاد كتاب المغرب منذ سنة 1976 ؟ وعن مؤسس فرع اتحاد كتاب المغرب بآسفي؟
عن رجل التعليم بامتياز…عن المؤطر المؤسس والمنظر في اللجنة الوطنية للمسرح المدرسي والذي آمن ولا زال بضرورة إدماج المسرح كرافد أساسي للتربية والتعلم ؟ عن مؤطر الورشات والندوات داخل الوطن وخارجه والتي من خلالها يدافع عن المقولة الأساس : أن ليس بالرياضيات وعلوم الجغرافيا واللغة وحدها تبنى العقول . وأن المسرح مدرسة وحياة ثانية يلعب المخيال والحس الجمالي فيها الدور الأساس. إذ لا شك في أن من شب على الجمال شاب عليه. فالمدرسة لا يمكن أن تقوم بمعزل عن التربية الجمالية. ولا خير في أمة تداس فيها الورود تحت ضغط الأحذية الخشنة وصليل الخناجر.

     عن أي جانب من هذه الجوانب أتحدث ؟ وجوه عديدة لعاشق واحد لا يبدأ الحديث عن موضوع يتعلق بالمسرح إلا وحضر المسرح كله في خضم الحديث.
أكيد وأنا أقول هذه الكلمات بمناسبة تكريم رمز من رموز المسرح بالمغرب لا أفعل سوى تكرار القليل من الكثير الذي قيل ولا يزال في حق الأستاذ سالم الكويندي في الدراسات والصحف والمجلات وتقارير الورشات داخل الوطن وخارجه . لهذا أستسمحكم وأستمح الصديق سالم لأضيف شيئا بسيطا يحضرني عندما يكون الأستاذ سالم موضوع حديث…صورة دائما تتكرر ويعرفها بالتأكيد أصدقاء الأستاذ سالم.صورة أصبحت بمثابة طقس لازم. كل من رافقه ذات يوم في ذات مدينة يعرف أن الأستاذ سالم ما أن يمر أمام مكتبة إلا واعتذر لمن معه لأنه وجد ضالته. يعتذر لأنه سيغيب…وقتا أو بعض وقت –وغالبا هذا البعض وقت يطول…. ومن هنا ضرورة ولباقة اعتذار الأستاذ لمن يكون آنذاك برفقته- يغيب ويدخل أول مكتبة يصادفها بل قد تصادفه وكأنهما على موعد… يغوص بين رفوف المكتبة ليخرج محملا بالكتب…. يخرج الأستاذ سالم سالما خالي الوفاض لكن مبتهجا بالغنيمة والزاد المعرفي.
هذه هي الصورة التي تحضرني كلما استحضرت الأستاذ سالم الكويندي : رجل الكتب أو الرجل الكتاب. مثقف مبدع يسكن الكتب التي بدورها تسكنه. عاشق المعرفة الحقيقية لا الوصفات الغوغلية الفاستفودية.

صورة الأستاذ سالم القارء الذي لا يكف يقرأ
يقرأ ليكتب
ويكتب فيقرأ……إذ لابد لمن ينحت على الصخر أن ينهل من البحر.
دمت أستاذي النحات الذي لا يعرف الكلل والسباح الذي لا يخشى البلل
وشكرا

(المصدر : الإعلام الإلكتروني للهيئة العربية للمسرح)

شاهد أيضاً

التسولي يفوز بجائزة أحسن إخراج مسرحي #المغرب