كتاب “مدخل الى مسرح عادل كاظم”

 

يتناول كتاب  “مدخل الى مسرح عادل كاظم”. مسرح عادل كاظم   المسرحي العراقي منذ الستينات وحتى يومنا هذا 

وقام بإخراج مسرحياته ابرز رموز الاخراج في العراق مثل ابراهيم جلال في اكثر من عمل حتى شكلا ثنائيا  بارزا في المشهد الثقافي المسرحي العراقي وكذلك جاسم العبودي ومحسن العزاوي وسامي عبد الحميد وغيرهم . 

الكتاب يقع في 60 صفحة من القطع الصغير. يقول المؤلف في بداية بحثه عن  مشروع عادل كاظم المسرحي . 

انه مامن كاتب موضوعي يتناول المسرح العراقي لايتوقف عند تجربة عادل كاظم الثرية والمهمة وانجازاته في المسرح العراقي, بل يقول المؤلف ان النصف الثاني من القرن العشرين  هو زمانه . وبالرغم من وجود كتاب قبله وبعده يبقى عادل كاظم اسما لامعا من بين الجميع .

ان ثقافة عادل كاظم تتأسس على درس ماركسي استطاع ان يتمثله بعمق ودراية ، بل وانتماء حاذق  وبوظفة درامية جديرة بالاحترام وهو يكتب نصه الدرامي متاثرا ، وان كان التاثير على مسافه مما انجزه( بريشت ) ، ذلك ان مشروع الاول يقارب مشروع الثاني في رفاه الفكر وحيثيات السرد وعلائق العناصر  البنائية للنص . 

ومازلنا نتذكر مقالاته العميقة التي كتبها عن المسرح الملحمي ، التي اثارت درسا وحركة رائعة في وسطنا  الثقافي والاكاديمي ، حتى تحولت بعض محاضرات اساتذة  كلية الفنون الجميلة الى مناقشة ماكتبه عادل كاظم وهو يناقش ويحلل( بريشت ) واعماله.

ونتذكر جميعا ان سلسلة مقالاته النقدية ظهرت  بعد منع مسرحيته ( دائرة الفحم البغدادية ) عام 1976 واخرجها صديق عمر عادل كاظم المخرج الراحل ابراهيم جلال, والمسرحية سبق ان عرضت ليوم واحد ثم منعها وزير الاعلام والثقافة .

ويقول  المؤلف ( ان محلية عادل هي التي  جعلته رمزا عراقيا وعالميا وقد كانت نقطة الشروع لديه  مسرحيته ( تموز يقرع الناقوس ) ثم تبعها بـ ( المتنبي ) و( مقامات ابي الورد), ثم عمق اتجاهه بدائرة  الفحم البغدادية . ان محلية عادل كاظم كانت واضحة من بغداديته لغة ولهجة وسلوكا عاما ، وحتى سلوكه  الخاص . محلية عاصمتها منطقة( الفضل ) الشهيرة في وقت كان ينادي به الماركسيون بأن الاهمية  الثانية آتيةلا محال ، وان عاصمتها( موسكو) !

واريد ان المح ان عادل كاظم وكأنه في محليته لم يسمع بعواصم العالم الاشتراكي كموسكو وبرلين ووارشو. لان قضاياه تنطلق من ازقة وحواري مدن العراق . فكيف تسنى لهذا الرجل( اي عادل) ان يمشي او يتدرج في ازقة مدن العراق ، في زمن كانت القبلة والبوصلة هي ( برلين ). بل كيف له ان يحقق هذا النجاح ، بعد ان لازم في كتابته للمخرج ابراهيم جلال مايتكشف عن نجاح استمر لاعوام طويلة ) .

ويضيف :ـ ان عادل كاظم  بالاضافة الى المنطلقات الماركسية كان قد تأثر – ايضا – بوجودية سارتر ولعل  بعض حوارات مسرحيته ( تموز يقرع الناقوس ) توضح بعض تشابك هذا التأثير لاسيما في روح الحوار  في النص والروح الطاغية والسائدة في مؤلفات سارتر مثل(الذئاب) و(جلسة سرية) .

وكذلك تبرز التأثيرات  حين انطلق عادل بعيدا وهو يقلب سخرية الحوار واهدافه من مرارات سخرية(الجاحظ)وعذابات صاموئيل  بيكت كما في مسرحية  تموز يقرع الناقوس . فعندما يقارن عادل بين( المجنون يصرخ بأعلى صوته(الحمار  قال بأربعة قوائم.. الكرسي لم يقل شيئا) والاشاره واضحة هنا للقوائم الاربعة لدى الحمار والموصوف بالغباء  وبين الكرسي ( كرسي الحكم ) بعلاقة التشابه من حيث القوائم الاربعة . وهنا  يتحدى عادل  السلطة بقوله ان الكرسي هذا كرسي  غبي ومن كان يتجرأ آنذاك في السبعينات ان يقول ذلك ؟ !

كذلك هناك اشارات اخرى لاسلوب الثورية اوالتمويه التي يتلعه مثل قوله في مسرحية (ارنيني .. والحقيقة كنا نحرك اقدامنا فقط .. متوهمين السير نحو الامام ، غير اننا مع هذا عرفنا اشياء كثيرة عن هذا العالم . عرفنا انفسنا وعرفنا بابل واغتسلنا بنور الحقيقة). وهنا الاشارة واضحة للوهم الذي كنا ننظر اليه على انه الحقيقة! السراب الذي يراه العطاشى ماءاُ. السجين الذي ينظر من خلف عدسات الوهم الى ان الحرية واقع يعيشه بعد خروجه من السجن … ليرى نفسه في سجن اكبر هو سجن العقيدة ! والعقائد وفي  لمسة تعبيرية تنطلق من دماغ  ساخن ومن مخيلة جامحة ، بل ونبوءة اطلقها عادل اواخر الستينات على لسان( ارنيني ) وكأنه يرى نهاية التمرود – العراقي – تأكله الديدان! 

ويشير الكتاب في أواخر السبعينات قدم عادل الكثير من الاعمال المهمة لعل اهمها دائرة الفحم البغدادية  وهي ولادة عراقية للمسرحية العالمية( دائرة الطباشير القوقازية) ثم منعت بعد يوم من تقديمها . لان النظام  وجد فيها هجوما عنيفاضده بالكشف عن فساد القصر والحكم . والمفارقة ان المسرحية عرضت في المسرح القومي في كرادة مريم  الذي يجاورالقصر الجمهوري (  مقر الحكم)يومها صار النظام يراقب  المسرح العراقي لانه كان يرى فيه مرتعاُ للافكار المضادة وموئلا للافكار الهدامة ! فازداد عدد المخبرين  في كلية الفنون الجميلة وكذلك المعهد والمسارح الحكومية والاهلية .

ولم يتنازل عادل كاظم عن افكاره ومواقفه بل ظل يقدم اعمالا يدين فيها السلطة من خلال اسقاطا لافكاره او العودة الى التاريخ القريب ليأخذ منها حادثة ما ثم  يبني عليها الموقف الذي يريده للادانة اوالتعرض  للسلطة بطريقة مبطنة كما في مسرحيته ( مقامات ابي الورد ) التي ناقش فيها انهيار السلطة وحماقتها وتدخلات الاجانب في الحكم ابان القرن الرابع الهجري وانهيار الدولة العباسية, واسقاطها على الاحداث المعاصرة التي كنا نعيشها اواسط السبعينات من القرن المنصرم . وكذلك في اعماله الاخرى ظل واعياُ لدور المسرح وتأثيره من خلال تناول الاسطورة او الحكاية الشعبية ، كمحرض ضد الظلم والطغيان .

ومن المفارقات التي يشير اليها المؤلف قضية النبوءة لدى عادل كاظم حول نظام الحكم من خلال تناوله في مسرحية (الطوفان) التي تشير الى نهاية الطغيان والجوع والموت . 

وهنا يلعب عادل لعبة جديدة في النص فيبدأ من موت انكيدو على عكس ماموجود في الملحمة ثم يوزع قوى الصراع بين ارادات تتحكم بها شخصيات وفق نموذج  معروف في تأسيس الصراع بين الخير والشر . كما يدخل  بعض التجديدات في  تقسيمات النص إذ يوزع الوقائع على ( عشرة احداث) وكل منها يحمل عنوانا يشبه المشهد في اعمال اخرى.

وهنا يجمع بين ماركسية ماركس ووجودية  سارتر من اجل مناقشة الفقر والغنى والطبقات  والمجتمعات ويناقش سر الوجود واللامعنى ويثأر مع معنى الحرية بين هذين الارتباطين(الماركس – الوجودي ) وبين حرية يريدها للاخرين . حرية اجتماعية وكسر لنظام الطبقات المستبد .

—————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – اوراق المدى  

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *