قضايا الشرق الأوسط في المسرح البريطاني – عامر هشام الصفار

حضرت قبل أيام قلائل ندوة ثقافية للكاتب المسرحي العراقي المغترب حسن عبد الرزاق (المولود عام 1971 في براغ). وهو الكاتب الذي يكتب مسرحياته باللغة الأنكليزية منذ عدة سنوات لتمثلّها فرقة مسرحية في مسارح بريطانيا وأميركا. والمفاجأة كانت عندما علمت أن الكاتب المسرحي عبد الرزاق أنما درس وتخصّص بأختصاص علمي دقيق في العلوم الحياتية، فواظب فيه دارسا للدكتوراه، والتي رغم متطلباتها الكثيرة ولكنه تمكن من التواصل مع التأليف المسرحي، والعمل مع فريق مسرحي مبدع، لكي تكون مسرحياته متاحة أمام الجمهور.
مسرحية “الأشياء تحدث”
وقد ركز المحاضر حسن عبد الرزاق في الجزء الأول من المحاضرة على موضوعة قضايا الشرق الأوسط في المسرح البريطاني، فأشار الى مسرحية “الأشياء تحدث” للكاتب ديفيد هير، والذي عمل على ما صرّح به وقال السياسيون في أميركا وبريطانيا قبل وبعد أحتلال العراق عام 2003، أضافة الى أستعمال الخيال الخصب لتكون مسرحية “الأشياء تحدث” والتي مثلّت على المسرح البريطاني عام 2004 واحدة من أهم المسرحيات التي لها صداها معبرة عن الحال العراقي. وذكر المحاضر أنه لاحظ أن الأنسان العراقي كان مهمّشا في مسرحية هير والتي ركّزت على دور السياسي الأميركي والبريطاني في أتخاذ قرار الحرب وأيقافها، دون أن يكون في الحقيقة أي دور ملحوظ للسياسين العراقيين.
مسرحية “عرس بغداد”
ثم أن المحاضر-الكاتب أشار في محاضرته الى مسرحيته المترجمة للغة العربية والتي جاءت بعنوان “عرس بغداد”، والتي أختلطت فيها التراجيديا بالعبث، فكان أن تطرق الكاتب عبر أصدقاء ثلاثة عادوا لبغداد بعد عام 2003، الى مجريات الحرب وفظائعها وما جرى في سجن أبو غريب.. ومعارك مدينة الفلوجة. وقد ترجم المسرحية صالح مهدي الشكري وصدرت عن دار الصواف للنشر.
مسرحية “تسعة أجزاء من الرغبة”
ثم أشار المحاضر عبد الرزاق الى مسرحية “تسعة أجزاء من الرغبة” للكاتبة هيذا رافو والتي تناولت فيها شخصيات نسائية عراقية، حيث كانت الفنانة العراقية الراحلة ليلى العطار (أستشهدت عام 1993 بعد قصف أميركي لدارها) واحدة من هذه الشخصيات. وقد ذكرت الفنانة رافو أنها تأثرت بلوحة “توحش” للفنانة العطار والتي مثلّت جسم أنثى بحالة تعري، وقد ألتصق بشجرة باسقة في غابة موحشة.
وأشار المحاضر أيضا الى أهمية دخوله لدورة للكتابة الأبداعية عام 2000، ومواظبته على دراسة أسلوب الكتابة للمسرح، ودور خاله القاص العراقي محمود البياتي في تشجيعه على الأستمرار في الأبداع الأدبي. وذكر أن من المهم الأنتباه الى وجهة نظر الآخر مقابل وجهة نظرك، فهذا الصراع هو ما يخلق الدراما.

مسرحية “متحف في بغداد”
وأشار المسرحي عبد الرزاق الى مسرحية “متحف في بغداد” للكاتبة الفلسطينية الأيرلندية هانا خليل وأشارتها الى الشخصية التاريخية المعروفة مس بيل. ففي حزيران/ يونيو عام 1926، وقبل رحيلها بأسابيع، قامت عالمة الآثار والمستكشفة البريطانية جيرترود بيل (1868 – 1926) بتأسيس “متحف بغداد الأثري” والذي أصبح يسمى لاحقاً “المتحف العراقي”، وضمّنته مجموعات واسعة من المكتشفات، خاصة من الحضارة البابلية.
وفي عام 2006، قامت عالمة الآثار العراقية البريطانية غالية حسين بمحاولة لإعادة أفتتاح المتحف، والعمل باتجاه إعادة الآثار المنهوبة، وجمعها تحت سقف واحد من جديد.

وبين بيل وحسين عقود كثيرة مرت، لكن صورة فوتوغرافية لبيل في أفتتاح متحف بغداد، جعلت الفنانة الفلسطينية الإيرلندية هانا خليل تفكر في كتابة عمل مسرحي، يسرد حكاية العراق من خلال تجربة عالمتي الآثار، في عرض بعنوان “متحف بغداد”، تم عرضه في “رويال شكسبير كومباني” بلندن قبل عامين. وهكذا يكون الزمن بين بدايات نشوء الدولة العراقية وحتى سقوط بغداد، الموضوع الشاغل للمسرحية والتي مثّل فيها المبدع الفنان رسول الصغير.
مسرحية “النبي”
وحول مسرحية “العودة” أشار المحاضر الى عمل لدينا الموسوي، وهي التي عادت الى العراق بعد 2003، وسجلّت عدة لقاءات مع صديقات ومعارف، حيث أسترجعت ذكرياتها عن المكان الذي ترعرعت فيه وأغتربت عنه.
وفي الجزء الثاني من محاضرته أستعرض المحاضر القضية المصرية في المسرح البريطاني فأشار الى مسرحيته “النبي”، والتي أستوحى أحداثها من ثورة الشعب المصري عام 2011 وكيف أنه زار مصر شخصيا، وعاش ظروف البلاد الصعبة، فكانت مسرحيته التي تتحدث عن كاتب يصاب بحالة العي أو عدم القدرة على الكتابة، حتى تنصحه زوجته بالخروج مع المتظاهرين في شوارع القاهرة ليستعيد نفسه وهو صاحب الفكر اليساري.
مسرحية “الحب والقنابل والتفاح”
وعن قضية فلسطين- قضية العرب المركزية، تحدث الكاتب فذكر مسرحيته التي كتبها ومثلّت على مسارح لندن، وهي مسرحية “الحب والقنابل والتفاح” والتي تتناول أربعة مشاهد، تحكي قصصا مختلفة لشباب من رام الله ومن باكستان ومن نيويورك ومن مدينة برادفورد الأنكليزية. فتتناول تفاصيل حياتية، تتخللها تناقضات وغرائب، تعطي زخما دراميا مطلوبا للعمل المسرحي. كما أشار الكاتب الى مسرحيته “هنا انا” والتي مثلّها الفنان الفلسطيني أحمد طباسي والذي نشأ في مدينة جنين (الضفة الغربية) حيث علّمه صديقه جوليانو أن الثقافة نوع من أنواع المقاومة كذلك.
مسرحية “الحب في زمن الكورونا”
اما عن أعماله الأخيرة فقد ذكر حسن عبد الرزاق أنه أنتهى من كتابة مسرحيته الجديدة والتي ستبدأ عروضها على أحد مسارح لندن في حزيران الحالي وهي بعنوان “الحب في زمن الكورو نا” والتي تحكي عبر مونولوجاتها قصة ياسمين المرأة المطلقة والتي تبحث عبر مواقع التعارف على النت عن صداقة وعلاقة جديدة، فتتعرف بالفعل على شخص غريب جدا حيث تشعر أنها تعرفه من قبل.. والمسرحية من نوع المسرح الهزلي الحزين بنفس الوقت.
وفي نهاية المحاضرة أجاب المحاضر عن أسئلة الحضور فأفاد وأمتع.

https://kitabat.com/

(هنا مقطع فيديو لبعض من ملصقات مسرحيات الكاتب حسن عبد الرزاق)

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش