في مهرجان الهيئة العربية للمسرح 2

أغلب العروض قد تمحورت حول العنف.. سواء في إطار الوطن أو الأفراد من الملاحظ أن جل العروض قد تمحورت حول العنف.. سواء في إطار الوطن أو الأفراد. ولا أدري هل هي صرخة احتجاج على الواقع المعيش أم ماذا لأن هناك عنفا على خشبة المسرح مبالغا فيه. نعم هناك واقع مر عبر العديد من العواصم. في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق، وبعض المدن الأخرى، ولكن لماذا نغلف واقعنا بهذا الإطار من السوداوية،
فالعرض السوري: مدينة في ثلاثة فصول.. المسرحية من إعداد واقتباس كفاح الخوص. وإخراج عروة العربي عن نص مصطفى الحلاج. العنوان الأصلي “احتفال ليلي خاص في دريسدن” والأحداث تدور في ملجأ وتاريخه قديم 1945. في الملجأ أنواع مختلفة من البشر. والحديث حول الدمار الذي حل بمدينة دريسدن الألمانية من قذائف الطائرات المتحالفة ضد ألمانيا النازية. طبعاً كان الإسقاط على الواقع السوري واضحاً للعيان. وطرح ما يحدث الآن في بلاد الخلافة الأموية ومدن شهدت حضارات العالم، دون ذكر للبراميل أو الجوعى من أبناء الشعب، لأن الفرقة تابعة لمديرية المسارح والموسيقى وتبعيتها لوزارة الثقافة، كان العرض في مجمله مغلفاً بالكوميديا السوداء، والمكان القبو المكتظ بالنماذج البشرية المختلفة وهي صورة للواقع.. وإن كانت النماذج تمثل صاحب الحانة، والمومس. ثم ذلك المغتصب والمتنكر في زي شرطي “ضابط – مباحث” في الجيش حيث يمارس سلطاته على الآخرين، نماذج عدة في العمل، بين الفنانة عازفة الشيللو والآنسة المغتصبة وصعوبة الحياة والخوف من الخروج من القبو والذي يرمز إلى واقع سوريا المعيش من نقص في كل شيء الأكل والشرب والأمان. طبعاً الإسقاط كان واضحاً وجلياً من خلال حوار النماذج المختلفة بأن واقعنا المعيش من صنع أيدينا ولا دخل للآخر في هذا الأمر، بمعنى آخر أن هذا صراعنا الذاتي في الواقع السوري المعيش وهم أحرار فيما يرون ولكن حقيقة الأمر أن هناك العديد من اللاعبين يمارسون دورهم في خلق واقع مغاير للأمن والاستقرار.
تميز جميع المشاركين بالأداء المقنع واستطاعوا خلال تجسيد جل الأدوار تقديم عمل حمل مضامين إنسانية، كان التنافس على أشده عبر نجوم اللعبة، والمزعج في الأمر أن جل العروض بلا بطاقة تعريف بفريق العمل ولا أدري، مهرجان بهذا الحجم. وهذه الإمكانات وهذا الحضور المكثف لأبرز المسرحيين والعروض لا يقدم بطاقة التعارف للمشاركين فيه. كنت أسأل عن أسماء المشاركين فلا أحصد سوى الصدى، قيل إن أحدهم اسمه يوسف.. وآخر قيل إنه الخوص.. وهكذا عشنا متعة المشاهدة وقدرة الفنانين على الأداء.. دون أن نحصل على أسمائهم وإن حضروا في ذاكرتنا وجسدوا ويلات الحرب والدمار.
إذا كان العرض السوري “مدينة في ثلاثة فصول” قد استحضر جزءاً من واقعه المعاش. عبر واقع استحضره من معاناة بلدة خلال الحرب العالمية الثانية، فإن استحضار المحورية التي طرحت وامتزجت مع الأسف بالعنف المبالغ فيه كانت السمة الأساسية لجل العروض
أما العرض المصري “سيد الوقت” من تأليف محمد فريد أبو سعدة وإخراج ناصر عبد المنعم فقد طرح تساؤلا هل هذا العرض هو الناتج الفعلي للمسرح المصري الرائد؟ كان استحضار السهروردي القتيل. هل أراد المؤلف أن يستحضر الماضي. ليقول الواقع صورة مما مضى؟ أم أراد إثارة الجدل بين ما كان وما هو كائن؟ هل يريد قراءة الماضي مرة أخرى. إن جل المتصوفة في تاريخنا قد دفعوا ثمنا باهظا لأفكارهم وآرائهم، مثل هذا القتيل السهروردي والحلاج وغيرهما، كثيرون لجأوا إلى التاريخ السحيق واستحضروا نماذجهم والمسرح في المدارس الأهلية في الخليج وبخاصة في البحرين والكويت والمسرح المدرسي هنا لجأ إلى التاريخ من أجل أهداف عدة. بعث الهمم في النفوس وغرس القيم، فكان ذي قار وكان إسلام عمر، بلال مؤذن الرسول، عالم وطاغية، صقر قريش… إلخ، هل هناك صراع الأفكار، وكيف يقود الرأي الآخر إلى الموت؟ ومع هذا فإن العنف كان أيضاً سيد الخشبة.
غدا نلتقي

د. حسن رشيد

http://www.al-sharq.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *