في الذكرى 17 لتأسيس معهد دراما بلا حدود الدولي بألمانيا.. إنتاجات مسرحية وشراكات تعاون قادمة – عباسية مدوني #الجزائر

في الذكرى 17 لتأسيس معهد دراما بلا حدود الدولي بألمانيا.. إنتاجات مسرحية وشراكات تعاون قادمة – عباسية مدوني #الجزائر

في كلمة تشي بالكثير من العطاء والبذل، والكثير من الزخم الإنساني، ومنذ مدّة كانت قد سلمتنا الدكتورة ” دلال مقاري باوش ” كلمة من خلالها نتوسّم طاقة النور والجهد الجهيد المبذول بغية معانقة الحب والجمال من خلال مسار حافل بالتضحيات ، محموم بالحلم وهي التي تزال حبلى بالتساؤلات المرتبطة بعالم الفنون ، لأنها ( الفنون ) العملة الوحيدة والنادرة على قلب الموازين شرط أن تكون مكلّلة بالحب ، فالحبّ وحده أفيون الوجود وجرعة المضيّ قدما في ظل الكثير من التحديات  ، وأكبر تحدّ لسنة 2020 كان الحدث الكوني المتمثل في فايروس كورونا ، والذي من خلاله وفي ضوئه تمّ ضمّ الكثير من الإبداع وفرد الأجنحة للتحليق عاليا في مجال الفنون واستكشاف الذات مجدّدا ومدى مقدرتها على الإبداع والإبتكار في ظلّ الأزمة ، هته الأخيرة التي ولّدت الكثير من الهمم وكشفت النقاب عن الكثير من المواهب في شتى فروع الفنون سواء نثرا أو شعرا أو لونا أو أداء وغير ذلك من المبادرات التي كانت وستبقى محفورة في الوجدان ، وسيخطّها التاريخ بحبر من ذهب لتذكّر هذا العالم أن الإنسان وليد الأزمات ومن خلالها فقط يمكنه التحليق عاليا .

والنص الذي استلمناه من لدنّ السيدة ” دلال ” المدير المؤسس لمعهد دراما بلا حدود الدولي بألمانيا هذا فحواه :

عمتَ مساء يا وطني العربي، عمتِ مساء يا قدس

أتذكر الآن وأنا على الطرف الآخر أغزل الحكاية، بخيطان الروح

أتذكر: بداية الرحلة وحدي على الطريق !! أحفظ حلمي في قطرات الندى، وأتركه للسكينة، ألوح بسؤال يقلقني ( كيف أثقب الجدار ؟)

ليتسلل الضوء إلى مفارق الروح ؟

بمخالب الأفعال ! لا الكلمات أحفر.. وأحفر.. وأحفر بصمت لأعبر مفترق الطريق نحو الحقيقة ؟

( والتجلي في الوجود من خلال الحب حقيقة )

إذن بدافع الحب، أحج نحو الأمل لأصل الحقيقة (نهوض الروح بالفنون هو نقد للواقع..  والتأمل والتغيير والبناء والتقدم.. إذن هذه هي الحقيقة ).

كأن الفنون هنا صرخة مضادة للراهن الصعب ! وعندما تعجز الحياة عن الإبداع الفني (تنحاز عقيمة إلى الصمت).

لكن بإمكاني الآن ومن نوافذ حفرتها منجزات معهد دراما بلا حدود الدولي، التي تنير جذوة الروح، يمكنني رؤية المستقبل، وخيوط بيضاء تتراقص بلا ظلال وشوارع مدننا مغسولة بضوء صافي، وما يشبه الفراشات تعبر السماء، متوهجة بالأمل.

سنوات من العمل النهضوي الإبداعي الإنساني، تتجسد الآن أمامي، وأنا أستحضر كل الوجوه التي قادتني إلى فردوس العطاء.. فشكرا للقلوب البيضاء.. ولأصدقاء الحلم (شرقا وغربا) فبكم تستمر حكاية البحث عن الذات لتتكامل مع الآخر…

 بكم يستمر الحلم ( فالأحلام تسد ثقوب الحياة المُرة)

في ضوء كل ذلك ، تأتي المبادرات فريدة وسامقة، وهي تتصدّر واجهة العالم، ليكون (معهد دراما بلا حدود الدولي ) بألمانيا مبادرة عالمية لتأسيس قيم إنسانية عبر الفنون، ومن أهمّ الجهات الراعية  له نذكر إتحاد الصداقة العربية الأوروبية، رابطة مدارس وجامعات (فاو ها إس) الأكاديمية الكاثوليكية ، والمعهد الذي ترأسه السيدة ” دلال مقاري باوش” مديرة، يضمّ لفيفا من الأكاديميين العرب، والأوروبيين، الذين يجمعهم هدف أسمى وهو البناء والنهضة البشرية، عبر فنون الدراما، لما فيها من أثر على روح الفرد في تحفيزه ودفعه إلى التغيير.

وفي أوج الأزمة الكونية، العديد من الإبداعات رأت النور على مدار شهر كامل من الإبداع المتنوع، والشغف الذي تولّد ، جاء المعرض والملتقى الدولي شهر غشت، ليكون انعكاسا إيجابيا لأزمة الكورونا بعد بعث لفيف من المسابقات الإبداعية ضمن دائرة التطور الكوني ، فكل مبدع من كل أرجاء العالم أسهم وتفاعل وكان نقطة إيجابية ضمن سلمّ الإبداع الفكري والروحي والحضاري ، عصارة المسابقة الدولية التي أثّث لها معهد دراما بلا حدود الدولي تحت شعار   ( كورونا في زمن التحولات )  ، ليرى المعرض والملتقى الدولي النور تحت عنوان  ( لوحات خارج الإطار )  ، فكان فضاء رحبا ومتعدّد الروافد والذي تمّ من خلاله تحقيق التلاقي  والتواصل وتلاقح الأفكار ، فكانت الاحتفالية متوازية وذكرى التأسيس السابعة عشر ، كما كانت انفتاحا على عديد المبادرات الإنسانية وزخم من الإبداع في شتى الحقول والمجالات .

وعلى مدار شهر أوغسطس الذي جاء  ثريّا بالأنشطة والإبداعات واللقاءات المثمرة، تمّ إسدال الستار عن فعاليات المعرض والملتقى الدولي لمعهد دراما بلا حدود الدولي على مستوى فضاء المكتبة الوطنية العمومية في مدينة فايدن البافارية في ألمانيا، أين استمرت الفعاليات المتنوعة والمرافقة لمعرض ( لوحات خارج الإطار) والتي كانت غنية وهادفة من موسيقى وشعر وحوارات أدبية ضمن منصة الناي الشرقي الغربي والتي كانت فضاء يؤمّ العديد من المبدعين من ضيوف الملتقى ، هذا إلى جانب تكريم ثلّة من الشخصيات الفاعلة من الوطن العربي والعالم ، اعضاء معهد دراما بلا حدود الدولي، بالإضافة إلى إبرام شراكات جديدة مع مؤسسات إبداعية وأكاديمية سيكون من ثمارها تنظيم العديد من المعارض وبعث الكثير من الملتقيات في المستقبل القريب تحت شعار (الإبداع في مواجهة التحديات ) .

ومن عصارة المعرض والملتقى الدولي في ختامه، إطلاق العديد من المبادرات اللافتة لعلّ أهمّها إنتاج عمل مسرحي من توقيع المخرج التونسي “محمد العتيري” من دولة تونس، أضف إلى ذلك إطلاق جائزة أدبية تحمل إسم الناشر الراحل “غسان الشهابي “، مع تأثيث معرض مشترك يجمع المبدعين الألمان من اعضاء معهد دراما بلا حدود الدولي تكريما للراحل الفنان ” الحكم النعيمي ” ، مع إطلاق مجلة وموقع إلكتروني لمنشورات المعهد .

المعرض والملتقى الدولي في ختامه ومن عصارته تمّ تسجيل برامج ومبادرات لافتة أضاءت حفل الختام الذي قدم فيه أعضاء المعهد أفلاما قصيرة تحكي إنجازات المعهد ، إلى جانب عزف بيانو رافق الكلمات المشاركة من الأعضاء عبر المنصات المختلفة أون لاين ، ، وإضاءة شموع الأمل والسلام في كنائس المدينة ، ترافقها صلوات ممثلين عن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية .

وقد قدّمت الدكتورة ” دلال مقاري باوش” المدير المؤسس لمعهد دراما بلا حدود الدولي في ختام فعاليات المعرض والملتقى الدولي كلمة جاء في نصها :

أحبتي أعضاء وأصدقاء معهد دراما بلا حدود الدولي

بوابتنا الشرقية أضاءت الفكرة، لتكون زهرة عباد الشمس في شهر آب، أوغسطس، رمزا للبهاء، والقداسة وبتول الصلاة ـ

هكذا أردناه شهرا مغايرا، يحمل كل بركات السماء وشفاعة القديسين، لعالمنا الذي قيدته سلاسل الفيروسة البغيضة البرئية كورونا، سائلين الرحمة بأن تبلل جفاف الحياة، جمعنا المرثيات، ووشاح القلق الرمادي الذي يلف العالم، وأضأنا الأبراج المهجورة، وقلوبنا التي يسكنها اليقين، بالحلم والأمل.

أردناه عيدا مغايرا في شهر مغاير، يحمل كل دلالات القوة والرقة والنور، طاقة من فرح العطاء، أضاءت أقمارا صغيرة في سمائنا المظلمة لتثير الطمأنينة، بأن تظلل حياتنا القلقة.

بنور اليقين، وإشعاع الفنون، تضافرت النوايا لإطلاق شهر من المبادرات الإبداعية والإنسانية المتعددة، لتكون هذه التظاهرة الفنية الدولية، شهقة عميقة تتصاعد، لتصل الذروة، في زمن يتنفس فيه العالم برئتي فراشة.

الذكرى السابعة عشرة لتأسيس معهد دراما بلا حدود الدولي هذا العام، جاءت مغايرة ومضيئة برغم شحوب العالم! مرحة برغم جمود الإبتسامة، دافئة تحتضن العالم بأذرع من محبة وتسامح وسلام، تجاوزت كل الخواطر المؤلمة لإجتياح الفيروس زنابق الحياة، لتكتب تجربة بيضاء، أو ملونة كبراعم الربيع المنتظر.

بصحبة فرسان المرحلة، أعضاء معهد دراما بلا حدود الدولي، أزهرت الفكرة، وتابعت التحليق، لتكون الإنجازات بطعم الأمل، تحرر الفرح والتفاؤل بيوم جديد.

محطات المبادرات انطلقت بالإعلان عن مسابقة (رحلة كورونا في زمن التحولات)، مرورا بمبادرة فكر بغيرك ، والمشاريع الإنسانية العالمية لمكافحة الكورونا ودعم المصابين، إنتهاء بالمعرض والملتقى الدولي (لوحات خارج الإطار)، خفقة جناح حالم يحلق خارج الإحتمالات وفيا لرائحة العنبر.

تعلمنا التجربة بأن نرمم عطب التفاصيل، نزيت مصابيح الليل وننفتح على مفاجآت الغد ،   

لحظات خصبة نقطف منها الضوء لمشاريع جديدة ومبادرات عالمية، تبقى وثيقة   للتاريخ : كإنتاج عمل مسرحي يحمل توقيع المخرج محمد العتيري، وإطلاق جائزة تحمل إسم الناشر الراحل غسان الشهابي، وتنظيم معرض تشكيلي الماني عربي مشترك، تكريما لروح المبدع الحكم النعيمي، إلى جانب إطلاق مبادرة دعم المواهب الشابة، وأخيرا إحياء شراكات جديدة في العالم والوصول إلى مستهدفين من فضاءات جديدة ، مع التفاتة موحية بإطلاق مجلة وموقع إلكتروني خاص بمنشورات المعهد .

ثمة ضوء يزداد إشراقا، في ثقوب الحياة، فلم يتأخر الوقت كي نمنح للحنين اللقاء، وللزمن جدواه، وللخطوات الطريق الآمن إلى الدار.

في عامنا الجديد، امنحنا يا إلهي قوة الفولاذ ورقة الفراشات.

صفوة القول ، أن معهد دراما بلا حدود الدولي في ألمانيا ، خطّ حكاية متجدّدة من الحلم ، من العطاء ، من الإبداع ، كما حاك موعدا متجدّدا لمستقبل قريب بطاقات واعدة ونور لن ينطفئ في ظل تعاضد الجهود وتوافر الحب وعمق الإنسانية ، مع إنارة شعلة الأمل والتفاني بمنأى عن الأنانية وعن الجشع ، فكان وسيظل الإنتصار دوما للحب وللإنسانية وفقط .

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.