«فرسان الشرق» تتوسع في تقديم التراث

التناغم اللافت بين العناصر المسرحية المختلفة والتكنيك الحركي الجيد والابتكار في عدد منها، مِن أهم سمات عرض «علاء الدين»، أحدث إنتاج لفرقة «فرسان الشرق للتراث» التابعة لدار الأوبرا المصرية.

العرض شهده المسرح الكبير للدار، والفرقة أسسها مصمم الرقصات والمخرج اللبناني وليد عوني عام 2009 بتكليف من وزارة الثقافة المصرية، «لاستلهـام التراث المصري وإعادة صَوغـــه فنياً مــــن خلال تصامــــيم ولوحات حركية مبتكـــرة تحمل صبغة شعبية ودرامية وتاريخــية»، وظـــهر أول أعمالها عام 2010 بعنوان «الشارع الأعظم». واليوم يتولى منصب المدير الفني للفرقة المصمم والمخرج المصري طارق حسن الذي أضاف إلى نشاطها التراث العربي.

يجمع حسن بين دراسة الباليه والفن الشعبي. بدأ عمله مع الفرقة بعرض «علي الزيبق» الذي نال عنه جوائز عدة. والعرض الذي نحن بصدده ينتمي إلى الرقص المعاصر والموضوع مستلهم من إحدى حكايات «ألف ليلة وليلة»، وتحمل اسم «علاء الدين والمصباح السحري».

العرض من فاصلين، ويتناول قصة الحب بين علاء الدين وياسمينا التي يخطفها جعفر الشرير. ويتعهد علاء الدين للملك استعادتها فيخوض من أجل ذلك مغامرات شيقة. الإخراج والتصميم والإعداد الموسيقي للفنان طارق حسن، وقاسمته في هذا كله الفنانة سوزان الفياض. ولأن تلك القصة انتشرت في حكايات الأطفال والكارتون، اتخذ المصمم هذا الخط، ولهذا جعل شخصية القرد الرابط بين الأحداث، كما عبَّر عن أفكاره بالشجر والنحل والورد والأرانب والصخور والعنكبوت، وكلها يتقمصها الراقصون في حركات بديعة جداً تضافرَ فيها تصميم الملابس مع الحركة المبتكرة، وهذا أعطى العمل قيمة فنية كبيرة مع إبهار وإعجاب انتزع التصفيق من الجمهور. ومن الصعب أن تخرج من العرض ولا تتذكر منظر العنكبوت الذي أداه أحمد علي، أو مناظر النحل وغيرها من الحركات الجماعية والثنائية والفردية البديعة.

العمل لوحات راقصة في إطار درامي نجح فيه مخــــرج ومصـــمم العرض، ولكن للأسف ثمة تطويل في الرقصات وإعادة للحركات، ما يجعل الفكرة تضيع من المتفرج وتغرق في الرقصة، فينقـــطع الحبل الدرامي إلى درجة أن المشاهدين يصفقون ويتوقف الراقصون ثم يواصلون. وربما لجأ المصمم إلى هذا لإظهار مهارة الراقصين التــــي كانـــت على درجة عالية من اللياقة والتدريب، كما كانت لديهم قدرة على التعبير والتمثيل الإيمائي واستطاعوا أداء حركات صعبة وبعضها مبتكر يحسب للمصمم. ولكن التطويل والتكرار في الرقصة لا يعنى إلا الافتقار إلى أفكار، وهذه خسارة كبيرة لأن العمل مليء بالتفاصيل.

وعلى رغم أنه عرض راقص فإن البطل الحقيقي والنجم كان ديكور أحمد زايد الذي كان مبهراً ومناسباً للأحداث، وساعد على تعميق المَشَاهد والخط الدرامي، كما استخدم كثيراً من الخامات للتعبير عن الفكرة، بالستائر والكتل والأقمشة. كما أن أزياء هالة محمود هي بطل ثان في هذا العرض، وأيضاً معظم الأعمال التي تنسب إلى الفنيين، مثل أكسسوارات حسام أحمد صلاح وفريقه، وأعمال النحت لأحمد عبدالله.

أما إضـــاءة رضــــا إبراهيم فأدت دوراً جوهرياً لا يعتمـد على الإبهار فقط وإنما كان لها بعد رمزي واضح. وإذا كانت هذه إيجابيات، فإن الاختيارات الموسيقية كانت من السلبيات إذ جاءت بعيدة من الأحداث وطبيعتها، إلا في مقاطع بسيطة.

وعبَّر أعضاء الفرقة بدقة عن فِكر المصمم، وكانوا خير مفسرٍ لها، وعلى رأسهم بطلة العرض الباليرينا ياسمين سمير التي أدت دور ياسمينة وأجادت الرقص وقدمت حركات غاية في الصعوبة، كما كانت معبرة تماماً عن الشخصية. وتفوق نادر عمَّار الذي أدّى دور علاء الدين، ومحمد سالم في دور جعفر، وعبد الرحمن دسوقي (الجني)، وأمجد عبدالعزيز (القرد)، وياسر الليثي (الملك). كما كانت الرقصات الجماعية إضافة جيدة إلى أعمال المصمم السابقة.

والعمـــل حقــق إقبالاً كبيراً، وفق المدير الإداري للفرقة وليد عبد الفتاح، كما يعد خطوة جيدة من الأوبرا أن تعيد تقديمه على مسرح «الجمهورية».

——————————————————————–
المصدر :  مجلة الفنون المسرحية – كريمان حرك  – الحياة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *