غياب المسرح المدرسي يحرم الأطفال من التعبير عن طاقاتهم الإبداعية

أدى غياب توظيف الأنشطة المسرحية في المدارس إلى حرمان الأطفال من التعبير عن الطاقة الكامنة لديهم واكتشاف ذواتهم وتنمية خيالهم ومواهبهم. ويؤكد خبراء التربية أن للأنشطة المسرحية تأثيرا نفسيا وسلوكيا في حياة الطفل، ويعتبرونها متمماً للعملية التربوية برمتها. ودعا الخبراء إلى ضرورة اعتماد المسرحيات القصيرة لتعليم الأطفال وتوظيف المدارس للأقصوصة والحكايات الرمزية ذات العبر ما يساعد الأطفال على تنمية قدراتهم اللغوية وتعزيز الذاكرة والتركيز والانتباه.

تونس – يشير خبراء التربية إلى أهمية النشاط المدرسي في صقل مهارات الأطفال وتهذيبها وتطوير قدرتهم على التعبير. ويرون أن التعبير عن مشاعر مثل الغضب والفرح والخوف والحزن ليس سهلا على الأطفال، لأنهم لا يعرفون سببها أو كيفية التعامل معها. ومن خلال المسرحيات يكون الأطفال قادرين على التعبير عن أنفسهم وتوجيه مشاعرهم وفهمها.

ولا يعتبر خبراء التربية أنشطة المسرح المدرسي مجرد متعة لسد فراغ الطفل، بل هي وسيلة تربوية لنقل المعلومة العلمية الصحيحة وكل ما هو نافع وناجح لبناء شخصية الطفل وكيانه عبر فنون المسرح وعالمه الخاص. ويؤكد الخبراء أن للأنشطة المسرحية تأثيرا نفسيا وسلوكيا في حياة الطفل، ويعتبرونها متمماً للعملية التربوية برمتها خصوصا وأن الطفل يرتبط بشكل جوهري بالتمثيل منذ سنوات عمره الأولى عندما يتخيل ويتحدث مع لعبه عبر سيناريو يؤلفه ويخرجه ويمثله، لذلك تكون علاقته بالمسرح اندماجية منذ الصغر.

وقالت شيخة محمد درويش المعلمة والحاصلة على درجة الماجستير من جامعة الخليج العربي إن العمل المسرحي المدرسي يتطلب تفهماً واسعاً ودقيقاً لنفسية الطفل وظروفه وإمكاناته المختلفة باعتباره عملية أساسية في المنظومة التربوية، وعليه فإذا أردنا كمربّين ومختصين في مجال المسرح تفعيل دوره في التربية للعملية التربوية، وعلينا أن نكتب له ونترجم ما نكتبه إلى واقع حي ملموس ومحسوس للوصول إلى تلك الأهداف.

وأضافت أن مسرح الأطفال يعد واحدا من الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية الطفل تنمية عقلية وفكرية واجتماعية ونفسية وعلمية ولغوية وجسمية، مشيرة إلى أنه فن درامي موجه للأطفال يحمل منظومة من القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية والنفسية على نحو نابض بالحياة من خلال شخصيات متحركة على المسرح، مما يجعله وسيلة مهمة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته.

الأنشطة المسرحية تطور لغة الجسد التي تساعد الطفل على التعبير بجسمه عمّا لا يستطيع قوله بالكلمات

بدوره يشير بسام فضل مطاوع الباحث الفلسطيني إلى أن المسرح المدرسي امتداد لعنصر اللعب عند الطفل، ووسيلة تعمل على تكييف النشاط المدرسي بشكل يضمن استغلال الطاقة الكامنة عنده لتمكينه من المشاركة، وبالتالي اكتشاف ذاته وتنمية خياله ومواهبه وخاصة في العصر الحالي عصر الانفجار المعرفي.

وقال مطاوع إن المعرفة الإنسانية تزايدت بصورة مذهلة، كما حصل تقدم كبير في مفهوم عملية التعليم والتعلم وطرقها ووسائلها أدى إلى تغيير دور كل من المعلم والمتعلم وأصبح المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية.

وأضاف أن الدراما تعتبر من الوسائل الفاعلة التي تعتمد عليها التربية الحديثة في تنمية المتعلمين روحيا وجسديا ونفسيا وذهنيا كونها تعمل على ترفيه وتسلية المتعلمين وجعلهم يعبّرون عن مكنونات صدورهم، بالإضافة إلى مساعدتهم على اكتشاف قدراتهم الإبداعية والجسدية والعمل على تنميتها وتنمية الخيال ومهارات التفكير لديهم وتطوير قدراتهم على الارتجال، وكلها جوانب تنعكس إيجابا على المردود المتوقع على الصعيدين التربوي والتعليمي.

ويرى خبراء علم النفس ضرورة اعتماد المسرحيات القصيرة لتعليم الأطفال وتوظيف المدارس للأقصوصة والحكايات الرمزية ذات العبر حتى يتحوّل المسرح إلى مادة قائمة بذاتها يتعامل في حصصها الأطفال مع المشاكل اليومية التي قد تعترضهم بطريقة لا تجعلهم يشعرون أنهم لا يتعلمون فقط بل يستوعبون تلك المعرفة. ويُعدّ ذلك حسب الخبراء من أساليب التعليم النشط وغير المباشر الذي له تأثير إيجابي على الأطفال أكثر من التعليم العادي.

Thumbnail

ويشير الخبراء إلى غياب المسرح عن المدارس خلال السنوات الأخيرة وإلى غياب الأنشطة المسرحية عن معظم المدارس العربية، حيث لم تعد المسرحيات الخاصة بالطفولة تظهر إلا نادرا في المناسبات وهو ما ساهم في غياب حافز القراءة ومهارات التواصل الاجتماعي.

ويرى الخبراء أن استخدام المسرح في تعليم الأطفال سيساعدهم على نطق الكلمات بوضوح واستخدام لغة سليمة. وهو يطور أيضا لغة الجسد التي تساعد الطفل على التعبير بجسده عمّا لا يستطيع قوله بالكلمات. كما أن المشاركة في مسرحية سواء من خلال التمثيل فيها أو مشاهدتها يمكن أن تجعل الحكاية أقرب إلى المتلقي.

كما يمكن للمسرح تعزيز الذاكرة والتركيز والانتباه حيث أن للمسرحية سيناريو معيّنا ويجب على كل “الممثلين” حفظ الحوارات الخاصة بأدوارهم. ويساعد ذلك الأطفال على أن يكونوا قادرين على تذكر الجمل، والتركيز أثناء المسرحية لمعرفة متى يتعين عليهم التدخل.

كما لا يساهم المسرح في تعزيز التنشئة الاجتماعية والتعاطف فحسب، بل يجعل الشخص يتقمص دور شخص قد لا يشاركه التفكير نفسه، وهو ما يدعوه إلى التفكير في الأسباب التي تجعله يتصرف بطريقة معينة. كما أن ذلك سيساعده على تفهم مشاعر الآخرين في مواقف مختلفة.

ويسمح المسرح للأطفال بتقييم وجهات النظر المختلفة ومقارنتها بوجهات نظرهم الشخصية وفهم الآخرين. وتعتبر هذه المهارات مهمة في حياة الأطفال اليومية. فالجمع بين الخيال والواقع يمكّنهم من الاستعداد للتحديات التي قد يواجهونها كالذهاب إلى المدرسة أو التعرض للتنمر والتواصل مع أطفال “مختلفين”.

Thumbnail

ومن الأساليب التي ترد في فعاليات وأنشطة المسرح المدرسي استباق الدروس التي تلقى في فصول الدراسة بمشاهد تمثيلية، وتحقيق الأهداف السلوكية الرئيسة قبل الدخول إلى حصة الدرس الذي يزود التلميذ بالمعلومات اللازمة لصقل فكره بما ينسجم مع العلوم الحديثة.

ويجد الآباء صعوبة في العثور على مسرحيات مخصصة للأطفال، ولكن هناك بعض المواقع المتخصصة التي توفّر هذا المحتوى وتنشر نصوصًا أصلية وإبداعية. كما يمكن تحويل جميع قصص الأطفال إلى مسرحيات. ولا يقتصر تنفيذ المسرحيات على الأشخاص بل يمكن أيضا تمثيلها باستخدام الدمى المتحركة أو الدمى والظلال.

https://alarab.co.uk/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش