غروتوفسكي و إشكالية صهر المسرحي باللامسرحي الجزء الاول بقلم : عدنان المبارك

 

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

كان يجي غروتوفسكي ( 1939 – 1999 ) قد حلّ في نهاية آب من عام 19844 ( المسرح – المختبر ) كفرقة وبعد أن تشتت أعضاؤها وأصبحوا يقومون بنشاطات مستقلة ومتنوعة. وبذلك إنتهت أسطورة هذا المسرح بل المرحلة الباهرة من تجربة غروتوفسكي ،هذا ال( غورو ) البولندي.
كانت تجربة غروتوفسكي قد بدأت في أول أيلول عام 1959 حين أسس مسرحه الأول ( مسرح 13 صفا ) في مدينة أوبوله البولندية. وكان أول عرض قد إعتمد على مؤلف جان كوكتو ( اورفييه ) وبعدها ( قايين ) وفق مؤلف اللورد بايرون و( مستريوم بوفو) لماياكوفسكي وعرض ( الأسلاف) المعتمد على ديوان الشاعر البولندي الرومانسي الكبير من القرن التاسع عشر آدم متسكيفتش ثم ( الأبله ) لدوستويفسكي. وكان الصفة المميزة لجميع هذه العروض السعي الى كسر القانون الملزم ، قانون الجمال وذلك من خلال مزج عناصر الغروتسك بالدراما و غزالة الحاجز( أو بالأحرى الحاجزين المرئي و غير المرئي..) بين الخشبة والقاعة التي صارت ميدان الفعل المسرحي و بعبارة أخرى تصفية عنصر القاعة. وحينها لم يثر هذا المسرح إهتمام الجمهور في تلك المدينة الصغيرة. وفي آذار عام 1962 يتغير إسم المسرح الى ( المسرح – المختبر ). ويعدها ينتقل الى مدينة فروتسلاف. وفي المرحلة الثانية من نشاط مسرحه يقدّم غروتوفسكي عروضا من مؤلفات تعود الى حقبة الرومانسية البولندية كما وجدت بيها أعمال لمارلو ( التاريخ المفجع للدكتور فاوست ) و كالديرون ( الأمير الصلب ). وهنا بدأت فترة العمل المعمّق والمكرس للتقديم الذي كان يتغير و يتطور أيضا. لكن سرعان ما ترك غروتوفسكي التقديم وتفرغ للعمل مع الممثل. وفي عام 1965 تنشر مجلة ( أودرا) الثقافية البولندية الصادرة في فروتسلاف برنامجا لغروتوفسكي أسماه ( صوب المسرح الفقير ). وفي عام 1968 صدرت الطبعة الإنكليزية للبرنامج مع مقدمة لبيتير بروك. وكتب غروتوفسكي في البرنامج : ( لقد بدأ بحثي لإمكانيات الممثل كخالق). وفي كانون الثاني من عام 1970 بدأ عمله ( معهد الممثل ) في ( المسرح – المختبر ). و بعدها بشهر واحد يقول غروتوفسكي: ( نحن نعيش في عصر ما بعد المسرح )..
ومنذ ذلك العام كان غروتوفسكي يعلن في كل مناسبة عن تركه المسرح والتوجه الى ما يسمى ( ضد المسرح ). وفي عام 1975 تحوّل ( المسرح – المختبر ) الى ( معهد الأبحاث الثقافية ) لكن مع الإحتفاظ بالإسم الأصلي. وقدّمت آنذاك عروض أزيلت عنها معظم المقومات المسرحية. كذلك كانت تعمل مختبرات غروتوفسكي حول النظرية وبرنامج الابحاث على المدى البعيد. كما بدأت أبحاثه عن ( مسرح المنابع ) ، و إستمرت لسنوات عدة. وفي نهاية عام 1979 أي في العام الحادي والعشرين من نشاطه أعلن غروتوفسكي عن تنسيق تجاربه كلها و .. العودة الى المسرح.
وفي الواقع إعتبر غروتوفسكي، ومنذ البدء ، الهدف من عمله إعداد تقنية تمثيل جديدة وتهيئة أساليب لتدريب الممثلين و العثور على تعريف جديد الشكل للمسرح أيضا. وكان هذا الدافع الرئيسي لإهتمام غروتوفسكي بل تكرسه للبروفات والتدريبات والندوات و ليس العروض المسرحية. وكان تمويل الدولة للمسرح قد سمح لممثلي غروتوفسكي بالتفرغ التام للعمل. كذلك فعزلة هذا المسرح النسبية كانت تعني تركيز الجهود التي كانت غالبما تبعثرها المنافسة المسرحية. وفي الواقع كان هذا المسرح ذا شحنة فكرية تصاعدت بصورة مهووسة ، ومن هنا ، وكما قيل ، أصالته..
وجد غروتوفسكي الشكل الفيزيقي لمسرحه في نبذ الديكور التقليدي وإستبداله بنوع خاص من المعمار الذي يشمل خشبة الممثل وكرسي المتفرج. إلا أن ما أكد غروتوفسكي عليه هو الممثل والمتفرج. فلقد كان يؤمن بصحة التقارب الفيزيقي بينهما. أما أسلوب التقديم فلم يعتمد على الحوارات و ( النص ) بالدرجة الرئيسي. فالممثل يجد تعبيره الأساسي خارج اللغة ، في الصرخة و الأنين و الصفير وغيره من أنواع ( الموسيقى) غير المصاغة من خلال اللغة أو السلم الموسيقي المعهود.
و في حقيقة الأمر لم يكن هذا المسرح ( لامسرحيا ) أو ( ضد المسرح ) ، فتعامل غروتوفسكي مع النص كان تعاملا أدبيا وفكريا معمقا إلا أنه ناهض بقوة ، التقبّل الشائع والعقلاني للأدب الذي حين ينقل ، عامة ، الى المسرح يضعف ، وكما قال غروتوفسكي ( الإنفعال المسرحي ) الخالص. والكلمة صارت لدى هذا البولندي شكلا بائدا. لذلك خلق لغة جديدة للحركة والوضعة والصوت الذي أراده أن يعيد لنا الحساسية ، حساسية السمع ، مثلا تقديمه المعروف لمسرحية كالديرون ( الأمير الصلب ) حيث تحوّل الحوار بل النص الى بانتوميم وتحوير لطقوس كاثوليكية كما أن المشاهد لم تكن هنا ( طبيعية ) أبدا . فالحدث يعبَّر عنه في الوضعات التي لا تعيد خلقه بل تحوّله الى شكل مكثف وتعليق على جوهره حسب. و قد أظهر غروتوفسكي في هذا العرض إستخفافه المطلق بقواعد التلقي السايكولوجية حيث ينهي ، فجأة ، التقديم المسرحي وفي عنفوان زخمه. كذلك جاءت المسرحية ثمرة لنظام مطلق : الأداء يجري بوتيرة جنونية ، والممثل يحقق المستحيل بجهده البدني والصوتي ، فهو قد تدرب خلال ستة أيام بكاملها من الأسبوع..
وفي الحقيقة تحددت ( ثورة ) غروتوفسكي على المسرح الآخر في الأخذ بمباديء تهدف بالأساس ، الى خلق ما يمكن تسميته ب( المسرح النقي ) ، والمبدأ الأول لهذا المسرح هو ( الفقر ). وبالفعل حرق غروتوفسكي وراءه جميع الجسور حين رفض ( تقنية ) الممثل وسبلها وحيلها بل كل ما يدين به مسرح اليوم للفلم والتلفزيون والفنون التشكيلية. وكما كتبت مجلة ( رياليتيه ) الفرنسية في عام 1969 فغروتوفسكي طرد من المسرح الأخصائيين وكما طرد المسيح حينها التجار من المعبد.. و( كفى تسجيلا لصوت الممثل.. فعليه أن يخلق موسيقى طبيعية بمساعدة الوضعات والصوت.. كفى ماكياجا ، فالممثل لاينتقل من تقمص الى آخر إلا بفضل مهارته الجسدية ، وهو يصنع قناعه من النسيج الحيّ لجسده. أما الديكور فهو مختصر الى الحد الأدنى ولأن المسرح ليس فنا تشكيليا.. ولينه الممثل دوره كخادم للنص. فهذا المسرح ليس أدبا..).
برأي المجلة الفرنسية أن غروتوفسكي قام بثورة مزدوجة حين خلق مناخا وممثلا جديدين. كذلك فليس هناك خشبة وقاعة بل مكان قرابين مشتركة وإعتراف وطقوس. ونجد أن أسلوب غروتوفسكي يعتمد بكامله على طريقة إعداد ( الممثلين – القديسين ) والتي ترجع جذورها الى اليوغا وغيره من الأنظمة الشرقية إضافة الى عناصر البانتوميم و الألعاب السويدية و الغناء وكامل عالم الأصوات.
وكان خصوم غروتسوفسكي كثيرين. وفي مقدمتهم تلامذة بريخت وخالقو المسرح الشعبي الذي تساءلوا على الدوام عن سبب هذا الغوص في أجواء التصوف و الغموض ولماذا يقصر الفنان الطلائعي عمله على المؤلفات الكلاسية ، ولماذا لايهتم بالمجتمع ومستقبل الناس بل يتكرس للأساطير والقوى المدمرة لكيان الإنسان ؟..
والحق أن إهتمامات غروتوفسكي المضمونية لم تكن بالأمر الضروري هنا بل المهم هو التعامل مع المسرح الذي تعرض الى إنقلاب حقيقي في الطور الثالث من نشاط غروتوفسكي حين إعتبر أن الأمر الأهم ليس شكل التعبير بل الصدق الإنساني.. فالشكل أمر ثانوي وهو متنوع أيضا. والكلمة هي مجرد شكل من أشكال الإتصال بين الناس. ومن هنا كان تقهقر دور الكلمة في عروض غروتوفسكي. و مرة قال إنه يسعى الى التدليل بعروضه على أن الصدق التام بين الناس أمر ممكن وإن الإنسان غير مرغم على حمل القناع أمام الآخرين و إن إصلاح الحياة يبدأ من ترك الكذب.. وكما هو واضح فهذه تطلعات تتخطى الأطر المسرحية.
وكما قلنا فكامل ( ريبرتوار ) مسرح غروتوفسكي إبتعد بشكل مطلق عن ( تقديم ) الأثر الأدبي على المسرح بل عامل هو المسرح كمختبر تصهر في بوتقاته منجزات فروع من المعرفة كالسوسيولوجيا وفلسفة الثقافة والأنثروبولوجبا الفلسفية الطب الإجتماعي إلخ. وكان غروتوفسكي قد إهتم منذ البداية بالعودة الى ذلك الوضع في الفن حين لم تكن هناك حدود بين المسرح والفلسفة وإمتلك المسرح أبعادا لم تكن أستيتيكية فقط. وقد تحدد هذه المقولة طبيعة نشاطات المسرح – المختبر كلها. فوفق غروتوفسكي صارت للمسرح مهمة واحدة فقط وهي تعرّفية. وكان قد توصل الى ذلك من خلال مراحله المسرحية الثلاث. في البدء بحث عن ( المطلق ) المسرحي في إطار حددته منجزات كبار مصلحي المسرح أمثال كريغ وراينهاردت وميرهولد وتايروف. وكان الغرض هو البحث عن الخصائص اللصيقة بالمسرح حسب. بعدها إرتسمت مشكلة ( المسرح الفقير ) و البحوث حول فن التمثيل. وهنا إستفاد غروتوفسكي كثيرا من تجارب المسرح الستانسلافسكي.
إذا عدنا الى مفهوم ( المسرح الفقير ) نجد أن فكرة غروتوفسكي الأساسية كانت في نبذ مفهوم منافسة المسرح لوسائل التقديم الأخرى. فهو أراد أن يضع تعريفا للمسرح الخالي من هوس غنى الوسائل وبذخها ، ومن الفوضى النابعة من دمج أنظمة فنية متنوعة. وكان المسرح الفقير يتحدد فقره في كونه منزوعا عن الثياب المستعارة من ميادين أخرى. وإذا نشأ مسرح من هذا النوع فهو يكون مالكا لما لايمكن تعويضه بأشياء لامسرحية. وفي كتابه المذكور يقول غروتوفسكي : لايبقى لدينا حينها إلا الممثل والمتفرج. و يصبح المسرح ما يحصل بينهما. أما الباقي فهو مجرد إضافات. وليس بصدفة أن تحوّل المسرح – المختبر من مسرح فقير بوسائطه إستخدمت فيه على الدوام الفنون التشكيلية والضوء والموسيقى الى آخر زاهد يكون كلّا مكوّنا من الممثلين والجمهور وجميع العناصر البصرية والأخرى كالتشكيلية ، تكون مبنية من جسد الممثل والتأثيرات الصوتية والموسيقية التي يخلقها صوت الممثل ذاته.
و هكذا إكتشف غروتوفسكي الممثل ودوره الأساسي كخالق وليس دمية أو عنصرا خاضعا للنص والمخرج . ف(المسرح الفقير ) هو مملكة الجسد الذي من خلاله يتم الإتصال بين الإثنين : الممثل و المتفرج. و في الواقع ليس هذا بإكتشاف جديد. فقد سبق أن إعتمد مسرح ميرهولد وكوبو Copeau كثيرا على هذا المفهوم التي أخذ به فيما بعد المسرح الأمريكي المعروف ( المسرح الحيّ The Living Theatre ) .
ومن خلال فكرة جسد الممثل والذي هو الجسر الوحيد بينه و المتفرج طرح غروتوفسكي فكرة ( الممثل – القديس ) الذي يسعى الى تحقيق الذات بصور مطلقة عبر تطويع الجسد لشتى أنواع التعبير. وفي هذا الموقع بالذات أعلن غروتوفسكي عن طرائقيته بكاملها وتصوراته عن متفرج المسرح – المختبر الذي عليه ( أن لا يتوقف عند الدرجة الأساسية من التكامل السايكولوجي ) أو الذي لايريد البحث عن التسلية ولا الإنفعال المتأتي من تقديم مسرحي جيّد بل (المتفرج الآخر الذي يشعر بحاجات روحية حقيقية..) ، وهكذا فالأخلاقيات تجاور ، هنا ، الأستيتيكا .. وهذا الأمر قاد غروتوفسكي الى الوقوف ضد المسرح المعاصر ( مسرح بريخت و بيسكاتور السياسي التحريضي المعادي للنخبوية والترف والمؤكد على جذوره الشعبية أو الأليزابثية رغم تمرد الميكانيكيات الحيوية لميرهولد أو نزعة الديلا آرته لدى فاختانغوف ). وهناك من وجد أن رؤيا غروتوفسكي هي نهلستية في الجوهر. فمسرحه الفقير هو بالأساس برنامج مضغوط يدعو الى هدم كل الأنواع المعروفة و ليس في المسرح الغربي فقط. فغروتسكي أدان المسرح الضخم والفخم والآخر البريختي أو البيسكاتوري بنزعته التي تقف على الضد من المسرح ( البلاطي ) ، أو الاخر الطلائعي ، بل وجدناه يدعو الى الإنفصال التام و النهائي عن كامل منجزات المسرح الغربي وما جاءت به فترة الإصلاح المعاصرة بشكل خاص.
و في مقدمة كتابه ( صوب المسرح الفقير ) يكتب بيتير بروك: غروتوفسكي هو ظاهرة فريدة من نوعها إذ لا أحد في العالم ، قدر علمي ، ومنذ زمن ستانسلافسكي ، درس بمثل هذا العمق والشمولية ، جوهر فن التمثيل وظاهرته وأهميته وجوهره إضافة الى المعرفة عن عملياته النفسية والجسدية والإنفعالية.. فالتكثيف و الأمانة والدقة في عمله يمكن أن تؤدي الى نتيجة واحدة وهي التحدي لكن ليس لمرة واحدة ولعدد محدود من الأيام..
ولقد صحت نبوءة بروك. فغروتوفسكي طرح التحدي في تقديمه المعروف ( شجرة البشر) من السبعينات، وكان بشكل القضاء على كامل تقاليد المسرح الغربي وحين عامل التقديم كفعل أو حركة عفوية جماعية يمكن لكل فرد أن يكشف إحدى القابليات من خلال الإسهام فيها. ومثل هذا التقديم قد يستغرق ساعات أو أياما. و في ( شجرة البشر ) أزال غروتوفسكي بصورة تامة الحدود بين الخالق والمتلقي ، وكان هدفه تحقيق عملية خلق جماعية عبر إتصال البشر فيما بينهم. وفي الواقع ليس هذا العرض ( مشهدا ) أو تمرينات مسرحية بل هو بمثابة إنتقال المسرح – المختبر من مرحلة التجربة الداخلية التي يقوم بها أعضاؤه الى أخرى مختبرية خارجية يكون منطلقها النظري القيام بنشاط عفوي أدواته الجسد والصوت حسب.
وكانت لغروتوفسكي سمات أساسية جعلته ينتمي الى ما يسمى بالطليعة الكبرى. وللوهلة الأولى قد يبدو هذا الفنان البولندي ضد الجوهر الطلائعي حين بقي مخلصا للتعامل التقليدي مع الفن كأمر جليل ومكان تجري فيه طقوس مقدسة. إلا أنها مجرد مظاهر. فغروتوفسكي يمثل كخالق وبتنفيذاته الفنية ، مفهوم تزامن الفن مع التأمل الفكري والفلسفي والعقائدي ، وإذا سمحنا لأنفسنا بقدر أكبر من التعميم فغروتوفسكي مثّل ظاهرة البحث عن الحقيقة من خلال الفن.. كذلك البحث عن العالم والنفس والآخرين و الفن أيضا.. وكما تقول الباحثة الجمالية البولندية ماريا غولاشيفسكا فإن ما يفعله غروتوفسكي هو مظهر إنتقالة روحية للفن صوب المفهوم الشمولي للإنسان الطامح في الحفاظ على ذاته رغم الأخطار المعاصرة..
والسمة الأساسية الثانية لغروتوفسكي كخالق كانت السعي الى هدم قوانين الفن التقليدي والأعراف القائمة ، وفي الأخير ، نبذ الفن ومعاملته كوسيطة الحد الأدنى للتفاهم و الإعلام المختصر. وكما قيل فمسرح غروتوفسكي هو حرب ضروس على المسرح تحولت في النهاية الى نبذ الفن عامة.
كان غروتوفسكي قد أراد التفرغ ، ومنذ البدء ، لأربعة حقول : النص المسرحي ، الإخراج ، المكان المسرحي ، دور المشاهدين. ولديه كان الممثل قد لقي المعاملة الأكثر قسوة. فقد طلب منه ان يكون ماهرا جسديا وصوتيا ثم السيطرة النموذجية على الدور كذلك الإلتزام الكامل بما يعمله. وهكذا نبذ اللباس والماكياج. وكان السعي الى تحقيق الكمال المشغلي لدى الممثل قد جعل البروفات تجري ، كما قلنا ، كل يوم ولساعات طويلة . ومع مرور الوقت كفت عن أن تكون تمرينات مسرحية بل أخرى بدنية تجري في نوع من الكومونة الباحثة عن الحقيقة ، حقيقة الذات والعالم.
لم يرد غروتوفسكي لمسرحه أن يكون مكانا لتجسيد أفكار مبتكرة أو تجريبيات تسحر المشاهد. فالقاعدة الرئيسية للمسرح – المختبر كانت العمل والتركيز والإلتزام الشخصي بأكبر قدر. ومعلوم أن لغة هذا الفن كانت التحوير الأسلوبي لفن الإيماء بينما إختصرالنص إ الى حوارات قليلة تلقى بأقصى سرعة ورتابة. وكان أسلوب غروتوفسكي في معاملة الممثلين يتحدد في دفعهم الى أن يكونوا مأخوذين يكشفون المناطق السرية للذات.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *