عين على المسرح-مهرجان فرحات يامون للمسرح في دورتهمهرجان فرحات يامون للمسرح في دورته 26 بجزيرة جربة انطلاق عروض الحكواتي وأولى التربصات نــهــيـّـر خــريـف إسـقاط درامي اجتماعـي – بـقـلـم : عـبـاسـيـة مــدونــي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الــجــزائــر

مهرجان فرحات يامون للمسرح في دورته 26 بجزيرة جربة

انطلاق عروض الحكواتي وأولى التربصات

نــهــيـّـر خــريـف إسـقاط درامي اجتماعـي

 

    جربة الساحرة ، جربة المسرح ، جربة تلاقي الفنون وجربة تلاقح الأفكار وانصهار التجارب تواصل فعاليات عرسها المسرحيّ في طابعه المغاربي ، العربي  تحت مسمى ” المسرح

والتراث” ، المهرجان في دورته السادسة والعشرون ، يعرف برنامجا مكثفا وثريا لمجموعة من الأنشطة والعروض التي تجمع بين مسرح الطفل ، مسرح الكبار وعروض الحكواتي التي أرادتها إدارة المهرجان خطوة فاعلة نحو تحقيق أكبر قدر ممكن  التواصل والتلاقي ، لاسيّما على مستوى المدارس الابتدائية ، وأخرى بفضاء برج الغازي مصطفى تنشيط الأستاذ يوسف البقلوطي .

 

عروض الحكواتي الموزعة بالمدارس الابتدائية مبادرة حميدة تحسب لصالح المهرجان ، كما أنها لمسة طيبة لصالح الأطفال المتمدرسين ، في محاولة احياء التراث عن طريق الحكواتي والعمل على ترسيخ أصوله لدى الناشئة ، لما لعروض الحكواتي من فوائد ومعطيات ايجابية تؤثر في الفرد بشكل مثمر لا سيّما الطفل المتلقي الأساس في العملية الابداعية والذي يعدّ جمهور الغد وناقد المستقبل ، وما ادراج فقراته ضمن برنامج التظاهرة إلا تأكيد على قيمة التراث والأهداف الواعدة في ظل ممارسة مسرحية تعد بالكثير .

 

هذا وفي باب التربصات ، قد أشرف في ثاني يوم من فعاليات العرس المسرحي العربي ، الفنان الايطالي ذا الأصول الأردنية ” عاهد العبابنة” على تربّص البسيكو دراما على مستوى دار الشباب بحومة السوق الذي ضمّ عددا كبيرا من الشباب المهتم ، البسيكودراما أو السايكودراما أو ما يعرف بالعلاج النفسي الذي يعدّ طريقة مبتكرة في التفريغ واستحضار المكبوتات بطريقة مبتكرة تحمل على الابداع ، بخاصة في مجال الفن الرابع الذي يعدّ أخصب حقل للتفريغ وطرح المكبوتات ، كما أن الدراما النفسية علاج في ضوء تقبّل الواقع والتحرر من قيود الماضي والعمل على ربط علاقات بشرية ذات أبعاد إنسانية في معناها الشامل تحت راية تقبّل الآخر تحقيقا للاتزان النفسي ، وهذا أهمّ رافد ترتكز عليه العملية الإبداعية والمسرحية على وجه الخصوص .

 

وضمن محطات المهرجان ، كان الموعد مساء مع عرض ” نــهــيــّر خــريـف” للكاتب الانجليزي” هارولد بنتر” ، ترجمة ” رضا بوقديدة ” و لمسة اخراجية  لـ” علي سعيد ” من توقيع فرقة خديجة للانتاج ، مع تشخيص للثنائي ” توفيق البحري” و” نورهان بوزيان “.

 

العرض المسرحي يندرج ضمن إطار الدراما الاجتماعية ومسرح الغرفة الذي اشتغل عليه

بنتر” في أغلب نصوصه المسرحية ، والمسرحية تصوّر علاقة زوجين يعيشان في عالمين منفصلين رغم تواجدها ضمن حيّز وغرفة واحدة ضيقة ، الغرفة المتّسمة بضيق المكان والتي تعكس ضيق الأفق بين طرفين متناحرين وان كانت علاقتهما شرعية كزوج وزوجة ، لكنها موبوءة بانعدام الحوار ، بالكبت ، وبالحرية المكمّمة بخاصة لدى الأنثى التي تقمع رغباتها واحتياجاتها ، وكأن العرض في تصوره الاخراجي ترجمة لقطيعة ابستمولوجية ، اجتماعية ونفسية مع العالم الخارجي المثخن بالوقائع ، بالآفاق وبالحريات التي تعدّ الحلم المستحيل في زمن القمع .

 

 

وتبحث الأنثى عن نفسها في ظل كل ذلكم الصراع المتزمّت ، محاولة استحضار أحلامها ، آفاقها وطموحاتها التي كبتتها ردحا من الزمن ، لترسم على لوحة ما خربشاتها الفنية في سبيل العثور على ملاذها ، ملجئها أو خلاصها  فتجد الملاذ البحر ، وفي جانب آخر يهذي الزوج ويسرد حكاياه مع كلب في ظل انعدام الحوار مع زوجته .

 

كما اتّسم العرض بإيقاع متباطئ ، وسرد مبطّن ، تخلله حوار الجسد غالبا ، والصمت المخيّم دوما على علاقة مضطربة كان من المفترض أن تكون ناجحة ان تمّ التواصل الجادّ دونما حواجز أو معوّقات ، مع نبش الذاكرة  الخفية طمعا في نقطة ضوء تتلاشى بفضلها باقي المعوّقات فتكون ذكراهما مجرد لوحة فنية لم تكتمل بعد أو لم تجد بعد لمستها المنيرة في ظل العتمة ، عتمة الحوار ، عتمة القمع وعتمة الكبت ، فتغيب الروح ويغدو الضياع سيّد الموقف .

 

ليكون عرض ” نهيّر خريف” بإسقاطه الاجتماعي ، الواقعي نقطة مضيئة في قضايا العلاقات البشرية ، لا سيما بين المرأة والرجل ، مع البحث المجهد عن أنجع السبل للتواصل وتحقيق الحوار والتلاقي بمنأى عن التعصّب والتزمّت .

 

بـقـلـم : عـبـاسـيـة مــدونــي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الــجــزائــر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *