في باب فعاليات العرس المسرحي العربي الاحترافي لجمعية البساط الممتدة إلى غاية 14 من الشهر الجاري ، عرف المهرجان ضمن محطاته ووفق البرنامج المسطر عروضا مسرحية منها ما ينتمي إلى مسرح الشارع وأخرى دخلت حيّز المنافسة الرسمية .
حيث شهد اليوم الثاني من مهرجان البساط العربي تحت شعار ” المسرح العربي بين الصمود والانهيار” برمجة عرض مسرح الشارع تحت مسمى ” الحبل والسطل” لفرقة نادي خشبة الحي مراكش وهو عرض خارج المنافسة ، أقيم أمام ثانوية الحسن الثاني بـ” بن سليمان ” .
العرض المسرحي الذي انفتح على جمهور عريض بأحد ساحات بن سليمان ، انتقل الى هذا الجمهور ونقل له تجربته المسرحية ، ليحاكي الحبل والسطل الواقع المرير والمعيش بأسلوب تهكمي هادف ، ربط أواصر الصلة المباشرة مع الجمهور الذي تفاعل تفاعلا إيجابيا واندمج مع القضايا التي طرحها شباب العرض ، كاشفين عن قدرات واعدة وأداء تمثيلي إحترافي ، وهذا بتقمصهم عديد الشخصيات التي لم تنسلخ من الواقع المعيش ، بل جميعها لامسته وعرّت في ضوئه عديد التفاصيل المغيّبة ، منتقدين سلسلة من المواضيع التي يتخبط فيها المجتمع أفرادا وجماعات.
المواضيع التي تناولها الممثلون بمسرح الشارع انطلقت من رحم المعاناة والقهر واللاحرية ، فالشارع كان ركحا لهم وفضاء خصبا لطرح هواجسهم وتعرية قضاياهم التي هي ذات صلة وطيدة بالحياة العامة للإنسان والإنسان المغربي على وجه الخصوص ، فالمغيب سياسيا كان حاضرا على ركح الشارع ، والمنسيّ المضطهد بات شاخصا للعيان .
فعروض مسرح الشارع حراك فني من لون آخر ، يناقش القضايا السياسية والإيديلوجية والاجتماعية والعديد من القضايا التي تحول دونما تحقيق حرية الفرد وحفظ كرامته ، فكان الانفعال اللحظي حاضرا والتواصل المباشر مع الجمهور واقعا إلزاميا ، ليحولهم إلى ارتجال مدروس الأسس والقواعد ، حيث ثمة تفاعل من نوع خاص مع الجمهور الذي غصّت به الساحة ، فالممثلون على ركح الشارع تمردوا وكان صوتهم نضاليا يتّسم بالوعي والنضج ، فمسرح الشارع قوة نحو التغيير والتجديد .
بينما تمّ استهلال أجواء المنافسة الرسمية من المهرجان بعرض ” مقهى الشعب ” لفرقة المركب الفلسطيني من فلسطين ، تحت أعين ومتابعة لجنة التحكيم المكونة من الدكتور “عبد الفتاح ابطاني” ، الفنانة ” سهام ازطوطي” والفنان ” أحمد كارس ” من المغرب ، والفنان ” سالم المنصوري ” من قطر ، في حين نجد من الإمارات العربية المتحدة الدكتور “عبد الله الجابري” ومن اليمن الدكتور” علي جفندي” .
عرض ” مقهى الشعب” غلب عليه الطابع الاستعراض وجوّ الغناء ، مع تغييب الحبكة والفعل الدرامي ، فكان ” مقهى الشعب” المنطلق نحو استحضار القضية الفلسطينية وبعض الذكريات التي ظلت عالقة بالأذهان ، عرض حاكى الفلكلور الفلسطيني ولم يقدّم مسرحا بأصوله وقواعده ، عرض غلب عليه طابع الاستعراض المحض مع ملامسة تفاعل المتلقي الذي أعجب بالدبكة الفلسطينية ولوحات العرض من طرف الممثلين ، والغناء مع تكسير الجدار الرابع للجمهور وإشراكه في عمله من خلال اعتلاء الخشبة من طرف أحد المتفرجين الذي اندمج وتواصل وتفاعل مع الممثلين في طرحهم للقضية الفلسطينية ونضالها .
” مقهى الشعب” أوبيرات شعبية أو ملحمة شعبية حاكت الراهن للشعب الفلسطيني ، وسعت ان تكشف عن الأجواء الأخرى من الفرح التي يعايشها المجتمع الفلسطيني ولو كان تحت وطأة المستبد ، فمن حقه الفرح كما من حقه العيش الكريم ، والحب والتعايش ضمن حيز من الأمان والسلم .
وعليه ، فإن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان البساط العربي للمسرح الاحترافي ستشهد عروضا تنافسية أخرى على غرار عرض ” بانتورا special ” للتعاونية الثقافية تافتيكا من الجزائر ، وعروض من تونس والمغرب ، مع مواصلة تفاصيل الورشات التكوينية والمحاضرات وتوقيعات الكتب.