عين على المسرح العربي:فرع نقابة المسرحيين المغاربة بمراكش يحتفي بتجربة المسرح الاحتفالي ـ المغرب

بمناسبة الدخول الثقافي لفرع نقابة المسرحيين المغاربة بمراكش لموسم 2016 ، نظم أياما مسرحية احتفاء بمرور 40 سنة على تجربة المسرح الاحتفالي، تحت شعار : “الاحتفالية قضايا وتجارب مسرحية متجددة” .

حيث عرف يوم الخميس 18 فبراير الجاري افتتاح هذه الأيام بلقاء الدكتور عبد الكريم برشيد مؤسس الاحتفالية، حيث تحدث عن تجربته، التي امتدت على مدى أكثر من أربعين سنة، بمشاركة الدكتورة أمال العباسي والأستاذ محمد بوعابد، ونخبة من الممثلين الذين رافقوا مؤسس الاحتفالية في مساره الفني والإبداعي يتقدمهم الفنان مولاي عبد الله العمراني، والمختار الملالي، محمد الشحيمة، عبد الرحيم الخردالي، محمد زروال وآخرون بدار الثقافة الداوديات بمراكش.

أما يوم الجمعة 19 فبراير صباحا ، فقد كان موعد الدكتور عبد الكريم برشيد مع تلاميذ الثانوية التاهيلية محاميد 7 ، حيث حضر للمؤسسة واستقبل استقبالا حماسيا وعقد لقاءا مباشرا مع تلاميذ المؤسسة ، حيث قدموا لوحات فنية من بينها تركيب مسرحي وهو عبارة عن توليفة من أربع مسرحيات للدكتور عبد الكريم برشيد نالت اعجابه وإعجاب الحاضرين .

أما بعد زوال الجمعة ، فكان لقاء آخر مع تلاميذ الثانوية الاعدادية طارق بن زياد التي استقبل فيها بنفس الحماس، وقدم تلاميذ هذه المؤسسة مسرحيات نالت إعجابه ويذكر أن موظفين عن نيابة وزارة التربية الوطنية واكبوا الزيارة، وأشادوا بالمبادرة التي أقدمت عليها نقابة المسرحيين المغاربة ، المتمثلة في زيارة أحد رموز المسرح المغربي للمدرسة المغربية، والتواصل مع التلاميذ.

يوم السبت 20 فبراير، قدمت فرقة فضاءات مسرحية من البيضاء مسرحية لعبة الازياء ( مسرحية مشاهدات صعلوك) تأليف الدكتور عبد الكريم برشيد وإخراج رشيد بوفارسي بدار الثقافة الداوديات. وكانت بحق خاتمة الاحتفال بالذكرى الأربعين على تأسيس الاحتفالية.

وتم اختتام الأيام بتقديم شواهد الاعتراف على المشاركين والمدعمين والمتعاونين اعترافا من فرع النقابة بدعمهم لهذه التظاهرة التي تأتي في ظل برود ثقافي تشهده المدينة .

 

 ******* كلمة المكتب الإقليمي لنقابة المسرحيين المغاربة بمراكش ********

 

يحتفل الفرع الإقليمي لنقابة المسرحيين المغاربة بمراكش، بمناسبة الدخول الثقافي لسنة 2016 بالذكرى 40 لانطلاق المسرح الاحتفالي، التي رسخ وجوده وتواجده في المشهد المسرحي المغربي والعربي على مر السنين، فشكل بذلك ظاهرة إبداعية قائمة بذاتها، ومشروعا متجددا في شعاب الإبداع والتاريخ والمجتمع.  هذا المشروع الذي طوى أربعة عقود من الزمن، مر من مراحل أثار خلالها أسئلة عميقة ترتبط بالإبداع المسرحي، على أن الأهم في ذلك كله، هو أن هذا المسار صاحبته نقاشات على المستوى الوطني والعربي، توج بإنجاز مؤلفات وبحوث جامعية حول الاحتفالية.

وهكذا ومنذ ردح طويل من الزمن، وكتابات الدكتور عبد الكريم برشيد رائد الاحتفالية، هذا الرجل – المفرد المتعدد- المبدع الشامخ الذي سخر حياته لخدمة المسرح، يحتل مكانة خاصة في خريطة المسرح العربي، نظرا لاهتماماته المتنوعة وعطاءاته المتميزة. التي توزعت بين الإبداع والنقد والتنظير.

وبالرغم من أن هذا الاحتفاء لن يرقى إلى إسهاماته، الوازنة والمتوهجة على امتداد أكثر من أربعين سنة، في تنوير أهل المسرح نحو تأسيس وتأصيل دراما عربية لها هويتها ومفرداتها وأدواتها ومرجعياتها وعوالمها الذاتية الحقيقية، بعيدا عن التقليد والإتباع كما عن الاغتراب والاصطناع. ولكنه اعتراف لعبقري رافقه هم التأسيس وإعادة التأسيس ـ عبر كل مسيرته الفكرية والإبداعية .

كما يأتي هذا الاحتفاء لاعتبارات متعددة ـ ولعل أهمها ان المسرح الاحتفالي استطاع أن يركز على جوهر الإنسان من خلال فضح لعبة الأقنعة، لأن المسرح الذي كان احتفالا يقيمه الإنسان للإنسان ، فإنه قد أصبح بحثا عن هذا الإنسان الذي أذابته المدينة بأسلاكها وقوانينها وحواجزها المختلفة، فالأصل في الاحتفالية هو الاحتفال، والأصل في هذا الاحتفال هو الإنسان، والأصل في الإنسان أنه كائن اجتماعي وتاريخي وجغرافي، فهو موجود في نسيج الزمن، وفي لحظاته الحية، وفي نسيج العلاقات الاجتماعية، وفي نسيج الأمكنة، وفي نسيج الأفكار والمفاهيم، وفي نسيج البنيات والمؤسسات، وبهذا كان كائنا احتفاليا بامتياز.

فالاحتفالية منذ نشأتها أوجدت أرضية للتفكير والتفكير المضاد  ، كما أنها أوجدت مناخا للرأي والرأي الآخر ، وفتحت باب الاجتهاد على مصراعيه ، وانتقلت بالفعل المسرحي من المهنية والحرفية إلى الفكر والعلم ، فإن من مميزات الاحتفالية هو أنها كانت دائما قريبة “من نبض الناس ، ومن روح الفن المسرحي بشكل خاص ، وكل الفنون المشهدية بشكل عام ، أنها تشكل في الوقت الراهن علامة بارزة وفارقة في الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة ، فهي أساسا حركة في التاريخ الفكري والجمالي ، وهي بذلك ثورة على الكائن الآني ، ودعوة للممكن الآتي

وقد استطاعت ان تملأ الدنيا وتشغل الناس ، وذلك على امتداد أربعة عقود كاملة ، وهذا ما لم يتحقق لأي تيار أو نظرية مسرحية سواها .

ولا غرو ان يرتبط هذا الاحتفال بمراكش المدينة الرمز التي عرفت إعلان أحد أهم بياناتها ، خلال المهرجان الوطني 19 لمسرح الهواة بمراكش في مارس 1979 ، لما تمثله هذه المدينة من رمزية على مستوى الاحتفال الشعبي .

وقد عبرت بعد ذلك الحدود واخترقت الآفاق ، ويتم الاشتغال عليها في كل البلاد العربية بدون استثناء ، فربما مطرب الحي لا يطرب دوما ، فأقيمت لها الاحتفالات والندوات في المغرب وبلاد الله الواسعة للاستفادة من تجاربها وإمكانياتها ، فجاء بيان عمان للاحتفالية المتجددة ، لتؤكد انتماءها العربي ، وتغرس جذورها بإفريقيا العميقة ، عبر شيخ الاحتفاليين الفنان السوداني الشامل علي مهدي ، إن الأساس إذن ، هو تأسيس الصناعة المسرحية أولا ، أي تأسيس هذا المسرح المختلف والمخالف ، وذلك انطلاقا من شروطه الذاتية والموضوعية معا ، وانطلاقا من سياقاته التاريخية ، وانطلاقا من خليته التي يحملها داخله ، والتي هي أساس مولد كل مسارح العالم ، وهذه الخلية المؤسسة لحياة المسرح هي : الاحتفال

كما أن الخوف منها مسرحيا ، لا يمكن أن تكون له بأية حال من الأحوال أية علاقة بالمسرح ، وذلك أن المسرح ـ في حقيقته ـ هو حوار تتعدد فيه الأصوات ، وتتقابل فيه الاختيارات ، وتتنوع فيه المواقف ، وأن الاحتفالية ـ في شقها المسرحي هذا ـ هي مجرد صوت من أصوات المسرح المغربي والعربي والعالمي المتعددة والمتنوعة والمتجددة ، وعليه ، فإنها استطاعت ان تتجاوز التشويش على مشروعها عبر وجودها بفعلها الإبداعي المستمر حتى أضحت رقما صعبا في الممارسة المسرحية العربية ، وأضحت مؤلفاتها تدرس بثانوياتنا ، وترجمت مؤلفاتها الى عدد من اللغات الحية .

فتحية للاحتفالية والاحتفاليين بذكرى مرور أربعين سنة على انطلاقها ، وتحية لكل من وثق في مشروعها ، وتحية لكل من انتقدها بصدق ، وتحية لكل من احتفل في احتفال من احتفالاتها ، وتحية لكل المسرحيين المغاربة والعرب عموما ، وتحية لرائدها الذي سلخ عمرا من حياته من اجل مسرح يشبه هويتنا ، وكل سنة والاحتفالية بألف خير .

عن/ موقع مجلة الفرجة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *