(عين) -ســياســة التــقشــف المزعــومة تقصف بقطاع الثقافة …المسرح تحديدا وتفتح جبهة للإرهاب الثقافي مهرجاني سيدي بلعباس وقالمة أول الضحايا ….-الجزائر

في ظل اهتزازات وتصدّعات متباينة على المستوى الثقافي والفني بالجزائر ، وفي الوقت التي يبعثون فيه تظاهرات سنوية بحجم قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ، وسابقاتها من عاصمة الثقافة الإسلامية بتلمسان ، والجزائر عاصمة للثقافة العربية ، وفي زمن البحبوحة على مستوى كل الأصعدة وبشكل خاص بالحقل الثقافي والفني الذي يعتبر سلاحا ذو حدّين في زمن المتغيرات والمتحوّلات الجذرية التي يشهدها العالم ، بخاصة وأن العالم على أكثر من جبهة يواجه إرهابا بشتى أشكاله وأنواعه ، تأتي جزائر العزّة والكرامة ، جزائر الفن والإبداع إثر نكسة اقتصادية على مستوى إنتاج البترول وكذا مجال ، لتعلن سياسة التقشف ضمن مخطّط مجهول الأسس والمعايير استقبلنا به سنة 2016 المجهولة العواقب .

على صعيد الفن الرابع ، الغليان في أوجّه نتيجة التعتيم الحاصل بشأن مهرجان سيدي بلعباس للمسرح المحترف المزمع بعث فعالياته شهر أبريل من السنة الجارية ، ومهرجان قالمة ، اللذان يعدّان مشهدا مسرحيا وفنيّا ثريّا وفضاء خصبا للإبداع ، للتبادل الفني وإثراء التجارب والخبرات بين أبناء الوطن من تعاونيات وجمعيات وفرق حرّة جميعها تتهافت للمشاركة ضمن فعاليات الانتقاء والمنافسة التي تؤهلهم لافتكاك تذكرة المرور الى ركح المسرح الوطني ” محيي الدين بشطارزي” بالجزائر العاصمة .

الفوضى الحاصلة التي يديرها كدمية ماريونيت وزير الثقافة الحالي ” عز الدين ميهوبي” من المنتظر أن تكون ذات نتائج لا يُحمد عقباها على المستوى الثقافي والفني الأمر الذي من شأنه بل حتما سيزعزع أساس وقاعدة الثقافة بالجزائر ، التي في أوج عطاءات وتضحيات جسام لأبنائها نساء ورجالا مسرحيا قد تقمع حريّاتهم ، وقد تجرّهم الى العنف والتمرّد بشكل مغاير .

مهرجاني سيدي بلعباس وقالمة أهمّ حقلين جمعا كل التعاونيات والجمعيات المسرحية لتمارس فنّها بحرية تامّة وبنزاهة ، وأهمّ فضاءين للتعبير الفني المسرحي لغة ، جسدا وحوارا من خلال مجموع التجارب والعروض التي نشاهدها على مدار فعاليات كلا المهرجانين ، واللذين يٌحدثان تناغما فنيا ومسرحيا يكتمل لحنه بركح المسرح الوطني ، وجلّ تلكم التعاونيات والفرق والجمعيات قد مثّلت الجزائر أحسن تمثيل في المحافل الدولية ، ورفعت راية الوطن في أكثر من مناسبة ، فأية سياسة تقشف هته يزعمون ؟

ولابدّ أن نفتح كذا قوس لنعود بالذاكرة الفنية وكيف تركت الفرق الحرّة بصمتها على كل ركح ، وكيف ثمّنت وأغنت الريبرتوار المسرحي الجزائري داخل الوطن وخارجه ، ولابدّ أن يستحضر هذا الوزير قبيل تنصيبه بعرش وزارة الثقافة كيف كان طموحا وينادي بأهمية الجمعيات والتعاونيات والفرق المسرحية، وكيف رأت أحد نصوصه النور ركحيّا ، والمهرجانيين أهمّ قطبين لتلقيح الأفكار وتبادل الخبرات ، ولمّ شمل المبدعين الجزائريين ، وكيف أغنت تلكم المهرجانات ساحة النقاش والنقد بتسليط الأضواء على أكثر من إشكالية تعنى بالمسرح والإبداع ، وكم كانت تلكم المهرجانات سببا في تنشيط المحيط خارج المنافسة على مستوى دور الشباب النائية ودور العجزة وحتى على مستوى المؤسسات العسكرية ، فمهرجان سيدي بلعباس وعلى مدار تسعة دورات متتالية نشّط المحيط بشكل فاعل في ضوء كلّ دورة ، وهو السباق في ربط أبو الفنون بالمؤسسات العسكرية لتفعيل الحوار الفني ، ولابدّ ألا ننكر نجاعة كل من مهرجان قالمة وسيدي بلعباس في اكتشاف الطاقات الشبابية الإبداعية ، وكيف ربط ووطد العلاقة بين الأقطاب الجامعية والطلبة وفتح مجال للورشات والنقاش والأخذ والعطاء .

ليتساءل الآن كلّ مسؤول على مستوى وزارة الثقافة وفي مقدّمتهم رأس الحربة السيد الوزير :
أيّ حقّ تمتلك في ردم كل هته الآفاق وقتل آمال وأحلام كل المبدعين وعشاق الفن الرابع ؟
بات لزاما عليك سيدي الوزير ، وعلى كل من يدفعك لاتّخاذ كذا قرارات قمعية أن تفكروا بدل المرة عشرا بل ألفا في عواقب ما تعتزمون
اقترافه ، وأن تلتفتوا لسنوات مضت من الإشعاع الثقافي الجزائري وكيف ستخدمون تلكم الشعلة المتّقدة من حماس وحبّ وعشق لأبو الفنون ، ولتعيدوا ترتيب فوضاكم ضمن حيّز من الحوار الفاعل والفعّال بشكل ديمقراطي بمنأى عن الحسابات المغلوطة والخاسرة مسبقا ، ولتثقوا أن العواقب ستأتي وخيمة إن مسستم بآمال كل فنان جزائري ما يزال يرى في المسرح خلاصه وعالمه الساحر.

وقد توصلنا ببيان احتجاجي ردّا على قرارات وزير الثقافة والمزمع أن يوقّع من طرف كل الجمعيات ، التعاونيات والفرق وستكون الوقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة الثقافة يوم 27 مارس ، ففي اليوم الذي يحتفي فيه العالم بأسره باليوم العالمي للمسرح رافعين رسائله السلمية ، والفنية والإنسانية ستكون الجزائر أمام قرار حاسم ووضع لا تحسد عليه إن جمّدت مهرجاني سيدي بلعباس وقالمة ، وهنا المفارقة.
وهنا نسخة من البيان :
نحن أعضاء التعاونيات والجمعيات الحرة و محبو المسرح عموما تفاجأنا اثر القرار الصادر عن السيد وزير الثقافة من طرف الدولة والمتضمن إلغاء المهرجانين المحليين للمسرح بسيدي بلعباس و قالمة .
واللذان كانا فضاءين حيويين تلتقي فيهما مختلف التجارب للتعاونيات الحرة . تعاونيات تضم في غالبها شباباً اختار المسرح للتعبير عن هواجسه والمساهمة في تنشيط الحياة الثقافية والفنية لبلده من خلال هذين الفضاء ين المعتمدين و المرسمين من طرف الدولة الجزائرية اعترافا منها بمجهودات هذه الفرق التي تساهم عبر إبداعاتها في ترفيه و تثقيف المجتمع الذي هو حق مكفول دستوريا…

ويجدر التذكير أن هذه الفرق هي التي قاسمت جمهورها رفاهية الفن والجزائر تعيش ساعات عصيبة و حصدت اغلب الجوائز خلال مختلف نسخ المهرجان الوطني للمسرح المحترف. هذه الفرق هي من تمثل الجزائر في مختلف المحافل المسرحية في الخارج. فلماذا هذا القرار الآن؟ أهو بسبب التقشف وميزانية المهرجانين لا تتعدى تكاليف “جولة” من خمسة عروض فقط لفنان مسرحي عربي التي تكفلت بها الوزارة في عز خطاب التقشف؟

أم أنها مناورة سياسية للحد من الحريات؟ لما هذا الإقصاء ؟ ماذا سيكون من تداعيات هذا القرار التي نراها خطيرة ؟ كيف لا وقد جربنا قبلها بلدا توأد فيه الثقافة .
هناك شيء قذر يحاك في بلد الدانمارك (شكسبير) إعلان عن وقفة اعتراض على هذه الإجراءات يوم الأحد 27 مارس 2016 اليوم العالمي للمسرح على الساعة الثانية بعد الزوال أمام مبنى وزارة الثقافة.

وعليه ، يبقى المسرح بالجزائر بقرار جائر كهذا يعيش في غيبوبة ، لن يستفيق منها إلا إذا تمّ تسليم الأمر لأصحابه ، حيث لابدّ من تظافر جهود كل المهتمين من جمعيات وفرق حرّة لتقول كلمتها ، ولا لسياسة القمع وطمس حرية الإبداع والفن ولا للإرهاب الثقافي ، فكذا دولة تناضل بتنظيم مهرجانات مسرحية ترويجا لسياسة الأمن والسلام ، وها نحن ضمن غليان سياسي بحجّة التقشف نغذّي إرهاب الفن ونفتح المجال للمرتزقة .

بــقــلــم : عــبــاسيــة مــدونــي – ســيــدي بــلــعــبــاس – الــــجزائـــر

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *