عصام السيد:لا مسرح من دون جمهور

 

الشارقة: عثمان حسن

عصام السيد هو مخرج وناقد مسرحي مصري، حائز على جائزة الدولة للتفوق في الفنون، أخرج ما يزيد على 60 عملاً مسرحياً منذ عام 1981، ولا يزال نشطاً في مسرح الدولة والقطاع الخاص والثقافة الجماهيرية، يعنى باتباع منهج إخراجي يدمج ما بين الظواهر المسرحية الشعبية المصرية، والمناهج الإخراجية العالمية. من أعماله: «أهلاً يا بكوات» التي قدمت ثلاث سنوات متواصلة بين 1989 و 1991 في أول سابقة من نوعها في مسرح الدولة، وله أيضاً «وداعاً يا بكوات»، و«ذكي في الوزارة»، و«في بيتنا شبح» التي حققت أعلى الإيرادات في تاريخ المسرح المصري حتى الآن.

حل السيد ضيفاً على الدورة الثالثة لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، حيث ترأس لجنة تحكيم المهرجان، وفي هذا الحوار تحدث عن قضايا تفصيلية في المسرح العربي، ومنه الخليجي، كما أشاد بالدور الذي تلعبه الشارقة في الحراك المسرحي العربي.

 المسرح الخليجي

من واقع اطلاعه على المسرح الخليجي، يؤكد السيد أن هناك سمات خاصة بدأت تطبع مسيرة هذا المسرح، لا سيما في السنوات القليلة الماضية، كما يتوقف عند مفردة التراث التي أحسن الكثير من المشتغلين في الحقل المسرحي توظيفها في عروضهم، سواء في الإمارات أو الكويت أو البحرين وسلطنة عمان وغيرها، غير أنه يشير إلى بعض العروض التي تستخدم التراث كحلية أو زينة، وهو ما يرفضه في إطار تكوين فهم واع يعزز مسيرة المسرح وينميها، وفي الإطار نفسه يعلق على موضوع لغة الخطاب في المسرح الخليجي، الذي يتميز بخصيصة حفاظه على لهجة محلية مفهومة في كل مناطق الخليج العربي، وهو الذي بدأ يكرس لحالة جماهيرية، يراهن على دورها في ازدهار أبي الفنون.

ويعلق السيد على تظاهرة الشارقة للمسرح الخليجي فيقول: «أحب هذا المهرجان وأحب عروضه، ففيه تنوع، وفيه مخرجون وضعوا بصمة، وبالتالي فإنه مهرجان ثري بالعروض الممتعة والمتطورة»، ويضيف: «تظل هناك مشكلة في المسرح الخليجي لها علاقة بالجمهور، وهي بكل تأكيد ليست ذات صلة بالعروض، ومن المفترض أن مهمة المسرح الأولى هي الوصول إلى الجمهور».

ويرى السيد أن دور الهيئة العربية للمسرح، لا يقتصر على تنظيم المهرجانات العربية، والنظر إليها انطلاقاً من خلال هذه الزاوية هو فهم خاطء، فهي تطلع بدور مهم في رفد المكتبة العربية بثقافة مسرحية متنوعة، من خلال مطبوعاتها وإصداراتها المتخصصة، ومؤخراً امتد نشاط الهيئة تنفيذاً لرؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لإقامة مهرجانات وطنية في كل الدول العربي، وهو الذي يؤهلها لتعلب دوراً فاعلاً في دعم الحراك الفني عربياً، والتعريف بهذا المسرح على مستوى العالم.

ويتحدث السيد عن معيقات العمل الفني في الدول العربية، فيذكر موضوع الرقابة الاجتماعية، فهي نوع من الرقابة التي تفرز منظومة من القيم الراسخة، بعيداً عما يعرف بالرقابة الرسمية، أو رقابة الدولة، وإذا أضفنا إلى ذلك ما هو سائد في كثير من البلدان العربية من أنواع الرقابات الشخصية، أو الذاتية من قبل المشتغلين في الحقل المسرحي، التي تدعي امتلاكها للحجة واليقين، فإننا نكون أمام رقابة حادة، يكون الخاسر معها هو الفن والجمهور والمسرح، وخسارة المسرح في أية دولة من الدول، تعني أننا حرمنا الجمهور من ثقافة الوعي والتنوير.

وعلى المستوى الدولي، يؤكد السيد أن هناك أشكالاً لا حصر لها من أشكال الرقابة التي يصفها ب«جماعات الضغط» التي تتحكم في كل أنواع القوى الناعمة، ومنها المسرح والتلفزيون، والكتابة، فأنت على سبيل المثال، لا تستطيع أن تعرض مسرحاً يناصر القضايا العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، والسبب يعود لجماعات الضغط واللوبيات الراديكالية التي تلعب دوراً لا يستهان به في المنع والمصادرة، هذه القوى، كما يصفها السيد هي أخطر بكثير من الرقابات الرسمية في الدول العربية والأجنبية.

 ظاهرة التجريب

وبوصفه أحد المبدعين الكبار، المنخرطين بالهم المسرحي في بلده مصر، يعتقد السيد أن المسرح المصري يشهد اليوم طفرة حقيقية على مستوى العروض الجيدة.

وهو ينفي كل ما يصدر هنا وهناك، من آراء ترى تراجعاً في الحركة المسرحية المصرية، سواء جاء ذلك من خلال الفضائيات، أو وسائل الاتصال المختلفة، كما يعلق على ظاهرة انتشار المسرح التجاري في مصر، التي يرى أنها يمكن أن تشتمل على تجارب جادة ورائعة.

وفي الإطار نفسه يشير السيد إلى ظاهرة المسرح التجريبي، ونموذج المبادرات الشبابية المتألقة على الدوام، فضلاّ عن مسرح الدولة الذي يشهد حالات نجاح كبيرة، وهذه التظاهرات في مجملها تشكل طفرة في رصيد المسرح المصري، قد لا تكون شبيهة بأية اتجاهات أخرى، فهي منخرطة في هموم وقضايا الجمهور، ومتواصلة معه، وتسجل نجاحات مبهرة.

 أزمة النص

في معرض ما بات يتردد كثيراً على ألسنة النقاد من أن المسرح العربي يشكو من أزمة في النصوص الواعية، يرى السيد أن مثل هذا الرأي لا يوجد في مصر، لاسيما وأن الشباب يلجأون في أعمالهم إلى الارتجال، ويمزجون بين العروض الدرامية الواقعية والتعبيرية بطريقة فنية وذكية، وقد حققت هذه العروض المرتجلة نجاحات كبيرة، فهناك المخرج المبدع خالد جلال، الذي يعد اليوم من أكبر المسرحيين الذين يقدمون عروضاً ارتجالية في مصر.

وينحاز السيد إلى المسرح الجماهيري بدرجة كبيرة، وهو يعتقد أن نجاح أي مسرح لا يتحقق من دون جمهور يتابعه، فيوضح: «قد أشاهد عرضاً رائعاً في دولة ما، لكنه يقدم أمام كراسي فارغة، وأنا أقول: لا يوجد في الدنيا عرض مسرحي ناجح، ما لم يكن هناك جمهور يتابعه».

السينوغرافيا

يعتقد السيد أن سينوغرافيا أي عرض مسرحي يجب ألا تحلق خارج مضمون النص، فالشكل وثيق الصلة بالمضمون، ويجب أن يكونا متلاحمين، وبالتالي فإن تقديم شكل مبهر من السينوغرافيا ليس دلالة نجاح على الإطلاق.

ويوجه السيد كلمة أخيرة للمشتغلين في الحقل المسرحي، خاصة الموهوبين الشباب، فيقول: «إذا دخلت في تنافس عليك أن ترتضي بالنتيجة أياً كانت، وليس معنى عدم فوزك أنك لم تصل، كما أن الظروف والمعطيات واللحظات التي تحكم طبيعة التنافس هي ظروف متغيرة وآنية، وتجربة الفوز والخسارة في المنافسات، تجربة مهمة لجهة تقييم الأداء، ومعرفة مكامن الإخفاق، والاستفادة منها في الأعمال التالية».

– : http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.