عبد الجبار خمران يكتب : الطيب الصديقي.. بديع المسرح المغربي #المغرب

الطيب الصديقي.. بديع المسرح المغربي – عبد الجبار خُمران #المغرب

يعد الطيب الصديقي حالة مسرحية وفنية بديعة يمكن تناول مساراتها الابداعية من مداخلَ عدة. فهو مخرج مسرحي مجدد، سينوغراف مكرَّس، مدير فني وإداري، مترجم، شاعر، مؤلف، دراماتورج، ممثل ورسام كاليغرافي… وفي هذا الحيز سنلقي الضوء على بعض من محطات الصديقي المسرحية التي تعتبر من طرف الدارسين لسيرته الفنية بمثابة منعطفات لمقارباته الجمالية المهمة والتي تحتاج إلى كثير من التأمل وسبر المخزون الذي تركه لنا واحد من أعمدة المسرح المغربي والعربي.

بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، وفي خضم بحثه عن مباراة تخول له التكوين في مجال الهندسة المعمارية التي عقد العزم على دراستها، عثر الطيب الصديقي (صدفة) في إحدى الجرائد على اعلان حول تدريب الفن المسرحي الذي نظمته مصلحة الشبيبة والرياضة عام 1954، والذي كان من بين مواده “الهندسة المسرحية” فجذبته كلمة الهندسة ليتقدم للمشاركة في التدريب الذي مكنه من الانضمام إلى فرقة التمثيل المغربي وليلعب في مسرحية “عمايل جحا” عام 1956 أول دور في مساره المسرحي والذي لم يسند إليه – كما يروي الصديقي – إلا (صدفة) أيضا، حيث عوّض فقط الممثل الاصلي في هذه المسرحية الذي حال المرض بينه وبين تشخيص دور جحا. ستقدم المسرحية في مسرح الامم بباريس وسينجح العرض. بعدها ولاستكمال تكوينه في المجال المسرحي سيشارك الصديقي في تدريب (بالمركز المسرحي لغرب فرنسا) بإدارة هوبير جينيو. وسيقوم أيضا بداية عام 1957 بتدريب كمساعد للمكلف بالمحافظة العامة في (المسرح الوطني الشعبي – TNP) بباريس الذي كان يديره أنذاك المخرج الفرنسي المعروف جان فيلار. كما سيستكمل خبرته في المدرسة العليا لستراسبورغ – ESS)

وليس صدفة أن يكون هذا المبدع واحدا من رواد ومؤسسي الحركة المسرحية في المغرب، فقد كان شغفه بالمسرح والثقافة وحبه للفنون عامة يفوق كل الحدود. قال مرة لعبد الله شقرون الذي وثق ذلك في كتابه “حياة في المسرح” : (هل نحن عاجزون عن وجود عمل يُدر علينا قوتا هنيئا، وعيشا كريما، وراحة أعصاب (…) هل تراني يا عبد الله غير مستطيع الحصول على عمل يقيني شرّ المتاعب والشحناء ؟ – ولكن هل أقدر؟ إن أرض الله واسعة، لكن خدمة بلادي بالوسيلة التي اعرفها، وسيلة التشخيص الفني والتمثيل المسرحي التي تشدني إلى هذه المهنة شدّا)

أول مسرحية أخرجها الطيب الصديقي مباشرة بعد عودته من فرنسا إلى المغرب كانت بعنوان “الوارث” التي اقتبسها عن مسرحية “Le Légataire universel ” للكاتب الفرنسي جان فرانسوا رينيار. قدمها مع (فرقة المسرح العمالي) التي أسسها بتعاون مع نقابة الاتحاد المغربي للشغل. سيُخرج بعدها مسرحية “المفتش” عن نص “Le Revizor ” للكاتب الروسي نيكولاي غوغول، فمسرحية “الجنس اللطيف” عن “L’Assemblée des femmes ” لأريسطوفان، والتي ستكون آخر مسرحية تقدمها (فرقة المسرح العمالي) في الشهور الاخيرة من عام 1959.

في عام 1960 وبطلب من الفرنسي روجي سيليريي مدير المسرح البلدي بمدينة الدار البيضاء وقتها، سيؤسس الطيب الصديقي فرقة تتخذ من هذا المسرح مقرا لها. ولن يقتصر الصديقي على الاشتغال مع الممثلين لانجاز العروض المسرحية فحسب حيث سيعمل على منحهم داخل فضاء المسرح فرصة التكوين والإطلاع على ثقافة فنية ومعرفية تشمل جميع المهن المسرحية. سيتخرج من (مدرسة مسرح الصديقي) من خلال الممارسة والتكوين ممثلات محترفات وممثلون موهوبون ومخرجون مسرحيون بل وفرق موسيقية لها أثرها العميق في وجدان المغاربة وتاريخ فنهم المعاصر كمجموعة ناس الغيوان الرائدة وجيل جيلالة وفرقة تاكدة… وغيرهم.

وفي مرحلة (فرقة المسرح البلدي) قدم الصديقي مجموعة من المسرحيات : مسرحية “قصة الحسناء” عن “الليدي كوديفا” لجان كانول، مسرحية “مولات الفندق” عن “رحلة شونغ لي” لساشا كيتري، مسرحية “محجوبة” عن “مدرسة النساء” لموليير ومسرحية “في انتظار مبروك” عن “في انتظار غودو” لصامويل بكيت و”فولبون” لبين جونسون.

سيغادر الطيب الصديقي وفرقته بناية المسرح البلدي في مارس 1962. ليؤسس فرقة مسرحية تحمل اسمه ويقدم رفقتها عرض “المصادفة” مقتبسا عن “لعبة الحب والمصادفة” لماريفو، ويخرج مسرحية “حميد وحمّاد” من تأليف المسرحي المغربي عبد الله شقرون، و”مومو بو خرصة” التي اقتبسها عن “آميدي أو كيف التخلص منه” ليوجين يونيسكو. كان الصديقي يعمل من خلال اقتباساته على توفير أرضية مسرحية صلبة خليقة بان تجعل منه على مستوى التجربة – إضافة إلى تكوينه الرصين – رجل مسرح متمرس بالكتابة والإخراج والسينوغرافيا والتمثيل والإدارة.. وأن يساهم أيضا في ضخ الريبرتوار المسرحي المغربي الناشئ بالعديد من النصوص العالمية والأسماء المسرحية المعروفة والمهمة من مختلف المدارس والتيارات المسرحية.

في أول موسم بعد عودته إلى بناية المسرح البلدي، الذي عين مديرا له هذه المرة عام 1965، وبعد أن راكم من الاقتباسات والاشتغالات التجريبية وتوظيف مختلف معارفه المسرحية على الخشبة سيُخرج الصديقي في أكتوبر 1965 “سلطان الطلبة” لعبد الصمد الكنفاوي، وهي مسرحية تستدعي واحدا من الفرجات الشعبية المغربية ارتبطت بطلبة جامعة القرويين وتعود بدايتها إلى عهد السلطان مولاي رشيد في القرن السابع عشر. بعد هذه المسرحية سيقدّم الصديقي على خشبة المسرح البلدي لأول مرة مسرحية من تأليفه بعنوان “في الطريق” وسيعيد تقديمها بعنوان “سيدي ياسين في الطريق” وهي المسرحية نفسها التي سيحولها بعد العديد من السنوات إلى فيلمه السينمائي المعروف “الزفت” عام 1983.

في عام 1967 ستعرف تجربة الصديقي منعطفا حاسما سيكون له تأثيره على المشهد المسرحي المغربي والعربي عندما سيُتحف الجمهور والنقاد والمتتبعين والمهتمين بالشأن المسرحي بواحدة من عيون المسرح المغربي، إنها مسرحية “ديوان سيدي عبد الرحمن المجدوب”. والشخصية المحور لهذا العمل هو “المجذوب” الشاعر الشعبي المغربي المعروف. شيّد الصديقي، في ما يشبه منعطفا فنيا جذريا، عرضه المسرحي هذا، على متون من الثقافة الشعبية ومشاهد من حياة المجذوب ونصوصه الشعرية بأسلوب فني يعتمد “الحلقة” قالبا فرجويا. إنها المرة الأولى في التاريخ القصير للمسرح المغربي – يقول د.خال أمين – نقل فيها الطيب الصديقي الحلقة باعتبارها فضاء جغرافيا وثقافيا وجماليا إلى البناية المسرحية باعتبارها فضاء للآخر الغربي المزروعة في المغرب.

ثم تتوالى مسرحيات الصديقي : “مولاي اسماعيل” نص سعيد الصديقي الأخ الأكبر للطيب الصديقي، العرض الذي قدم بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الفرقة – “النقشة” اقتبسها الصديقي عن “مذكرات مجنون” لنيكولاي غوغول وشخصها الممثل الجزائري أحمد أكومي – “الراس والشعكوكة” من تأليف سعيد الصديقي. ثم مسرحية “الأكباش يتمرنون” عام 1969 كتابة الطيب لعلج عن فكرة الصديقي، والتي لن تعرض إلا عرضا يتيما في الجزائر حيث ستمنع السلطات تقديمها في المغرب.

وبعد مسرحية “قدور نور وغندور” المقتبسة عن “فاندو وليز” لفرناندو أربال، سيلج الطيب الصديقي مسلحا بأدواته المسرحية التي راكمها من خلال تجاربه السابقة، فنا شعريا يكتنز بعناصر الدراما، ألا وهو فن الملحون. حيث سيعمل عام 1970 على إخراج مسرحية من أهم العروض الفرجوية في ريبرتوار المسرح المغربي، إنها مسرحية (الحراز) للكاتب عبد السلام الشرايبي. ورغم تقديم فرقة الوفاء المراكشية عام 1968 نفس المسرحية والصدى الكبير الذي خلفته لم يتردد الصديقي في إعادة تقديمها بصيغة مختلفة ( للأسف لم تحتفظ لنا الذاكرة المرئية بنسخة “حراز” فرقة الوفاء، وإلا كنا سنتوفر على توثيق ثاني مهم إلى جانب “حراز” الصديقي التي تم تصويرها بإخراج تلفزي للسينمائي المبدع محمد الركاب.

أما مقامات بديع الزمان الهمذاني الكامنة كمتن أدبي لما يناهز ألف سنة بين كتب الثرات، فقد كان لها مع الصديقي موعد عام 1971 حيث سيشتغل عليها مسرحيا بصيغة فرجوية لم يسبقه إليها أحد. ليست الجرأة في الإقدام على اقتباس نص ثراتي مسرحيا ما كان جديدا في تلك المرحلة أوفي هذه التجربة التي كان لها صداها الكبير وكرست اسم الصديقي كرائد مسرحي عربي.. بل الجديد هو إيجاد المعادل الفرجوي البصري والسينوغرافي الجمالي على خشبة مسرح سبعينيات القرن التاسع عشر لمقامات الهمذاني التي كتبت في القرن العاشر الميلادي. والتي لم تكتب كمشروع عرض مسرحي طبعا. لكنه لم يكن ينقص حكايات المقامات وشخصياتها وحواراتها ومواقفها ومشهدياتها المكتوبة إلا مخرجا موهوبا وذو ثقافة مسرحية تخوله القدرة على استنباط كل تلك العناصر المسرحية الثاوية في طي كتاب الهمذاني. والمقامات يعتبرها الصديقي “أول مسرح عربي مكتوب”.

سيعقب تجربة “مقامات بديع الزمان الهمذاني” الفريدة والتي جالت في بلدان عربية وغربية ووصلت حتى إيران، إخراج عديد من المسرحيات منها “النور والديجور” نص عبد السلام الشرايبي والصديق الصديقي – “كان يا مكان أو مغرب 73” نص محمد سعيد الصديقي والطيب الصديقي – “السفود” و”خرافة المسكين” النصين للطيب الصديقي.

في هذه الفترة سيبادر الصديقي إلى فكرة (المسرح الجوال) حيث سيتنقل بفرقته حاملا خيمة سيرك ليقدم المسرح للناس في الأماكن التي لا يصلها المسرح وسيكون للاسم الذي سيطلقه على فرقته منذ هذه اللحظة أكثر من دلالة (مسرح الناس). إنها مرحلة تعزز فيها خروج مسرح الصديقي إلى الساحات والاسواق والشوارع.

ستكون مسرحية “الغفران” لعز الدين المدني المقتبسة عن رسالة الغفران للمعري – كما تذكر المراجع المسرحية – آخر عرض ينجز في إطار المسرح البلدي قبل مغادرة الصديقي له عام 1976. وسيكون بعد تقديم مسرحية “بوكتف” لعبد الصمد الكنفاوي في ذكرى رحيل هذا الاخير 13 مارس 1976 توقف طويل للطيب الصديقي عن نشاطه المسرحي والذي سيدوم حوالي خمس سنوات.

في 1981 سيخرج الصديقي مسرحية ستتخذ من تاريخ مدينة الصويرة موضوعا لها “إيقاض السريرة في تاريخ الصويرة” النص لمحمد سعيد الصديقي. وبعد توقف آخر سيعود الصديقي عام 1984 إلى الخشبات بعرض “كتاب الإمتاع والمؤانسة أو أبو حيان التوحيدي” وهي مسرحية تستلهم حياة وموت أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء أبو حيان التوحيدي. وهي مسرحية كتبت وفق المعايير المسرحية الكلاسيكية، يقول عنها الصديقي، واقتباس كتابات التوحيدي يدخل في إطار إحياء النصوص الثراتية والتي يعتبرها صاحب عرض المقامات نصوصا حاملة لعناصر الدراما القابلة للتشخيص والإخراج على الخشبة كما أتبت ذلك بالملموس من خلال العروض التي قدمها.

بعد هذا العرض سيتصاعد الخط البياني لتجربة الطيب الصديقي المسرحية باتجاه مبادرة من نوع خاص. وهي إخراج مسرحية “ألف حكاية وحكاية في سوق عكاظ”. مسرحية عربية يعتبرها الصديقي من أهم التجارب التي أنجزها وكان قد سماها ونضال الأشقر بعيد مسرحي، وكذلك كان.. عيد احتفل فيه ممثلون وفنانون من دول عربية مختلفة وفجروا فيه إبداعاتهم ومهاراتهم الفنية وداعبوا عبره حلم لمّ الشمل. التأليف لوليد سيف عن فكرة نضال الاشقر التي أنتجت المسرحية للمساهمة في مهرجان جرش بالاردن، موسيقى العرض من توقيع منير بشير. وقد عرضت في عدة مدن عبر العالم ومنها لندن بالمسرح (روايال ألبيرت هول) العريق. وتعتبر المسرحية أول وآخر تجربة إبداعية في المشهد المسرحي العربي في تجربة الطيب الصديقي اجتمع فيها ممثلون وفنانون من عدة أقطار عربية.

وغني عن الذكر أن الصديقي قدم مجموعة من العروض المسرحية باللغة الفرنسية من تأليفه وإخراجه داخل وخارج المغرب منها “الشامات السبع” عام 1991، “خلقنا لنتفاهم” 1993، “موليير أو من أجل حب الإنسانية” 1996… وعروض أخرى زاوج فيها بين اللغة الفرنسية والدارجة المغربية كمسرحية “ليلة هدم المسرح” 2002 و “عزيزي” 2005 والتي انجزها تكريما لاخيه سعيد الصديقي الملقب ب “عزيزي”.

مرحلة التسيعنيات سيركز فيها الطيب الصديقي وافر جهده للبحث في (البْساط) ذلك الشكل الفرجوي الذي عرفه المغرب في القرن الثامن عشر زمن السلطان محمد بن عبد الله (1757 – 1790). وهو عبارة عن تمثيليات تقدم أمام السلطان تتضمن في الغالب شكاوى من رجال السلطة. وإذا كان مسرح (البساط) يقوم على الترفيه والنقد الاجتماعي، فإنه – يقول د.حسن المنيعي – قد ابتدع شخصيات أمثال «الساط» الذي يرمز إلى القوة، و«حديدان» الذي يتألق بنكران الذات وحب الغير. أما الممثلون، فقد كانت لهم أسماء خاصة نذكر منها «البوهو» و«لمسيح».

ومن (بساطات) الصديقي الفرجوية كتابة وإخراجا وسينوغرافية: “جنان الشيبة” “ولو كانت فولة” “قفطان الحب المرصع بالهوى” “السحور عند المسلمين، اليهود والنصارى” “الفيل والسراويل”… وقد اشتغل الصديقي على المفردات الفرجوية الشعبية التي تزخر بها الثقافة الشفوية والبصرية المغربية لصناعة فرجة (بساطاته) وذلك وفق منظور فني وجمالي لا يتكأ على مهاراته في نحث منطوق الشخصيات فحسب بل طريقة نطق وأداء الممثلين أيضا، وليس على الموروث الشفوي فقط بل مخزون الذاكرة الجمعية من التعبير الجسدي أيضا، وليس تأثيت الفضاء بمفردات الفرجة الشعبية وحدها بل توظيف المواد والألوان والكتل والأحجام والملابس بإحساس خاص ورؤية مخرج متمرس. مخرج خبر المسرح بمختلف أشكاله وأساليبه الكلاسيكية منها والمعاصرة وأشرِب في وجدانه وفكره ثقافة موروثنا الشعبي الفرجوي فانصهر كل ذلك في عروضه ليصنع صورة خاصة للفرجة المسرحية التي نُحثت وتطورت وفق صيغة دراماتورجية صدّيقية مبتكرة.

يقول د.حسن المنيعي:” أطلق الطيب الصديقي رسميا تسمية (البساط) على الشكل المسرحي الذي يمارسه، ليقف إلى جانب المسارح العالمية باعتباره صيغة درامية تنفتح على كل الفنون، وعلى كل القيم الكونية (…) لهذا لعب دورا كبيرا في تاريخ المسرح العالمي ما دام أنه حاضر بقوة في الإنتاجية المسرحية العربية، وكذا في البحث الجامعي (في المغرب وخارجه) وخصوصا في ذاكرة الجمهور الذي طالما استمتع بتجربته (…) إنه فنان يستحق أن نفخر به “.

عبد الجبار خمران – المغرب

—————————————————————-
* اعتمدنا في الاحالات على، “دليل المسرح المغربي” د.أحمد مسعاية – “المسرح في المغرب.. بنيات واتجاهات” د.عبد الواحد عوزري – “عن المسرح المغربي.. المسار والهوية” د.حسن المنيعي – “الفن المسرحي وأسطورة الأصل” د.خالد أمين.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *