عاطف بن حسين مستشار المسرح والسينما بوزارة الثقافة:انتظروا اصلاحات شاملة وموجعة

atef-ben-hessine-300x184

“لوبوان تي آن” التقت عاطف بن حسين، مستشار المسرح والسينما لدى وزيرة الثقافة، الذي تحدث الينا عن مشروع مسرح المدينة والإصلاحات العاجلة التي ستقدم عليها وزارة الثقافة.

مع عاطف بن حسين كان هذا اللقاء:

 خمسة اشهر ..ماذا تحقق

كل وزير او مسؤول يعين يسعى الى التعويل على كفاءات يعرفها، والسيدة الوزيرة لم تشد على هذه القاعدة حيث اعتمدت على ثلاث مستشارين في الموسيقى والادب والمسرح والسينما ، وهم ميدانيون.. واتفقنا على برنامج عمل واضح انطلقنا في تنفيذه عبر قنوات اتصال بأغلب الفاعلين في المسرح والسينما من مبدا ان الواقع الحالي لا يمكن ان يستمر باي حال من الاحوال خاصة مع التركة الثقيلة لحكومة الترويكا التي عمقت ازمة القطاع الثقافي واهانت مبدعيه وشرعت الاعتداء عليهم في أكثر من مناسبة المسرح وجود كامل.

 تقهقر المسرح في السنوات الاخيرة 

انطلقنا بنية الاصلاح وتأسيس قاعد جديدة في التعامل تنبني على النزاهة والبحث عن الابداع الحقيقي والقطع مع الممارسات الارتجالية التي سادت لفترة ليست بالهينة٬ بعد تنصل الدولة عن دورها في متابعة وتنظيم الممارسات الفنية ٬ حيث غرقت الثقافة في مستنقع المحسوبية والتزيين الحزبي العقيم وبالتالي فإننا اليوم بصدد البحث عن وسائل جديدة أكثر نجاعة وقادرة على اعادة المسرح للواجهة الاجتماعية وللأسف ٬فان المشاكل لا حصر لها وعميقة.

 ثقافة فاعلة و مسرح قوي وقادر على الاشعاع الدولي

اليوم لا نملك فرضية اخرى غير النجاح في ارساء مسرح قوي وقادر على الاشعاع الدولي ٬ ولهذا فان اعادة هيكلة هذا القطاع من اساسه هي مسؤولية عاجلة ٬ ومن هذا المنطلق قدمنا مقترحا لمشروع سميناه مسرح المدينة ايمانا منا ان المسرح روح المدينة وسحرها ..ويعتمد هذا البرنامج الذي لا يتعارض مع القوانين الموجودة على اعادة النظر في الدعم الذي كان يوزع في كثير من الاحيان حسب الولاءات وكترضيات وهذا لن يستمر اليوم طالما نحن موجودون ..الباب مفتوح امام المبدعين الذين نحتو مسيرة حافلة بالنجاحات وطنيا وخارجيا سواء مسرحيينا الكبار الدي نفتخر بهم او الجيل الجديد الدي وصل الى مستوى مرموق عربيا وتشهد له العديد من الجهات بالتميز والجدية ..وصار لزاما على الدولة الالتفاف حولهم ٬ فهم ابناؤها وعليها اسنادهم بقوة حتى يواصلوا مسارهم الابداعي الذي بدوؤه ..فالدعم ليس هبة ٬ بل حق يناله الفنان الاجدر ٬ حيث سنعمل على ان يوزع بدقة مما سيخلق تحسنا ملحوظا على الممارسة والترويج وحضور الجمهور.

 مراجعة القوانين وتحيينها في ظل المعطيات الجديدة … من بين الاولويات

صار لزاما النظر في القوانين المعطلة للفعل وصياغتها بشكل أكثر معاصرة ومتفاعلة مع المرحلة التي نحياها ولن نتوانى عن استشارة المسرحيين ورجال القانون حول هذه المسالة الشائكة فليس من المعقول ان تسند بطاقات الاحتراف بتلك الشاكلة المتخلفة.
كل من يريد نيل بطاقة الاحتراف يتمتع بحلقات تكوينية صارمة واقامات في أكثر من مدينة حتى يكتسب اليات الاداء ويفهم اسرار العملية المسرحية ثم يعرض منتوجه على لجان خاصة ترشحه وتأجله لمناسبة اخرى حسب امكانياته وهذا مهم بالنسبة للساحة المسرحية ٬ حيث يكون الحضور للأجدر والاقدر ٬ دون ان ننسى رغبة الوزارة في القيام ببعثات تكوينية بالنسبة لمخرجيين وتقنيين وممثلين في روسيا وفرنسا وغيرها من الدول التي سنفتح معها جسور تواصل ستعود بالفائدة.

دور الثقافة…دور الفن

في مسرح المدينة ستتحول دورالثقافة  من فضاءات جامدة ساكنة الى حراك ثقافي وزخم ابداعي سنلاحظه مع مرور الوقت ٬ خاصة وان كل مسرحي ينال دعم الوزارة سيتكفل بإعطاء رؤيته في كيفية تحويل هذا الفضاء الى دار للفن بتجهيزاتها وتقنياتها وبرامجها طيلة سنة كاملة ٬ وبالتالي فإننا نخلق نواة مثمرة لإحياء المدينة عبر المسرح ونتمنى ان ينخرط فيها كل الفاعلين من سياسيين واعلاميين ورؤوس اموال فلا خيارات لدينا سوى اكتساح الفضاء العام واستقطاب التلميذ والجامعي والمواطن العادي ٬ ونحن متفائلون جدا بنجاح التجربة لأننا على ثقة بمبدعينا وطموحاتهم ٬ فأما التأسيس واما التلفيق ٬ وقد اخترنا القرار الصعب.

 دعم المخرجين الجدد

اليوم اعددنا ميزانية محترمة لدعم سبعة اعمال لمخرجين اول مرة يخوضون مهمة الاخراج ٬ وكل مشروع ينال خمسة عشر الف دينار ٬ وهذا يدخل في باب الاخذ بيد الخريجين الجدد واعطاءهم الفرصة المناسبة لإبراز قدراتهم والدخول في دورات الدعم القادمة ٬ فالوزارة لم تعد ممول فقط بل شريك في الابداع ٬ وشيئا فشيئا تكبر الطموحات وتولد المشاريع الجديدة وتنتشر الممارسة وتبنى مسارح وقاعات سينما ٬ وهذه ليست اوهام موجودة في راس المستشار المثالي كما يقول البعض ٬ بل هي ارادة دولة في التغيير.

 اعادة النظر في ملف التمويل

ميزانية الثقافة اليوم لا تستجيب للطموحات فهي لا تكفي لبناء مسرح وهذا واقع مرير نبهنا له منذ زمن ووجبت مراجعته ٬ فلا يمكن ان ننتج عروض فرجوية عالمية بإمكانيات مضحكة بالنظر الى تغير المعيشة في تونس وتعقد وضعية الفنان ٬ ومن هذا المنطلق يبدا التفكير في مضاعفة الميزانية والبحث في موارد جديدة من خلال الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والتمويل الداخلي ٬ واعتقد ان هناك تجاوب من مجلس النواب والحكومة واستشعار لضرورة بناء ثقافة جديدة بعيدا عن الممارسات المهترئة التي لم تنتج سوى الفشل ٬ وبالتالي فان القيمة المادية للعرض ستتحسن وأجور الفنانين والتقنيين ايضا اضافة الى التنسيق مع وزارة المالية في مسالة الجباية التي اثقلت كاهل الشركات الخاصة.

  مسرح الهواية ووضعية الفنان

باستشارة المعنيين والفاعلين سنسعى لإعادة القوة لمسرح الهواية عبر احداث برامج تكوين دائمة وملتقيات مسرحية كبرى في اربع اقاليم مع اسناد جوائز معتبرة وهذا سيمثل محفزا لتجويد الاعمال والتركيز على الجانب الابداعي ويغدو مسرح الهواية نواة لإنتاج مسرحيين كبار كما كان في السابق ٬ هذا اضافة الى المضي في مشروع ايجاد مراكز فنون درامية جديدة وخاصة المستعجلة منها في قبلي والمهدية ٬ والبرامج حاضرة بالنسبة لباقي الولايات والمهم ان نجد الكفاءات الازمة لإدارتها بنجاعة.. واعتقد ان تجربة المراكز الدرامية تجربة ناجحة وستتدعم اكثر ٬ فكل مركز سينتج ما لا يقل عن ثلاثة اعمال سنويا وما يوفره ذلك من فرصة للفنيين والممثلين للعمل طيلة السنة ٬ وسنصل الى جعل المسرح صناعة بكل ما فيها من انتاجات مسترسلة ودائمة وهذا سيحسن من وضعية الفنان وينهض بواقعه فيصبح قادرا على ممارسة المسرح دون خوف من المستقبل الغامض اضافة الى تدعيم الفضاءات الخاصة وحثها على الانتاج وتشغيل الكفاءات على مدار السنة ..
وهدا ايضا يهم قطاع السينما الذي سنتحدث فيه في لقاءات قادمة حيث سنركز على الكتابة السينمائية ودلك بتحويل العديد من الروايات التونسية المعاصرة لأفلام طويلة وسنقنن الدعم وسنسعى الى تكثيف الانتاج السينمائي الدي تقهقر في السنوات الاخيرة ولم يعد حاضرا في المهرجانات العالمية ٬ وهدا مسيء لتجربة سينمائية تونسية عريقة.

نحو ثقافة فعلية تجسم الديمقراطية وتعزز قيم المواطنة

انا هنا لا لطموحات سياسية ٬ لدي سوى حبي لتونس وعشقي للمسرح واحترامي للمسرحيين والسينمائيين والفنانين عامة ٬ وبالتالي فسعيي الدؤوب لتحسين الممارسة ينطلق من موقعي المسؤول ٬ فسيحاسبني التاريخ ان تهاونت او تلكئت في معالجة القضايا الحارقة او غلبت انانيتي على حساب مستقبل المسرح والسينما ٬ وسأسعى للتواصل مع كل من له القدرة على الاضافة دون اقصاء ٬ ولعل ورشة التفكير في المسرح التي عقدت مؤخرا ٬ مؤشر صحي يدل على ان الوزارة تتحول تدريجيا الى خلية نحل تعمل بشكل مضني من اجل ان تصبح الثقافة هوية فعلية ومنطقة سيادة تجسم الديمقراطية التي نحلم بها وتعزز قيم المواطنة في مجتمع اثبت قدرته على التميز اذا ما توفرت الامكانيات والارضية الملائمة.

حوار سهير اللحياني

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *