ظلال النص، قراءات في المسرح المغربي.. الكتاب الأول (*) – محمد بهجاجي #المغرب

ظلال النص، قراءات في المسرح المغربي.. الكتاب الأول (*) – محمد بهجاجي #المغرب

مثل سفر أول

حين أقدمت على نشر كتابي الأول “ظلال النص، قراءات في المسرح المغربي” سنة 1991، كانت تتوزعني مشاعر السعادة التي تساور عادة كل من يُقبل على الخطوة الأولى في السفر أو في الحب، وأيضا مشاعر الثقة والاقتناع بأن ما أنا مقبل عليه قد يضيف شيئا إلى المتن النقدي الذي واكب المسرح المغربي منذ نشوئه إلى الامتدادات. ولذلك جمعت الدراسات والمقالات التي كنت قد نشرتها على امتداد عقد الثمانينيات، والتي تلتقي حول مشروع قراءة المسرح في بعده النصي، وكذا تجليات العرض وقد أصبح كثافة إشارية ودلالية في طموح أن أرصد النص المسرحي المغربي، وقد أصبح ظلالا تتناثر على الخشاب وفي مخيل الجمهور.
هيأت هذه الدراسات والمقالات بعد التنسيق والمراجعة، وقدمتها للطبع بدار النشر المغربية بالدار البيضاء.

وعلى الطريق كانت أسماء طيبة تمد لي يد العون لإنجاز هذه الخطوة الأولى. أذكر تحديدا أستاذنا حسن المنيعي الذي شملني بعطف خاص، وشرفني بكلمة تقديمية تحتفي بالكتاب وتتفهم طموحي في أن أسهم إلى جانب نقاد المسرح وقرائه في إثراء فعل القراءة المسرحية ببلادنا.

لا أذكر فقط هذه الأسماء من باب الشكر والامتنان، ولكن أيضا لأنبه إلى شيء أساسي: حاجة الشباب الدائمة إلى من يضئ سبيلهم ويقود خطاهم، وحاجة “الكبار” إلى ضرورة أن ينتبهوا إلى نبض الكتاب الشباب، وإلى رعايتهم ومد يد العون إليهم. الطريق لا تكون كذلك بدون قناديل أو علامة استدلال.

في هذا الإطار أستعيد بتقدير عال قيمة المبادرة الكريمة التي أقدمت عليها وزارة الثقافة أيام الشاعر محمد الأشعري من خلال إصدار الكتاب الأول، والتي كان من ثمارها أن صدرت مجموعة من العناوين الإبداعية المميزة. أؤكد هنا أن الحاجة لا تزال قائمة من أجل استئناف مبادرة الكتاب الأول، سواء من طرف وزارة الثقافة أو من طرف غيرها من المؤسسات الثقافية النشيطة في إطار المجتمع المدني. مثلما الحاجة قائمة دائما إلى مواصلة التفكير في انتهاج سياسة فعالة لدعم الكتاب المغربي نشرا وتوزيعا وإشعاعا، ولدعم مقاولات النشر وفق دفتر تحملات واضح البنود. وفي صدارة هذه البنود إيلاء الكتاب الأول ما يستحق من عناية وإدراك لأهمية الاستثمار الرمزي.

مرت اليوم على تاريخ إصداري الأول عشرون سنة أصدرت خلالها كتابين : “الحفل التنكري” سنة 1996، “والمهدي المنجرة- مسار فكر”، بالاشتراك مع الشاعر حسن نجمي سنة 1997 .

خلال العقدين أيضا ألفت وأعددت مجموعة من النصوص المسرحية قدم بعضها مسرح اليوم بإدارة ثريا جبران وإخراج عبد الواحد عوزري (البتول، العيطة عليك، امرأة غاضبة، الجنرال..). وأنا اليوم بصدد الإعداد لنشر كتب جديدة، لكنني أعترف أنني، بعض مرور العقدين، صرت أفتقد تلك المشاعر التي رافقت كتابي الأول، والتي كانت تعطيني الانطباع بأن النفس سعيدة والخطو واثق.

ربما يتم ذلك بسبب انكسار في مكان ما، أو ببساطة أكثر، لأننا بعد الكتب الأولى نتصور أننا أنجزنا الخطوة الأولى، والحال أننا لم نكتب بعد كتابنا الأول إطلاقا. لأجل ذلك يظل الكتاب الأول عالقا في الذكرى تماما مثل قبلة أولى.

دجنبر 2011

(*) كان من الوارد أن تدرج هذه الورقة ضمن مواد الكتاب الذي أعدته وزارة الثقافة حول الكتاب الأول، الصادر بمناسبة للدورة الأخيرة للمعرض الدولي للنشر والكتاب (فبراير 20012). لكن مانعا من جهتي جعلني أتأخر في إرسال المادة في الوقت المناسب. أنشرها الآن مع تجديد الاعتذار إلى أطر مديرية الكتاب.

محمد بهجاجي – المغرب

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش