«ضلع مؤنث سالم» تفتتح عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب

 

دبي: علاء الدين محمود

انطلقت مساء أمس الأول على خشبة «المسرح للجميع» في «مول الإمارات» بدبي، فعاليات النسخة 12 من مهرجان دبي لمسرح الشباب، برعاية هيئة الثقافة والفنون في دبي وسط حضور لافت تقدمه د. سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في الهيئة، وفاطمة الجلاف، مديرة إدارة الفنون الأدائية بالإنابة، وتستمر فعاليات المهرجان حتى 25 نوفمبر الجاري.

في حفل الافتتاح الذي سبق العرض الأول للمهرجان، رحب بن خرباش بالحضور، مشيراً إلى خصوصية النسخة الحالية التي تأتي بعد غياب بسبب «كورونا» وتتزامن مع احتفال الدولة بعامها الخمسين، مؤكدا أن«دبي للثقافة» ترحب بكل المبدعين من أجل أن يسهموا بفكرهم ورسالتهم النبيلة في إلهام أبناء وبنات الوطن للسير على خطى الآباء المؤسسين والقيادة الحكيمة، لافتاً إلى أن المهرجان ظل يدعم المواهب، ويسهم في عملية الاقتصاد الإبداعي لدبي، وتحقيق رؤيتها كعاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي، مشيراً إلى توفر قاعدة قوية لتأسيس مسرح إماراتي على مستوى عالمي.

من جهتها أعربت فاطمة الجلاف، مديرة إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في«دبي للثقافة»عن فخرها بانطلاق هذه النسخة من المهرجان لتعيد التواصل بين الجمهور والفنانين على خشبة المسرح، مؤكدةً أن استمرار المهرجان على مدار السنوات الماضية، حتى دورته الجديدة يعكس نجاحه في تحفيز إبداعات الشباب. وأعادت الجلاف تأكيد التزام دبي للثقافة بدعم المواهب المسرحية المحلية من الإمارات والمنطقة، وصولاً إلى ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للثقافة.

وأعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان عن أسماء لجنة التحكيم، برئاسة المسرحي وليد الجلاف الزعابي وعضوية علي جمال، محمد أحمد يوسف، وإبراهيم سالم البيرق.

عرض الافتتاح جاء بعنوان«ضلع مؤنث سالم» لفرقة جمعية دبا الحصن للثقافة والفنون والمسرح، وهو من تأليف الفنانة الشابة عبير الجسمي، وإخراج الممثل الشاب محمد جمعة علي، ومعالجة درامية للفنان عثمان الشطي.

تألفت المسرحية من عرض ثنائي، لعبت فيه الجسمي، دور البطلة «حياة»، بينما كان الممثل عيسى مراد، بمثابة الظل، أو صدى الصوت، لشخصية البطلة، والعرض يتحدث عن قضية المرأة في بعض المجتمعات حيث الهيمنة الذكورية، فيتعرضن للاضطهاد وسوء المعاملة، ويعشن ظروفاً قاسية من قبل المجتمع، خاصة أولئك اللواتي تضطرهن الظروف للخروج إلى سوق العمل، وذلك ما حدث تماماً «حياة»، التي تعمل تارة عاملة منزل، وتقابل باستعلائية من قبل أهل البيت الذي تخدم فيه، فيترصدها رب البيت الذي عمل جاهداً للنيل منها حتى لقي ما أراد عنوة، ولكن تلك ليست المرة الأخيرة، فقد ظلت المسكينة تتعرض لذات الفعل في كل المهن البسيطة التي مارستها، فعندما مارست مهنة بائعة ورود تعرضت لذات الأمر من المضايقات من قبل الرجل، لكن الحياة تمضي بالفتاة، وكلها أمل وإصرار أن يتغير ذلك الواقع يوماً ما، لذلك أطلقت على الجنين الذي تحمله في أحشائها اسم «أمل»، ولربما يكون مقدمه بشارة خير على العالم، تقلب الموازين، وتعيد ترتيب الحياة من أجل أن تعود إليها القيم التي ضيعتها البشرية.

مسرح القسوة

العرض حاول أن يقدم معالجة درامية مختلفة لمسألة النظر إلى المرأة كسلعة، أو كشيء فاقد الأهمية، وهي ضمن محاولات حملتها عروض عديدة، تناولت حقوق المرأة باعتبارها قضية مستمرة وحاضرة في كل الأزمان دون حل، ولعل ما يجعل العمل عصرياً، أنه فتح على مشاكل الراهن الذي تسود فيه ثقافة الاستهلاك وتسليع الفرد، رغم التطور الكبير الذي شهده العالم خلال القرون الأخيرة، بفضل التعليم، إلا أن موضوع المرأة ظل شائكاً ومعقداً، لأن الكثير من المجتمعات مازالت أسيرة منظومة من السلوكيات البالية، الأمر الذي يجعل النساء في كفاح مستمر من أجل أن يحرزن بعض التقدم ونيل حقوقهن.

العرض ينتمي إلى مسرح القسوة، حيث السواد، والرؤى القاتمة، فاجتهد المخرج لكي يجعل العرض متفقاً مع موضوع القصة، فركز على بقع الضوء من أجل إظهار الحالات النفسية، وخفض من مفردات الديكور، واستعان بحوارية تعكس الأوجاع والألم.

براعة الأداء

عقب العرض، عقدت ندوة تطبيقية حول العمل، أدارها حسن يوسف، وأكد المشاركون من النقاد أن العرض جاء مميزاً، وأشادوا بشكل خاص بمؤلفة العمل لكونها تخوض أولى تجاربها في التأليف المسرحي، وأشاروا إلى أن الأداء التمثيلي جاء مميزاً، وأن الكآبة والسوداوية التي احتشد بها العمل جاءت من أجل خدمة العرض الذي ينتمي إلى مسرح القسوة، وذكر بعضهم أن التعامل مع الإضاءة جاء ثقيلاً وكان من الممكن توظيفها بصورة أفضل لكي تظهر تعبيرات الوجه، وأكد النقاد أن الحضور الجماهيري يشير إلى نجاح المهرجان.

من جانبها أوضحت الكاتبة عبير الجسمي، مؤلفة العمل، أنها المرة الأولى التي تخوض فيها عملية الكتابة، مشيرة إلى صعوبة التجربة، موضحة أن العمل يبرز ما تلقاه المرأة العربية في بعض المجتمعات، مشيدة بالتعامل الذي تجده المرأة الإماراتية من قبل قيادة الدولة، مؤكدة أن المرأة الإمارتية حققت الكثير من النجاحات، خاصة أن قيادات الدولة ظلت تولي اهتماماً خاصاً بهذا الأمر الذي جعلها تتقدم الصفوف، فكانت الإمارات من الدول التي تتولى فيها النساء وظائف قيادية في الدولة.

معرض للتصوير الضوئي المسرحي يواكب المهرجان

تناغماً مع رسالة مهرجان دبي لمسرح الشباب في دعم المواهب المبدعة في الإمارة، وبالتعاون بين هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» ومركز عكاس للفنون البصرية، تشهد فعاليات دورة 2021 من المهرجان معرضاً فنياً مبتكراً للتصوير الضوئي المسرحي تحت عنوان «ما بعد العمل المسرحي»، حيث يصاحب المهرجان على مدار أسبوعه الذي يستمر من 19 حتى 25 نوفمبر الجاري.

وتناغماً مع الأولويات القطاعية لخريطة طريق استراتيجية «دبي للثقافة» المتمثلة في تمكين المواهب المحلية من الإماراتيين والمقيمين على حد سواء، وجعل الثقافة والفن في متناول الجميع وفي كل مكان، دعت «دبي للثقافة» مركز عكاس للفنون البصرية ممثلة بثلاثة فنانين محليين شباب مبدعين في مجال التصوير الضوئي لحضور العروض التقييمية وتصويرها، ومن ثم تقديم صور فنية عالية المستوى تحاكي التفاعلات المختلفة على خشبة المسرح، في مبادرة تهدف أيضاً إلى إثراء فعاليات هذه الدورة من المهرجان، وإبراز الجهود التي يبذلها الفنانون الشباب على خشبات المسارح.

وشارك في التصوير وإخراج المعرض، الذي يضم صوراً رئيسية من المسرحيات المشاركة في مهرجان دبي لمسرح الشباب، كل من الفنانَين الإماراتيين فيصل الريس ومحمد الظاهري، والفنانة الإيرانية مهسا نامور المقيمة في دبي، حيث التقطوا صوراً فوتوغرافية فنية للعروض المسرحية وتم جمع الصور وإخراجها بطريقة فنية ليتم عرضها في أثناء فترة المهرجان.

وحول أهمية هذا النوع من التصوير، قال الفنان جاسم العوضي، مؤسس مركز عكاس: «يعكس التصوير الضوئي المسرحي جماليات فن المسرح ويوثق له، مشكلاً أرشيفاً بصرياً مرجعياً عن الأعمال المسرحية. وينطوي هذا النوع من التصوير على مزيج من التناغم الحركي والانفعالي للممثلين على خشبة المسرح.

 

https://www.alkhaleej.ae/

 

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.