ضرورة مسرح الطفل

 

تأتي الدورة الحالية من مسرح الطفل التي تحتضنها الشارقة، لتؤكد دور المسرح وأهميته المعرفية والفنية والجمالية في حياة المجتمع على اختلاف توجهاته وفئاته العمرية، ولعل أهمية مسرح الطفل بصفة خاصة تكمن في مسؤولية نقل هذه المعرفة والمشاركة في صياغتها وممارستها، الأمر الذي يعكس تمثلاً لبنية المجتمع، ويشرح الرؤى وآفاق الوجود المستقبلية.

إن التعاطي مع الطفل وموقعه الإنساني في المجتمع، يتطلب إدراكاً ووعياً عميقاً نفسياً واجتماعياً ومعرفياً بهذا الطفل واحتياجاته، ومن هنا أيضاً فإن على مسرح الطفل أن يأخذ بعين الاعتبار الحيثيات السابقة، ليكون أكثر فاعلية وتأثيراً لدى الفئة العمرية التي يتوجه إليها ولكي يحقق أفضل النتائج المرجوة منه.

إن العمل المسرحي يتطلب تفهماً واسعاً ودقيقاً لنفسية الطفل وظروفه وإمكاناته المختلفة، فهو أحد الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية الطفل تنمية عقلية وفكرية واجتماعية ونفسية وعلمية ولغوية وجسمية، وهو فن درامي موجه للأطفال يحمل منظومة من القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية.

وتتأكد أهمية مسرح الطفل، يما يحققه من تسلية وإمتاع لهذا الطفل، وتنمية قدرته على التعبير وفتح أفقه ومداركه على عوالم أكثر سعة وخيالاً. 

في ظل هيمنة وسائل الاتصال الاجتماعية الجديدة، التي ظهرت نتيجة للتطور المادي والتكنولوجي، والتي باتت تغزو العالم بأسره، إلى درجة لم يعد أحد بمنأى عن تأثيرها والتأثر بها، يصبح مسرح الطفل قلعة يمكن التحصّن فيها من خلال فضائه الرحب الذي يوفر مختلف أشكال الفنون والفرجة، التي تعتمد أساساً على الصورة، هذه الوسيلة التي تعد الأكثر تقبلاً عند الطفل كقناة للمعرفة، لذلك فإن من الأهمية بمكان حضور مسرح طفل يوازي في إبهاره ما يتعرض له الطفل من إبهار برامج التقنيات الحديثة، والتطبيقات الشاملة والمتجددة وذات القدرة على استيعاب اهتماماته وصرفه عن كل العوامل التربوية التقليدية الأخرى التي كانت سائدة في زمن ما قبل الثورة التقنية.

لذلك تنبع ضرورة عدم الاكتفاء بالوسائل المسرحية القديمة كمسرح الظل والدمى وغيرهما، وإيجاد وسائل جديدة، تحقق أعلى درجات التواصل مع الطفل، لأن المسرح يعد من أنسب الأشكال الفنية للتواصل مع الطفل والتعبير عن عالمه الخاص، بما يتوفر فيه من تقنيات وأدوات عالية التأثير تجذب انتباه الطفل، وتقدم مشهدية حركية ولونية وصوتية وحكاية تجعل بصر الطفل وسمعه وذهنه، مشدودة إلى الخشبة طوال العرض، يحبس أنفاسه ولا يستطيع أن يتحرك أو يلتفت مخافة أن تفوته حركة أو سكنة من الممثلين، إضافة إلى ما يمكن أن يولده المسرح من أهمية للطفل كالتقليد والمحاكاة والخيال.

————————————————————–

المصدر: مجلة الفنون المسرحية – غيث خوري – الخليج

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *